مع إنطلاق عمليات التلقيح ضد ​فيروس كورونا​ المستجد، بدأ الحديث عن سلالة جديدة تم إكتشافها في ​بريطانيا​ وعدد من الدول الأخرى، أكثر قدرة على الإنتشار من السابقة، الأمر الذي دفع بالعديد من الدول إلى أخذ إجراءات إحترازية، أبرزها تعليق الرحلات من وإلى المملكة المتحدة.

السؤال الأساسي الذي كان يُطرح على المستوى العالمي، في الساعات الماضية، يتعلق بمدى فاعلية اللقاحات التي تم الإعلان عنها بعد هذا التحوّل، نظراً إلى أن عدم فعاليتها يعني أن العالم سيكون أمام كارثة جديدة.

بعد ساعات قليلة على إعلان الحكومة البريطانية عدم قدرتها السيطرة على التحول الجديد، أعلنت ​الحكومة الألمانية​، على لسان وزير الصحة ينس سبان، أن خبراء الإتحاد الاوروبي توصلوا إلى خلاصة مفادها أنّ اللقاحات الراهنة تتصف بالفاعلية لمكافحة السلالة الجديدة، لكن ما الذي يحصل فعلياً؟.

يوضح نائب رئيس لجنة علماء ​لبنان​ لمكافحة الكورونا (lscc) والمتخصص في علوم الجزيئيات الذرية والنانوتكنولوجيا الدكتور محمد حمية، في حديث لـ"النشرة"، أن السلالات هي نتيجة تعديلات لطفرات بالفيروس، ويلفت إلى أنه تحدث منذ نحو شهر عن تعديل لطفرات متعددة تمت الإشارة إليها في منشورات علمية.

ويشير حمية إلى أنه تم تسليط الضوء على هذا التعديل لأنه أثر على العدوى، حيث باتت تنتشر بسرعة أكبر، إلا أنه يلفت إلى أن العامل الإيجابي هو أنه أقل خطورة من حيث زيادة عدّد الوفيات، ويعتبر حمية أن الحديث عن سلالة جديدة أحدث صدمة في المجتمعات، نظراً إلى أن ذلك يعني أن العالم أمام فيروس جديد، في حين أن ما حصل هو تعديل في الطفرة.

من جانبه، كان الطبيب والإعلامي الروسي المعروف ألكسندر مياسنيكوف قد اعتبر أن قرار بعض البلدان الأوروبية بقطع المواصلات الجوية مع بريطانيا، بسبب اكتشاف طفرة جديدة لفيروس كورونا، غير معقول، مؤكداً أن الفيروسات كانت تتحوّر في الماضي وستتحوّر مستقبلاً، كاشفاً أن فيروس "ووهان" كان قد تحوّر أكثر من مرة.

حول هذا الموضوع، يلفت حمية إلى أن فيروس كورونا تعرّض إلى نحو 43 تعديل جيني منذ الإعلان عنه أول مرة، لكنه يطرح علامات إستفهام حول التركيز على التعديل الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، بالرغم من الإعلان سريعاً عن أنه لا يؤثر على فعالية اللقاحات، كما حصل مع شركة بيونتيك الألمانية، ويعتبر أن هذا إعتراف غير مباشر بأن هذا التعديل تم التعرف عليه قبل ذلك من قبل الشركة.

من وجهة نظر نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا (lscc) والمتخصص في علوم الجزيئيات الذرية والنانوتكنولوجيا، قد يكون الهدف مما يحصل هو السعي إلى إحداث صدمة إيجابيّة في المجتمعات، للحد من الإستهتار القائم في التعامل مع الفيروس، نظراً إلى أن التعديل حصل في الماضي ولا بد أن يحصل في المستقبل.

في هذا الإطار، عملية طرح علامات الإستفهام حول التركيز الإعلامي والسياسي على هذه الطفرة لا تقتصر على جهّة محددة، نظراً إلى أنها سجّلت في العديد من الدول في الأشهر الماضية، الأمر الذي دفع بعض المعنيين إلى وضع الأمر في سياق الصراع بين الشركات المعنية حول اللقاح.

من جانبه، يوضح أستاذ الوبائيات وطب المجتمع في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور سليم أديب، في حديث لـ"النشرة"، أن مشكلة الطفرة الجديدة تكمن بالقلق من إمكانية أن تكون بعيدة عن الفيروس الذي بنيت على أساسه اللقاحات، ما يعني التأثير على فعالية اللقاحات التي تم الإعلان عنها من الناحية العملية، ويعتبر أنه بحال إثبات الفعالية على الطفرة الجديدة يعني أن الوضع لن يكون أكثر صعوبة.

في المحصّلة، الحكم الأساسي على الطفرة الجديدة يكمن بمدى تأثيرها على فعالية اللقاحات، لكن بحسب ما هو معلن، حتى الآن، العالم ليس أمام فيروس جديد، بل أمام طفرة حصلت في الماضي ومن الممكن أن تحصل في المستقبل.