أشار الخبير الإقتصادي ​نسيب غبريل​، إلى وجود "تخبّط في موضوع الدعم وما يمكن أن تفعل الدولة في هذا الإطار"، لافتًا إلى أن "لبنان هو البلد الوحيد الذي يدعم فيه المصرف المركزي استيراد المشتقات النفطية و​الأدوية​ و​الطحين​ والمواد الأولية للصناعة و​الزراعة​ وغيرها من السلع"، موضحًا أن "الدعم عادةً يأتي ضمن الموازنات العامة ومن داخل خزينة الدولة وهذه مشكلة بنيوية في لبنان"، مؤكدًا أن "​مصرف لبنان​ يتحمّل بمفرده كلفة الدعم من خلال تأمين العملات الأجنبية واستنزاف الاحتياطي".

وفي حديث لـ"النشرة"، بيّن غبريل أن "آلية الدعم الحالية تخدم التجار والمستوردين وأوصلت إلى تخزين السلع ونتج عنها التهريب عبر الحدود"، لافتًا إلى أن "مصرف لبنان أعلن أنه قادر على الاستمرار بالدعم وفق هذه الآلية لمدة شهرين"، مذكّرًا بأن "​المجلس النيابي​ طلب من ​الحكومة​ إنجاز دراسة حول هذا الموضوع، ووزارة المالية ستقدّم اليوم ورقتها في الاجتماع الموسّع الذي سيضم الوزراء المعنيين مع المجلس المركزي لمصرف لبنان".

ودعا غبريل إلى حل المسألة الكارثية التي تترتّب عن دعم فاتورة الكهرباء، بحيث بلغت تحويلات الخزينة لمؤسّسة ​كهرباء لبنان​ 21 مليار و500 مليون دولار بين العامين 2005 و2019، ولو عولجت هذه المشكلة لكان لدينا قدرة على الاستمرار بالدعم لفترة أطول".

ورأى غبريل أن "هذه الأمور لا تحل العقبات، وهناك عدة أفكار مطروحة، واحدة منها تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان، وهو محدّد بـ15 بالمئة من ودائع ​المصارف​ بالعملات الاجنبية ويبلغ قيمته 17 مليار، فإذا تم تخفيض القيمة إلى 12 بالمئة تتوجّه الأموال المحرّرة للدعم، بينما هذه الأموال يجب أن تذهب للمصارف"، معتبرًا أن "هذه الفكرة مرفوضة لأنها تشكّل مسًّا صريحًا بأموال المودعين والاحتياطي الإلزامي وُضِع في مصرف لبنان ليعود للمصارف وقت الحاجة وليس لاستخدامات أخرى".

وتابع: "الفكرة الثانية هي استخدام جزء من احتياطي الذهب، فلبنان لديه منه ما تُقدّر قيمته اليوم بحوالي 17 مليار دولار، وكنا نسمع منذ عقود بأن هذا الاحتياطي لا يُمس إلّا في وقت الأزمات، فهل هناك أزمات أكبر من التي نمر بها اليوم".

وجزم غبريل بأن "ثلثي الذهب موجود في لبنان والثلث الآخر في أميركا وهو محرّر من أي قيود ويستطيع لبنان استخدامه بحسب القانون"، موضحًا أن "الدولة بإمكانها فتح خط إئتماني بقيمة 5 مليار دولار مقابل رهن جزء من الذهب، ويوضع المبلع في مصرف لبنان للاستمرار في الدعم وضخ السيولة في السوق اللبناني"، معتبرًا أن "المشكلة تكمن في عدم امكانية المصرف المركزي باستخدامه بمفرده، بل الأمر بحاجة لطلب من الحكومة وتصويت في المجلس النيابي، واليوم الحكومة في فترة تصريف الأعمال ولا تستطيع القيام بذلك، ومن جهة أخرى تسيطر الشعبوية والمزايدات على مواقف النواب".

وفي سياق آخر، لفت غبريل إلى أن "مؤتمر دعم لبنان الذي عقد في باريس قبل أيام مخصّص للمساعدات المالية والعينيّة الإنسانية للمناطق والمتضررين من انفجار المرفأ"، موضحًا أن "دعم لبنان للخروج من أزماته يقتضي ضرورة تشكيل حكومة فعّالة بأسرع وقت ممكن لتنفيذ الإصلاحات والاجراءات التي يطلبها ​صندوق النقد الدولي​ تمهيدًا للعودة إلى طاولة المفاوضات والوصول لاتفاق تمويلي إصلاحي"، مؤكدًا أن "المجتمع الدولي ما زال مهتماً ومُستعداً لدعم لبنان ماليًا وتقنيًا، ولكن علينا في البداية أن نساعد أنفسنا، وبكل صراحة لا مساعدات من دون المرور باتفاق مع صندوق النقد".