لا تثقوا بالحكام الأميركيين، سواء كانوا من الجمهوريين أو من الديمقراطيين. فالضمانة لإحقاق الحقوق واستعادة المنقوص منها، وإحباط المشاريع والخطط الاستعَمارية للولايات المتحدة، وردع عدوانيتها وتمكين العرب من تحرير ​فلسطين​، إنما هي مواصلة حلف دول وقوى ​المقاومة​، طريق المقاومة المسلحة، والعمل في ذات الوقت على ​تحقيق​ التنمية ​الاقتصاد​ية والعدالة الاجتماعية، بما يحقق الاكتفاء الذاتي من احتياجات الشعب وتوزيع الموارد بعدالة.

لقد بات واضحاً انّ حلف المقاومة نجح في تحقيق جملة من الأمور الهامة من خلال تصدّيه ومقاومته للمشاريع والمخططات الاستعمارية التي استهدفت إعادة رسم خريطة المنطقة وإخضاعها بالكامل للسيطرة الأميركية وأدواتها.. وتجلى نجاح حلف المقاومة بالأمور التالية:

الأمر الأول، إفشال الحروب العسكرية المباشرة، الأميركية الصهيونية، وإلحاق الهزيمة العسكرية والمعنوية بقوات الاحتلال الأميركي الغربي والصهيوني، في ​العراق​، و​لبنان​، وغزة.

الأمر الثاني، إحباط أهداف الحروب الإرهابية بالوكالة التي قامت بها ​أميركا​ في سورية والعراق و​اليمن​، بعد فشل حروبها العسكرية المباشرة..

الأمر الثالث، إحباط مخططات الفتنة الطائفية والمذهبية التي استهدفت دول وقوى المقاومة في سياق ما سُمّي الحرب الناعمة التي استهدفت شيطنة المقاومة والدول الداعمة لها، ومحاصرتها وإضعاف شعبيتها وتقويض عوامل صمودها وصولاً إلى محاولة فرض الاستسلام عليها ونزع ​أسلحة​ قوتها إلخ…

اما اليوم فقد بات الحفاظ على هذه الإنجازات وتعزيزها، لاستكمال معركة التحرر الشامل من الاحتلال والهيمنة الاستعمارية بكلّ أشكالها، العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، يتطلب أيضاً إحباط أهداف الحرب الاقتصادية المميتة ببطء لجمهور دول وقوى المقاومة، فهذه الحرب تقتل الناس بالحصار والتجويع، من دون أن تتكبّد، الحكومات الأميركية والغربية والصهيونية، أي خسائر مادية أو بشرية..

على أنّ تحقيق النجاح في إحباط أهداف الحرب الاقتصادية، يستدعي بالضرورة، الى جانب خوض المقاومة المسلحة ضدّ قوات الاحتلال الأجنبي، اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية ترتكز الى بناء الاقتصاد الذي يحقق التنمية والعدالة الاجتماعية في توزيع الموارد…

انّ سلوك هذا النهج من قبل دول وقوى حلف المقاومة هو السبيل إلى تحقيق ما يلي:

أولاً، إسقاط أهداف حرب الحصار الاقتصادية، و​العقوبات الأميركية​، وإجبار إدارة العدوان في ​واشنطن​ على التسليم بحقّ شعوب ودول المنطقة في ​تقرير​ مصيرها واسترداد حقوقها، واحترام سيادتها واستقلالها بعيداً عن أيّ تدخلات أجنبية…

ثانيا، منع إدارة الرئيس الأميركي ​جو بايدن​، المقبلة، من الاستمرار في الحرب الناعمة التي دشنتها الادارة الديمقراطية في عهد الرئيس ​باراك أوباما​، واستمرت فيها إدارة الرئيس الحالي ​دونالد ترامب​، وبالتالي إجبارها على سلوك طريق:

1 ـ العودة إلى الالتزام ب​الاتفاق النووي​ نصاً وروحاً من دون أيّ تذاك لمحاولة إدخال تعديلات عليه لن تلقى اي صدى أو اهتمام لدى ​القيادة​ ال​إيران​ية، وبالتالي إلغاء كل القرارات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب اثر انسحابها من الاتفاق النووي وتعويض إيران عن الأضرار التي أصابتها نتيجة لذلك.

2 ـ سحب ​القوات الأميركية​ المحتلة من سورية والعراق والكفّ عن مواصلة التدخل في شؤونهما الداخلية ودعم وتغذية ​الجماعات الإرهابية​ من داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات التي صنعتها ​الاستخبارات الأميركية​ ودفعت الأنظمة التابعة لواشنطن إلى دعمها ب​المال​ و​السلاح​ لتنفيذ حروبها الإرهابية التي فشلت في تحقيق أهدافها في إخضاع سورية والعراق لنظام الهيمنة الاستعمارية الأميركي..

انّ اعتماد هذه الاستراتيجية المتكاملة، التي بدأت بها كل من سورية وإيران، يجب أن يقترن كذلك بشن حرب بلا هوادة ضد الفاسدين، والمستغلين من التجار.. فعبر تنفيذ هذه الاستراتيجية يتمّ تحقيق هدفين مهمين:

الهدف الأول، تعزيز التفاف الناس حول خيار الصمود والمقاومة في مواجهة قوات الاحتلال الأجنبي وأدواتها الإرهابية والرجعية، وتحصين الجبهة الداخلية…

الهدف الثاني، سدّ المنافذ أمام قوى الاستعمار، التي تحاول الاستفادة من الثغرات الداخلية، وإنهاك الناس بالحرب الاقتصادية لإعادة فرض مخططاتها، التي فشلت في تحقيقها بواسطة قوتها العسكرية وأدواتها الداخلية والإرهابية.

إنّ إنجاز هذين الهدفين، الى جانب مواصلة استنزاف قوات الاحتلال بالمقاومة المسلحة، هو الذي يؤدي إلى إجبار قوى الاستعمار على التراجع والانكفاء والتسليم بالهزيمة وسحب قواتها المحتلة بلا قيد أو شرط على غرار ما حصل في لبنان عام 2000، وفي غزة عام 2005، وفي العراق عام 2011 .. وبالتالي اختصار عمر المعاناة وتحقيق التحرر الشامل والناجز من الهيمنة الاستعمارية بكلّ أشكالها..