لم يمرّ خبر إستدعاء مدعي عام جبل ​لبنان​ القاضية ​غادة عون​ لحاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ للمثول أمامها في العاشر من الجاري مرور كرام، فسلامة الذي يحمل أسرار ومفاتيح كل الملفّات سيمثل "كشاهد" أمام القاضية عون وبحادثة معيّنة حصلت وفتحت الباب على الكثير من التساؤلات والقضايا!.

في العادة يُعتبر العَلَف أحد المواد المستوردة من الخارج المدعومة من قبل مصرف لبنان، وعادة ما يلجأ التجّار الى استيراد كميات ضخمة من الخارج بموجب اجراءات معينة يجب اتمامها، سواء في ​وزارة الإقتصاد​ أو ​وزارة الزراعة​ ومن ثمّ مصرف لبنان حتى يستفيدون من الدعم، مثلاً من فاتورته تصل الى مليون دولار يحصل عليه مدعوماً بنسبته المئويّة من مصرف لبنان، ويلجأ الى الصيارفة لتحويل الأموال الى الخارج. هنا تلفت مصادر مطلعة على الملف عبر "النشرة" الى أنه "وصلت الى ​النيابة العامة​ الاستئنافية في ​جبل لبنان​ معلومات تفيد أن العديد من التجّار الذين يقدّمون طلبات لشراء العلف ويستفيدون من المبالغ النقديّة التي تُدفع ولكن دون إحضار البضاعة الى لبنان، فكيف ذلك"؟.

تهريب عبر العلف؟!

في التفاصيل تشير المصادر الى أن "إحدى الحوادث التي حصلت، تلفت الى أن أحد التجار تقدم بطلب لشراء خمسين ألف طن من العلف من الخارج الى لبنان وعلى هذا الأساس قام بكل الاجراءات واستفاد من الدعم ب​الدولار​ على الكميّة المطلوبة، في حين تبيّن أنه أحضر الى لبنان عشرة آلاف طن فقط"، مشيرة الى أن "التاجر حوّل عبر أحد الصيارفة المبلغ كاملاً للخمسين ألف طن من العلف، بما معناه أنه دفع القيمة بالكامل لكن الاستيراد الى ​بيروت​ كان 1/5 ليهرّب بذلك بقية الأموال الى الخارج"، مضيفة: "هذه الحادثة تكرّرت أكثر من مرّة، واليوم أصبح أغلب التجار العلف يستفيدون من الدعم ويهرّبون أموالهم خارج لبنان".

تقاسم الفواتير

تلفت المصادر الى أن "القاضية عون إستدعت الصيارفة الّذين هم على علاقة مباشرة بالامر واستمعت الى شهاداتهم وعلى أي أساس يحوّلون الأموال الى الخارج، فكان جوابهم أنه وببساطة التاجر يحضر الفواتير ويتم تحويل الأموال له"، وتضيف المصادر: "ذهب الصيارفة أبعد من ذلك ليؤكدوا أن مصرف لبنان لم يضع أيّ قيود على الموضوع، بما معناه أنْ لا آلية للقيام بمثل هذه العمليات".

وتذهب المصادر أبعد من ذلك، لتشدد على أن "المعلومات تقول ان بعض الصيارفة يقدمون على تقاسم الفواتير مع التجار ولا يقومون بتسديد المبلغ بالدولار الا بعد اقتطاع لقسم منه".

تدابير مصرف لبنان

تعود المصادر لتشرح أن "في مثل هذه الحالات يفترض بمصرف لبنان أن يضع نظاما يطلب فيه فاتورة ​الجمارك​ (التي تؤكد استلام البضاعة وما هي وحمولتها) ويقارنها بالمبلغ المُحوّل من بيروت"، لافتة الى أنه "وبمجرد اجراء المقارنة بين البضاعة والمبلغ يعطي الإذن للصرّاف بتحويل الأموال الى الخارج"، معتبرة أن "التركيز يجب أن يكون على فاتورة الجمارك، لأنها الإثبات على أن البضاعة حضرت الى لبنان، فمن يؤكّد أن الفواتير العاديّة التي تقدّم الى الصيارفة ليست وهميّة؟! ومن هنا يجب إجراء المطابقة".

استدعاء للشهادة

إزاء هذا كلّه قامت القاضية عون باستدعاء سلامة الخميس "للشهادة" فقط. بحسب ما تؤكد المصادر، مشددة في نفس الوقت على أن "الموضوع الأبرز سيكون التدابير التي اتخذها حاكم ​المصرف المركزي​ وكيفية صرف الـ"دولارات" المتبقّية التي يملكها لبنان"، إذا كانت مثل هذه الحوادث تتكرّر يومياً خصوصاً وأن المصرف المركزي يدفع الاموال نقداً cash money للصيارفة، وهم بدورهم يدفعون للتجار المبالغ وبعدها يتم التحويل الى الخارج على أساس أنها ثمن استيراد شحنات العلف".

خيارات سلامة!

"قانونياً لا يحقّ لسلامة عدم الامتثال أمام القاضية عون أو أن يكلف أحداً ليحضر مكانه". هذا ما تؤكده مصادر قانونيّة، لافتةً الى أن بامكانه اللجوء "الى التأجيل لمرّة واحدة، وعند تعيين موعد ثانٍ نكون أمام خيار من إثنين إذا لم يحضر، فإما أن تدّعي القاضية عون عليه مع إمكانية اللجوء الى طلب احضاره بالقوّة اذا ارتأت ذلك، أو أن تتراجع عن طلب الاستماع لشهادته".

أمام كل هذه الخيارات تبقى الانظار متّجهة الى لقاء الخميس، فهل تحول الضغوط الى تراجع عون عن استدعائها لسلامة أم أنها ستنجح حيث فشل غيرها؟!.