يوم خرج رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ من لقائه ب​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ وتحدّث عن "الإيجابية"، شعر ال​لبنان​يون أنّ ​الولادة​ الحكومية اقتربت، ولكن سرعان ما تبدّدت هذه الإيجابية مع حرب البيانات بين ​بيت الوسط​ و​قصر بعبدا​ لتؤكّد أنّ الأمور سلبيّة للغاية.

بالنسبة إلى مصادر تيار "المستقبل" فإن الأهداف التي يسعى إليها الفريق الرئاسي واضحة، وهي تتمثّل بخيارين، فإما أن يعتذر الحريري عن مهمّته، وإما يسلّم بحصول رئيس الجمهورية و"الوطني الحر" على الثلث المعطّل، مشيرة إلى أن قيام الحريري بتقديم تشكيلة كاملة أحرج هذا الفريق الّذي كان يطالب بوجود تشكيلة كاملة أمامه، لظنّه أن رئيس الحكومة المكلف لا يتجرأ على تسمية وزراء شيعة ودروز.

وتضيف مصادر "المستقبل" عبر "النشرة": "لم يعد خافياً على أحد من اللبنانيين أن المشكلة الأساس في ​تشكيل الحكومة​ داخليّة عنوانها رغبة فريق رئيس الجمهورية السيطرة على القرار داخل ​مجلس الوزراء​ لاستكمال التعدّي على صلاحيات ​السلطة​ التنفيذيّة، مع العلم أن الكلّ يعلم بأنّ المساعدات الدوليّة لن تُقدّم إلى الحكومة المقبلة بحال كان ل​حزب الله​ او حلفائه "سطوتهم" على الحكومة، ومع ذلك لا يزال الفريق الرئاسي مصرّا على مطالبه التي لا يمكن للحريري تلبيتها"، مشيرة إلى أنّ "العناد" هو سبب استمرار الإنهيار، وهو السبب باقترابنا من "السقوط".

وتؤكد مصادر "المستقبل" أن البيانات الأخيرة الصادرة عن بيت الوسط جاءت لتكشف حقيقة التعطيل أمام اللبنانيين، بعد أن حاول نواب "الوطني الحر" وبعض المستشارين الرئاسيين تحميل الحريري المسؤوليّة، علماً أنّ التشكيلة التي قدّمها رئيس الحكومة المكلف لرئيس الجمهورية لا زالت على طاولة بعبدا، ولا يزال الحريري بانتظار ردّ عون بشأنها، وهو ما كان الأخير قد وعد القيام به.

بالمقابل تقرأ مصادر سياسية مقرّبة من قصر بعبدا أن رئيس الحكومة المكلّف في الأصل لم يذهب إلى تقديم التشكيلة الحكوميّة إلا من باب رفع المسؤوليّة عن نفسه، قبل موعد زيارة الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ في 22 الشهر الحالي، أيّ أنّه أراد أن يوجّه رسالة إلى ​باريس​ مفادها أنه قام بما عليه من واجبات على هذا الصعيد، في حين أن المشكلة هي في موقف رئيس الجمهورية ميشال عون.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الأمر تأكد خلال المواجهة التي خاضها كل من المكتب الإعلامي ل​رئاسة الجمهورية​ والمكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف، أول من أمس، نظراً إلى أن الحريري كان يدرك، منذ ما قبل تسليمه عون لتشكيلته الحكومية، أن الأخير لن يوافق عليها، طالما أنهّا لم تأخذ بعين الإعتبار الملاحظات الّتي لديه، بينما هو سبق أن أكّد في أكثر من مناسبة أنه لن يتخلّى عن دوره في عمليّة التأليف.

أبعد من ذلك، تشير المصادر نفسها عبر "النشرة" إلى أنّ رئيس الجمهوريّة يدرك أن هناك العديد من الأفرقاء إلى جانب الحريري، خصوصاً رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ ورئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، يريدان محاصرته في الثلث الأخير من ولايته، في تماهٍ مع العقوبات الأميركيّة التي فرضت على رئيس "​التيار الوطني الحر​"، لكنها تؤكّد في المقابل أنّ عون لا يمكن أن يستسلم في مثل هكذا معركة، بل على العكس من ذلك قد يذهب بعيداً في المواجهة، التي يضعها أنصار التيار في إطار محاولة الإغتيال السياسي.

بعد أن أصبحت "المسافة" بين رئيس الحكومة المكلّف ورئيس الجمهورية كبيرة، أصبح بالإمكان القول أنّ الحكومة مؤجّلة إلى أجل غير محدّد، وهذا ما سيجعل زيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان "زيارة" معايدة للقوّات الفرنسية العاملة ضمن ​اليونيفيل​، لا أكثر ولا أقل.