أكد أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​، في حديث تلفزيوني، أن لا معطيات دقيقة أو معلومات حول إحتمال قيام الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ أو إسرائيل بعمل ما في الأيام الفاصلة عن نهاية ولاية عهد ترامب، مشيراً إلى أن "هناك تحليلات لأن هذا المجنون بحالة غضب شديد لكن لا أحد لديه معطيات حسية، وبالتالي قد يحصل وقد لا يحصل".

وأشار السيد نصرالله إلى أن "الأمر لا يتعلق ب​إيران​ ولبنان وفلسطين بل حتى داخل الولايات المتحدة، قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي قلقلون مما يمكن أن يقدم عليه"، مشدداً على أن "محور المقاومة يجب أن يتعاطى مع هذه الأسابيع بحذر ودقة وإنتباه حتى لا يتم إستدراجنا إلى مواجهة غير محسوبة أو مواجهة في توقيت الأعداء".

وعن زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي مارك ميلي إلى إسرائيل، أوضح السيد نصرالله انها "مرتبطة بالإدارة الجديدة ومقاربتها للصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، مشدداً على أن ميلي جاء "بطلب من إدارة بايدن لتبديد القلق السرائيلي".

ورداً على سؤال حول التهديدات الإسرائيلية، قال السيد نصرالله: "عندما تسمع الإسرائيليين يطلقون الضجيج الإعلامي فإعلم أن ليس وراء ذلك أفعال حقيقية"، لافتاً إلى أن "المعلومات التي تحدثت عن حصول إنزال إسرائيلي في منطقة، بحسب المعطيات التي لدينا، لم يحصل أي شيء من هذا النوع"، مشيراً إلى أنه "حتى الآن ما نراه بالنسبة إلى الحدود مع لبنان، الإسرائيلي بحالة قلق شديد ولا يزال يقف على إجر ونصف".

من جهة ثانية، كشف أمين عام "حزب الله" أن إستهداف قادة الحزب هو هدف أميركي إسرائيلي سعودي، مشيراً إلى أن "الرياض تحرض على إغتياله منذ وقت طويل، بالحد الأدنى منذ بدء الحرب العدوانية على اليمن"، لافتاً إلى أن "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طرح هذا الأمر في الزيارة الأولى التي قام بها إلى الولايات المتحدة، بعد إنتخاب ترامب، طرح هذا الملف".

ولف السيد نصرالله إلى أنه بعد تلك الزيارة أكثر من جهة، شرقية وغربية، أرسلت له تحذيرات بهذا الشأن، مشيراً إلى أن الأميركيين قالوا أنهم سيعهدون بهذا الأمر إلى تل أبيب، بينما أكد السعوديين أنهم حاضرون لدفع كامل تكلفة الحرب في حصل أدى إلى الإغتيال لذلك، معتبراً أن السعودية في السنوات الأخيرة لا تتصرف بعقل بل بحقد، معتبراً أن إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني كان عمل ثلاثي أيضاً.

وأشار السيد نصرالله إلى أن "سليماني كان يملك كاريزما وقدرة كبيرة على التأثير في من يعرفه وشخصية إنسانية مميزة"، لافتاً إلى أنه "كان رجل استراتيجيا وتخطيط ورجل ميدان وتكتيك في آن واحد"، موضحاً أنه "في الآونة الأخيرة كنت شديد القلق عليه وحذرته مراراً"، قائلاً: "أفتقد سليماني كثيراً وكنت أشعر أننا شخص واحد".

كما لفت السيد نصرالله إلى أن "أبو مهدي المهندس هو قائد عظيم وشخصية شبيهة بقاسم سليماني"، مشيراً إلى أنه "كان شريكاً أساسياً في صنع الانتصارين على الاحتلال الأميركي وداعش".

على صعيد متصل، أوضح أمين عام "حزب الله" أن "الحزب كان لديه صواريخ كورنيت في حرب تموز من العام 2006"، لافتاً إلى أن "الحزب حصل عليها من الجانب السوري الذي كان قد اشتراها من الجانب الروسي"، مؤكداً أن "الروس لم يغضبوا من وراء ذلك بل كانوا سعداء"، مشيراً إلى أنه "سليماني طلب إرسال قسم من هذه الصواريخ إلى المقاومة الفلسطينية لكن أنا طلبت الحديث مع الرئيس السوري بشار الأسد في الموضوع قبل ذلك"، مؤكداً أن الأسد لم يمانع إرسال الكورنيت إلى حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة.

ورداً على سؤال، أوضح السيد نصرالله أن العلاقة بين "حزب الله" و"حركة حماس" تنطلق من حيثية المقاومة والقضية الفلسطينية، مؤكداً أن الرئيس السوري لم يعترض من إستمرار العلاقة بين الجانبين بعد الخلاف الذي وقع بين دمشق و"حماس".

من جهة ثانية، أكد السيد نصرالله أنه لم يتفاجئ من الخذلان العربي للقضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن تلك الأنظمة العربية كانت تبيع الفلسطينيين الكلام في السنوات الماضية، لكن في الواقع أغلبها كان لديه علاقات مع إسرائيل، معتبراً أن هذا الأمر إيجابي لأن سوق النفاق انتهى والصفوف تتمايز، قائلاً: "ما يحصل هو إعلان عن الحقيقة الواقعية المخفية خلال العشرات من السنيين"، مشيراً إلى أنه "عندما تتمايز الصفوف فإن ذلك يعني أن الإنتصار الكبير يقترب".

وأشار السيد نصرالله إلى أن إيران هي مجرد حجة لهذه الأنظمة، لافتاً إلى أن أغلب هذه الأنظمة باعت فلسطين منذ عشرات السنين، موضحاً أنهم دائماً يبحثون عن عدو لأن فلسطين تمثل عبئاً بالنسبة إليهم، قائلاً: "ما يحصل هو سقوط أقنعة".

وأوضح أمين عام "حزب الله" أنه "في تجربة المقاومة المعيار الأساسي هو الروحية والتمثل بالحق قبل البناء على نوع السلاح"، مشيراً إلى أن القدرة المادية لدى محور المقاومة اليوم أكبر أضعاف مما كانت عليه قبل سنوات، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني عزيمته وتصميمه على المواجهة عالي جداً ولم يتأثر بالتطبيع الذي حصل، معرباً عن إعتقاده بأن حركة "حماس" ذاهبة باتجاه ترتيب علاقتها مع دمشق وفق ما يمليه المنطق، معتبراً أن "المناورات المشتركة بين فصائل المقاومة في غزة خطوة مهمة جداً وتقدم مظهر قوة وتخيف العدو".

وأكد السيد نصرالله أن "علاقة سليماني مع المرجعية الدينية في العراق كانت جيدة خصوصاً في الملفات الرئيسية"، مشيراً إلى أن "الأغلبية الساحقة من العمليات العسكرية ضد الاحتلال الأميركي في العراق نفذتها فصائل المقاومة".

وكشف السيد نصرالله أن "الجيش الأميركي هدد سليماني وقوة القدس بقصف مراكزهم في إيران إذا استمر دعمهم للمقاومة، كما أرسل رسالة إلى الحاج قاسم لمساعدته على الانسحاب من العراق من دون تعرضه للنار".

وأشار أمين عام "حزب الله" إلى أن "ما حصل مع سليماني والمهندس بحسب ثقافتنا ومنهجيتنا وتاريخنا ومسيرتنا، هو نتيجة متوقعة وطبيعية، لأننا في حالة صراع ضخم وتاريخي"، مشدداً على أن "محور المقاومة حقق انتصارات ضخمة وأسقط مشاريع كبرى وفي هذا السياق ارتقى سليماني والمهندس".

وأكد السيد نصرالله أن "محورنا إستطاع أن يفرض حضوره بقوة في كل المنطقة وإستطاع أن يحقق إنتصارات، وهو اليوم أقوى من أي زمن مضى"، موضحاً أن "كل من كان شريكاً في القرار والتنفيذ هو هدف لكل إنسان يشعر بأن عليه واجب الوفاء لهؤلاء الشهداء، لا سيما أهلنا في العراق".

من جهة ثانية، كشف السيد نصرالله أنه "في اليوم الثاني لإعلان إسقاط حسني مبارك كان سليماني في الضاحية الجنوبية، وكان لديه شعوراً بأن هناك مشروعاً كبيراً في المنطقة يقوم على أساس أن الأميركيين يريدون تغيير جماعتهم وبحجة الربيع العربي سيستهدفون الأنظمة والحكومات والدولة الداعمة للمقاومة، لا سيما سوريا".

ولفت أمين عام "حزب الله" إلى أنه "تم الإتفاق على أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار وإبلاغ الرئيس السوري بهذه القراءة"، مشيراً إلى أنه "في ذلك الوقت أنا ذهبت إلى سوريا والتقيت الرئيس الأسد وأبلغته بذلك، وكانت الفكرة الأساسية أن يتم إستيعاب أي حراك شعبي قد يحصل في سوريا، ولذلك القوى الداعمة والممولة سارعت إلى المواجهة المسلحة".

وأكد السيد نصرالله أنه "حصل تواصل مع جهات في المعارضة السورية في الأسابيع الأولى من الأحداث من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران، لكن الكل كان يقول أنه ليس في وارد حل سياسي أو تسوية أو مفاوضات وأن النظام سيسقط خلال شهر أو شهرين"، معتبراً أنه كان هناك حرب كونية على سوريا وهؤلاء كانوا أدوات لها، لافتاً إلى أن "المشروع الكبير في المنطقة كان يقوم على فكرة المجيئ ببدائل عن الأنظمة القائمة بأخرى ممسوكة أميركياً لكن مقبولة شعبياً والتسوية مع إسرائيل ومحاصرة المقاومة في لبنان وفلسطين".

ولفت السيد نصرالله إلى أن "الحرب على سوريا لم تكن فقط بسبب موقفها من القضية الفلسطينية فقط، بل من أجل نفطها وغازها وبهدف إحتلالها والسيطرة على موقعها الإستراتيجي"، مشيراً إلى أن "صمود القيادة السورية والرئيس الأسد والجيش وإحتضان جزء كبير من الشعب هو الأصل في المعركة"، موضحاً أن دور الحلفاء يأتي بعد ذلك.

وأشار أمين عام "حزب الله" إلى أن "موسكو كانت مترددة بشأن الدخول في الحرب الدائرة في سوريا"، لافتاً إلى أن "سليماني ذهب إلى موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لساعتين ولعب دوراً في إقناعه لدخول روسيا العسكري"، مؤكداً أن "روسيا بعد دخولهم إلى سوريا والتحولات التي حصلت في المنطقة، الكل يدرك أنها عادت إلى العالم من بوابة سوريا".

ورداً على سؤال، أوضح السيد نصرالله أن قائد فيلق القدس الحالي إسماعيل قاآني كان نائب سليماني وجميع الملفات كان على إطلاع عليها، لافتاً إلى أن سليماني هو من كان يقول أن قاآني هو البديل المناسب له عند سؤاله عن الأمر، مشيراً إلى أنه بطيعة الحال يحتاج إلى بعض الوقت، لكنه أكد أن المسار مستمر ولن يتراجع لحظة واحدة على الإطلاق.

من ناحية أخرى، أكد أمين عام "حزب الله" على قوته ومعنوياته وإرادته، مشيراً إلى أن "الإسرائيلي منذ أشهر يقف على رجل ونصف عند الحدود مع لبنان"، مؤكداً أن الحزب لا يزال عند وعده بالرد على مقتل أحد عناصره في سوريا، لافتاً إلى أن "كل المناورات والإجراءات التي يقوم بها الإسرائيلي عند الحدود هي بسبب معرفته بأننا سنرد"، مشيراً إلى أن الحزب كان في حالة استنفار كامل خلال المناورة الأخيرة للجيش الاسرائيلي عند الحدود.

في موضوع المسيرات، شدد السيد نصرالله على أن "الإسرائيلي يمر بحالة إرباك على هذا الصعيد"، مشيراً إلى أنه "يعلم أننا حاولنا وفي بعض الحالات أطلقنا السلاح المناسب"، لافتاً إلى أن "الإسرائيلي يعلم أيضاً أن موضوع الصواريخ الدقيقة مستمر، واليوم لدى المقاومة ضعفي ما كان لديها قبل عام، الأمر الذي يزيد قدرة حزب الله بأنه لا يوجد هدف داخل الكيان نحتاج إلى إصابته بدقة ولا نستطيع ذلك"، قائلاً: "المستقبل القريب سيثبت أن المقاومة جادة والإسرائيلي هو القلق لا سيما مع ذهاب إدارة ترامب التي أعطته ما لا يحلم".

ورأى السيد نصرالله أن الإسرائيلي "يجب أن يقلق من كل أنواع الأسلحة التي لدى المقاومة وليس فقط الصواريخ الدقيقة"، لافتاً إلى أن الحزب، منذ العام 2000، يعمل من أجل الحصول على أي إمكانية تمكنه من تعزيز قدرته على الدفاع عن لبنان، مشيراً إلى أن "هناك أسلحة عند المقاومة لا يعرف الإسرائيلي عنها شيئاً"، مؤكداً أنه "اذا قام الاسرائيلي بقصف منشأة في البقاع يعتبرها هو للصواريخ الدقيقة سنقوم برد متناسب".

بالنسبة إلى مفاوضات ترسيم الحدود، توقع السيد نصرالله أن لا يحصل أي تقدم في ظل الإدارة الأميركية الحالية، مشدداً على أن "المياه أو الأرض التي تعتبرها الدولة لبنانية من حقنا الدفاع عنها، وبالتالي إذا قرر الإسرائيلي أن يعمل فيها لبنان سيكون له موقف والمقاومة سيكون لها موقف"، قائلاً: "إذا لم تحرك الدولة ساكناً سنرى ما هو الموقف، لكن على المستوى القدرة لدينا القدرة، إلا أنني لا أريد أن ألزم نفسي بأي موقف اليوم".

ورداً على سؤال حول أسباب عدم تشكيل الحكومة، لفت أمين عام "حزب الله" إلى أنه "عندما نتحدث مع المسؤولين المعنيين يؤكدون أن أسباب عدم تشكيل الحكومة داخلية لا خارجية"، مشيراً إلى أن المشكلة هي في غياب الثقة بين الأفرقاء السياسيين، لا سيما بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مؤكداً أن هناك مشاكل أخرى من خارج دائرة عون والحريري.

وأكد السيد نصرالله أن معالجة الوضع الحالي تحتاج إلى وجود حكومة، لافتاً إلى أن الدولة اللبنانية لديها خيارات، مشيراً إلى أن المشكلة هنا وهناك قلق شديد من الذهاب إلى خيار إقتصادي ينقذ لبنان، موضحاً أنه عند طرح التوجه شرقاً كان هناك هناك حالة قلق وخوف.

بالنسبة إلى الحديث عن تأثير المفاوضات الأميركية الإيرانية على ملفات المنطقة، أوضح السيد نصرالله أن من ينتظر ذلك فهو ينتظر شيئاً لم يحصل، مذكراً بأنه في المفاوضات على الإتفاق النووي في الماضي لم تقبل طهران بوضع أي ملف آخر على طاولة المفاوضات، مشيراً إلى أن الإيراني لا يفاوض عن أحد، سواء كان ذلك في الملف السوري أو البحريني أو الفلسطيني أو اللبناني أو اليمني، مؤكداً أن "إيران لا تبيع أو تشتري في الملفات ولا تفاوض الأميركيين بدلاً عن شعوب المنطقة".