دخلت الكتل البرلمانية في الكيان الإسرائيلي "بازار" التحالفات والتسويات السياسية، في ضوء تصويت "​الكنيست​" على قرار حله بالقراءة التمهيدية، في أول خطوة تسبق القراءات الثلاث، قبل التوجّه إلى انتخابات عامة جديدة، تكون الرابعة خلال أقل من عامين.

فقد صادقت الهيئة العامة لـ"الكنيست" في الجلسة التي عقدتها أمس (الأربعاء) على قرار حله بـ61 صوتاً ومُعارضة 54 وغياب 4 نواب يُمثلون "القائمة العربية المُوحدة" - "الإسلامية الجنوبية"، بعدما طرحت كتلة "ييش عتيد - تيلم" برئاسة يائر لبيد مشروع قانون لحل "الكنيست".

وإذا لم يتم إقرار قانون حل "الكنيست" بالقراءات الثلاث، فإنه سيحل نفسه بشكل أوتوماتيكيّ يوم الأربعاء في 23 كانون الأول/ديسمبر الجاري، بسبب الخلاف على ميزانية العام 2021، وهذا يعني إجراء ​الانتخابات​ في شهر آذار/مارس المُقبل.

حمل التصويت على حل "الكنيست"، جملة من المعطيات والمُفارقات:

- رئيس حكومة الاحتلال بنيامين ​نتنياهو​، يهدف إلى الاستمرار بالحكم بأي صيغة كانت، واستغلال خبثه لينكث الالتزام باتفاق البدل الذي وقعه مع نائبه وزير ​الأمن​ ورئيس حزب "أزرق أبيض" بني غانتس، لعدم تسليمه ​رئاسة الحكومة​، وفق ما جاء في الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال شهر أيار/مايو الماضي، وأسفر عن تشكيل حكومة ائتلافية، نالت ثقة 73 نائباً ومُعارضة 46 وتغيّب نائب واحد.

هاجس نتنياهو تأجيل إجراء الانتخابات إلى ما بعد شهر آذار/مارس المُقبل، بما يضمن له وصول اللقاح المُضاد لفيروس "كورونا"، وأيضاً بعد تسلم الرئيس الأميركي المُنتخب ​جو بايدن​ مقاليد الحكم، ليُراكم على عطاءات وهبات الرئيس ​دونالد ترامب​، فيحسن وضع حزب "الليكود" الذي يرأسه، ويضمن له أصواتاً أكثر مما تعطيه الاستطلاعات الآن (29 مقعداً) - أي بخسارة 7 مقاعد عما يتمثل به في "الكنيست" حالياً.

ينطلق نتنياهو من دعم أحزاب "الحرديم"، فيُؤيده 52 نائباً ("الليكود" 36، "شاس" 9 و"يهدوت هتوراه" 7)، الذين يُؤكدون أنه مُرشحهم الوحيد لرئاسة الحكومة، ولن يُشاركوا في حكومة مع لبيد.

- "أزرق أبيض" برئاسة غانتس، لا يبدو أن هدفه حل "الكنيست" بقدر سعيه إلى ضمان التزام نتنياهو باتفاق البدل، وفق التاريخ والجدول الزمني والقانون، لذلك فمن غير المُستبعد قيامه بتسوية والعودة عن التصويت على قرار حل "الكنيست" في المراحل المٌقبلة، وهو ما زال يُراهن على إعداد نتنياهو الميزانية للعام 2021 والمُصادقة عليها قبل 23 الجاري، وذلك قبل التصويت على قانون حل "الكنيست"، لأنه يُدرك بأن استطلاعات الرأي أظهرت تراجع حزبه، فأعطته 10 مقاعد، علماً بأنه يتمثل حالياً بـ14 مقعداً، بعد الانشقاق الذي حصل داخل التحالف، وهناك عدد من المُعارضين داخل "أزرق أبيض"، يرفضون فكرة التسوية ويدعون إلى استمرار التصويت على حل "الكنيست" وإجراء انتخابات جديدة.

كما أن المُعارضة التي يتزعمها حليف غانتس السابق لبيد، لا يُمكن أن يأمن له، بعدما خذله وعقد ائتلافاً مع نتنياهو لتشكيل حكومة إئتلافية، ولا يُوجد تواصل مُباشر بينهما، بل عبر وسطاء.

- في المُعارضة التي يقودها لبيد، فإنه يسعى إلى تشكيل حكومة، في ظل ارتفاع مُؤيدي حزبه، ما يعطيه مقعداً أو أكثر مما يتمثل به الآن (17 مقعداً)، وهو ما يلتقي أيضاً مع حسابات تحالف "يمينا" برئاسة نفتالي بنيت" الذي يتمثل بـ6 مقاعد، وتُعطيه الاستطلاعات تقدماً لافتاً يصل إلى حوالى 22 مقعداً.

- أما "القائمة العربية المُشتركة"، فقد شكّل تصويتها "بيضة القبان" بهدف إسقاط نتنياهو، بالمُصادقة على حل "الكنيست" بـ11 صوتاً، ما أدى إلى رسو عدد المُصوّتين على تصديق الحل على 61 صوتاً من أصل 120 نائباً.

لكن تُعتبر من أكثر المُتضررين مما يجري، حيث تباينت المواقف لجهة التصديق على حل "الكنيست" من عدمه، فوافق 11 نائباً من أصل 15 تتمثل به، بعدما اتخذ أعضاء "القائمة المُشتركة" من "القائمة العربية المُوحدة" - الإسلامية الجنوبية" الـ4 قراراً بالتغيب عن حضور جلسة التصويت.

وقد تباينت الروايات بشأن ذلك، لجهة التنسيق بين رئيس "القائمة العربية المُوحدة" عضو "الكنيست" منصور عباس ونتنياهو، أو التذرع بأن استطلاعات الرأي، تشير إلى أن المُتوقع في الانتخابات المُقبلة، انخفاض تمثيل "القائمة المُشتركة" إلى 12 مقعداً، وأن يكون "الكنيست" أكثر يمينية وتطرفاً.

وذكر أن هناك خلافات بارزة داخل "القائمة العربية المُوحدة"، حيث غادر النائب سعيد الخرومي مقر "الكنيست" غاضباً، بعد قرار رئيس "القائمة العربية المُوحدة" النائب عباس، التغيّب عن التصويت.