اشارت صحيفة "​وول ستريت جورنال​" في ​تقرير​ الى إن "​الولايات المتحدة​ وحلفاءها ومؤسسات الرقابة المالية الغربية تمارس ضغوطا على ​المصرف المركزي​ ال​لبنان​ي كجزء من محاولة لتهميش ​حزب الله​ ومعارضة ​الفساد​ وتخفيف المشاكل السياسية والاقتصادية للبلد". وتطالب الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها ومنذ أشهر برقابة مالية على المصرف المركزي الذي يعتقدون أنه قد يكشف عن عمليات غسيل أموال وروابط للمسؤولين البارزين في حزب الله، بما في ذلك المصرف المركزي.

وتشمل التهديدات على المصرف المركزي فرض ال​عقوبات​ حسب مسؤولين غربيين، وهي خطوة نادرة عادة ما تفرضها الولايات المتحدة على أعدائها في ​كوريا الشمالية​ و​إيران​ و​فنزويلا​. وعادة ما يقوم التدقيق المالي بالفحص والتدقيق بحثا عن أدلة عن تزوير ونشاطات أخرى يمكن أن تستخدم في ​القضاء​. وتستخدم ​واشنطن​ حاجة لبنان ل​مساعدات​ مالية عاجلة من أجل الحصول على التدقيق وتسليط ضوء على عمليات ​البنك المركزي​ الغامضة كما يقول مسؤول.

ولم تنجح جهود التدقيق هذا الشهر عندما قررت الجهة التي كلفت بالعملية الانسحاب بسبب ما قالت إنه عدم حصولها على منفذ لسجلات البنك المركزي. وقال رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ حسان دياب: "اليوم أحبطوا تدقيقا جنائيا"، وذلك بعدما أعلنت ​وزارة المالية​ في 20 تشرين الثاني أن شركة التدقيقات المالية ومقرها ​نيويورك​ "ألفاريز أند مارسال" تراجعت عن العمل، مشيرة إلى أطراف لم تحددها في البلد. وقال مسؤولون غربيون ولبنانيون حاليون وسابقون إن الجهات السياسية والاقتصادية المؤثرة في لبنان عرقلت الجهود الدولية لتعريض مصرف لبنان لمراجعة من القمة إلى الأسفل.

ومن بين الذين يقومون بعرقلة التدقيق حاكم بنك لبنان والمسؤولون ​اللبنانيون​ الذي يشرفون على التنظيمات المالية ممن لهم علاقة مع حزب الله بشكل يجعلهم عرضة للعقوبات الأميركية وحلفاء أميركا. وفي زيارة لمساعد ​وزير الخارجية​ للشؤون السياسية ​ديفيد هيل​ قام بها في آب عبر عن قلقه قائلا: "هناك حاجة للتركيز الكبير على المصرف المركزي وحاجة لتدقيق حسابات المصرف المركزي حتى نستطيع فهم ما حدث بالضبط هناك". وأشارت الصحيفة إلى ​انفجار مرفأ بيروت​ الذي قتل فيه أكثر من 178 شخصا بسبب اشتعال ​نترات الأمونيوم​ المخزنة لوقت طويل في واحد من مستودعاته مما جعل الحاجة ماسة لمساعدات مالية عاجلة.

وبعد شهور من المماحكات حول تدقيق المصرف المركزي أدت إلى إفشال محادثات مع ​صندوق النقد الدولي​ لتقديم حزمة إنقاذ للبنان. وقال مسؤول سابق في وزارة المالية إن مراجعة كاملة غير قائمة طالما ظل حاكم المصرف ​رياض سلامة​ في منصبه الذي يشغله منذ 3 عقود. ورفض سلامة التعليق على أسئلة الصحيفة لكنه أنكر الاتهامات عن علاقته بالفساد وحزب الله. وظل المصرف عرضة للاحتجاجات كان آخرها الشهر الماضي عندما حاول متظاهرون دخوله بعد انهيار سعر ​الليرة اللبنانية​.

وقال مسؤولون أميركيون وحلفاء لهم إن الرقابة الضعيفة في مصرف لبنان ساعدت على انتشار الفساد الذي ذكر في سلسلة من العقوبات الأميركية. وقال المسؤولون إن مصرف لبنان كان محوريا في تمويل الجماعة المصنفة بالإرهابية لدى أميركا وهي حزب الله بما في ذلك هجمات ضد حلفاء أميركا. وهناك أدلة غذت القلق منها وثائق اطلعت عليها الصحيفة وتكشف أن مصرف لبنان سمح لحسابات معروفة لحزب الله في بنك خاص وظلت سارية حتى بعد طلب الولايات المتحدة إغلاقها.

وعبر مسؤولون حاليون وسابقون عن قلقهم من قدرة حزب الله على النشاط المالي بشكل يجعله قادرا على تمويل عمليات ضد حلفاء أميركا ودعم حليفته إيران. ويزعم المسؤولون الأميركيون أن معظم نشاطات حزب الله المالية في الخارج تأتي من نشاطات غير مشروعة بما فيها تهريب ​المخدرات​.

واعتبر المسؤولون الأميركيون إن سلامة أغلق بعض الحسابات التابعة لحزب الله بناء على طلبهم، إلا أن قدرة الحزب على الوصول إلى النظام المالي جعلته يزدهر. واوضح المسؤولون اللبنانيون إن أزمة لبنان تعطي فرصة لعمل ما كافحوا من أجله في الماضي وهو استخدام الدبلوماسية المالية لتقييد تأثير حزب الله وإصلاح النظام السياسي ​الفاسد​.

وذكر المسؤولون الأميركيون إنه لا حزمة إنقاذ دون تدقيق شامل وتطبيق السياسات التي يطلبها صندوق النقد الدولي. ورأى المسؤولون السابقون والحاليون أنه بدون تدقيق شامل فلا يمكن تقييم المشاكل المالية اللبنانية بما فيها معرفة إن كان مصرف لبنان لديه احتياط من العملة الأجنبية لمنع العملة اللبنانية من الانهيار وبالتالي زيادة التضخم.

واشارت الصحيفة إلى ان عقوبات مستهدفة تعطي أميركا القدرة على ربط ممثلي حزب الله في ​الحكومة​. ورفض مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ​ديفيد شينكر​ التعليق بداية هذا العام على أهداف عقوبات محتملة، لكنه قال بشكل عام: "قلنا دائما إننا سنستهدف حلفاء حزب الله".

وتستهدف أميركا أيضا، وحسب أشخاص على اطلاع بالأمر، ​أحمد إبراهيم​ صفا الذي ترك منصبه كعضو في مجلس رقابة بمصرف لبنان. ورأى محللون أمنيون أن صفا عمل كمسهل مالي لحزب الله من خلال مناصبه العامة والخاصة. وورد اسم صفا في ​التحقيقات​ الأميركية عام 2011 في البنك اللبناني الكندي.