في خضم الازمات السياسية والاقتصادية والصحية التي فرضها وباء "كورونا"، يقفل العام 2020 فلسطينيا على تطورين بارزين:

1-تجميد ملف المصالحة الوطنية وطي صفحة الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس" حتى اشعار آخر، وذلك على خلفية قرار السلطة الفلسطينية اعادة استئناف العلاقات مع ​اسرائيل​ والتنسيق الامني، في وقت كانت تعقد فيه جلسة حوار ثنائية بين الحركتين في القاهرة برعاية مصرية، تزامنا مع اعلان فوز الرئيس ​جو بايدن​ بالانتخابات الرئاسية الاميركية.

2-المواجهة المفتوحة بين ادارة "​الاونروا​" والقوى السياسية والشعبية ومعهما اتحاد العاملين فيها، بعد تلويح الاولى بدفع جزء من رواتب الموظفين وتقليص الخدمات، تحت ذريعة العجز المالي مقابل قناعة فلسطينية ان ثمة استهداف سياسي لانهاء عمل الوكالة الدولية، وتصفية ​القضية الفلسطينية​ وشطب ​حق العودة​ بعد الفشل بتطبيق "​صفقة القرن​" الاميركية مباشرة، والاستعاضة عنها بأساليب مختلفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر تطبيع العلاقات بين عدد من الدول العربية واسرائيل برعاية مباشرة من ادارة الرئيسدونالد ترامب قبل رحيله عن البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل.

جمود المصالحة

في الملف الاول، كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان اعلان السلطة اعادة استئناف العلاقات مع "اسرائيل"، كانت "القشّة التي قصمت ظهر البعير"، اذ ورغم كل اشاعة الاجواء الايجابية حول اللقاءات والحوار وقرب التوصل الى اتّفاق نهائي ينهي سنوات طويلة من الانقسام، كان هناك خلافات جوهرية تتعلق باجراء الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة والمجلس الوطني، فحركة "فتح" تريدها تباعا، بين "حماس" تريدها دفعة واحدة، اضافة الى مطالبة "حماس" بأن يكون لها نصيبا من تعيين السفراء في الخارج مثل "فتح" وبكل ما يتعلق بمؤسسات "منظمة التحرير الفلسطينية" بعد إعادة هيكلتها وتفعيل مؤسساتها، ناهيك عن قضايا ميدانية تتعلق بغزة لم يتم حسمها بعد"، مؤكدة ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان حاسما في موقفه لجهة اجراء الانتخابات تباعا بما يشبه مرحلة اختبار، ليبني على الشيء مقتضاه"، موضحة ان زيارته الاخيرة الى قطر ولقاء أميرهاالشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لم تتناول المصالحة مع "حماس"، وانما ركزت بشكل اساسي على "ضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية لتحقيق السلام العادل والدائم وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين".

واوضحت المصادر، ان قنوات التواصل والاتصالات التي كان يقودها أمين سراللجنة المركزية لحركة "فتح"اللواء جبريل الرجوب من جهة، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري من جهة اخرى توقفت وانقطعت بشكل شبه نهائي، بانتظار تطور ما يعيد الحرارة اليها، خاصة وان بعض القوى الفلسطينية الاخرى مثل "الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" و"حركة الجهاد الاسلامي" ومنظمة "الصاعقة" و"القيادة العامة" وهم مشاركون في الحوار، قد استنكروا قرار السلطة باسئتناف العلاقات والتنسيق الامني، واعتبروه ضربة قاسمة لجهود المصالحة وما جرى الاتفاق عليه في اللقاءات التي عقدت في بيروت ورام الله للامناء العامين، وفي تركيابين وفدين قياديين من حركتي "فتح" و"حماس" وأدى الى هذه النتيجة.

مواجهة مفتوحة

وفي الملف الثاني، أكدت مصادر فلسطينية لــ"النشرة"، انه بعد "الضوء الاخضر"بدأت مواجهة مفتوحة مع ادارة "الاونروا" لمنعها من تقليص خدماتها، وآخرها وقف برنامج الدعم المدرسي الذي يعمل فيه نحو 225 معلّما، ناهيك عن وقف التوظيف او تجديد عقود التعاقد، وكرّت سبحة الاحتجاجات لتتدحرج من المخيمات الى بعض المدن مثل صيدا والبقاع وطربلس، والمقر الرئيسي في بيروت في رسالة "انذار"، ولدعوة "الأونروا" لتحمل مسؤولياتها كاملة، وتأمين التمويل المالي كحلّ جذري بدلاً من تقليص الخدمات، وسط تهديدبمنع كبار مسؤولي الوكالة من دخول المخيّمات كما جرى في مراحل سابقة مع المدير العام الاسبق ماتياس شمالي، ومطالبة ​المجتمع الدولي​ للقيام بواجبه تجاه اللاجئين، وجعل موازنة "الأونروا" دائمة من ضمن موازنات ​الأمم المتحدة​، بحيث لا تعتمد كلّياً على تبرّعات الدول المانحة ريثما يطبّق القرار 194، الذي ينصّ على حقّ عودة اللاجئين الى ديارهم، باعتبار أنّ قضيتهم سياسية بامتياز والإحتلال الإسرائيلي هو المشكلة التي سببّت معاناتهم باللجوء منذ نكبة فلسطين.

وابلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، ان السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وبعد سلسلة لقاءات واتّصالات ومنها مع سفراء دول غربيّة ومع مدير عام "الأونروا" في لبنان كلاوديو كوردوني، نجح في استئناف البرنامج دون وقفه، على ان يعلن التفاصيل لاحقا، فيما اعترف كوردوني بصعوبة الواقع، وإن الآفاق والفرص أمام ​اللاجئين الفلسطينيين​ في لبنان لا تزال قاتمة، وستظل كذلك لفترة من الوقت، خصوصاً بالوقت الراهن مع استمرار الأزمات السياسية والمالية في لبنان،وسط خشية أن تستمر نسب البطالة والفقر في الإرتفاع، مما يدفع البعض الى مغادرة البلد بشكل شرعي أو غير شرعي، وخشية من عواقب اليأس والإحباط، على قاعدة انّه في لبنان لا بديل للوكالة في حياة اللاجئين الفلسطينيين، وقريباً ستبدأ مشروعاً تجريبياً لنظام جديد للتأكد من هوية الأشخاص، يعتمد على مسح بصمة العين الذي تطبقه وكالات الأمم المتحدة الأخرى، سيضمن وصول المساعدة إلى الأشخاص المحتاجين الموجودين فعليا في البلد".