أكّدت مصادر المعارَضة لصحيفة "الشرق الأوسط"، تعليقًا على تغريدة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، في ردّه على قول قائد سلاح الجو في الحرس الثوري ال​إيران​ي علي حاجة زادة، إنّ القوّة الصاروخيّة في ​لبنان​ وغزة هي في الخطّ الأمامي في مواجهة ​إسرائيل​، أنّ "الرئيس عون حرص في تغريدته على عدم المساس بتحالفه مع "​حزب الله​"، لأنّه لم يعد له حليف سواه".

ولفتت إلى أنّه "لا يمكن تسويق تغريدته محليًّا وعربيًّا ودوليًّا، والتعامل معها على أنّها بمثابة احتجاج على تدخُّل إيران في الشأن الداخلي في لبنان"، متسائلةً: "هل يشفي عون في تغريدته غليل اللبنانيّين الّذين لم يرقَ لهم إصرار إيران على إقحام بلدهم في صراعات المحاور في المنطقة؟ من هي الجهة غير المعلومة الّتي توجّه إليها بقوله إنّ لا شريك للبنانيّين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحريّة قراره؟".

وركّزت المصادر على أنّ "المعارضة لا تطلب منه الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، على خلفيّة ما تناقلته وسائل الإعلام على لسان علي حاجة زادة، بمقدار ما أنّ المطلوب منه تسجيل موقف، وإلّا كان في غنى عن حصر ردّه في تغريدة لن تقدّم أو تؤخّر في إقناع السواد الأعظم من اللبنانيّين".

وسألت: "لماذا غيّب عون في تغريدته عن أنّ لا شراكة في حفظ استقرار لبنان ذكر دور ​القوى الأمنية​، على رأسها ​الجيش اللبناني​ في هذا المجال، وهل كان مضطرًّا لعدم استحضار مشروع الدولة، تحديدًا في الجنوب، حيث أنّ "يونيفيل" تؤازر الوحدات العسكريّة المنتشرة على امتداد مساحته لتطبيق القرار الدولي 1701، باعتبار أنّ وجود القوات الدوليّة فيه هو أكبر شاهد من المرجعيّة الأمميّة المتمثّلة ب​الأمم المتحدة​ على حفظ استقراره وحماية سيادته في وجه الاعتداءات الإسرائيليّة المتكرّرة؟".

وأشارت إلى أنّ "تغريدة عون تبقى في إطار مراعاة "حزب الله"، وعدم التفريط بما لديه من الاحتياط لإعادة تعويم وريثه السياسي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، وصولًا إلى تأهيله ليبقى في عداد المتسابقين إلى ​رئاسة الجمهورية​، وإن كان الأخير يلمّح باستمرار إلى عزمه مراجعة ورقة التفاهم الّتي أبرمها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد ​حسن نصرالله​ مع العماد عون في شباط 2006؛ قبل انتخابه رئيسًا للجمهوريّة".

كما شدّدت المصادر المعارضَة على أنّ "باسيل يلوّح بعزمه على مراجعة ورقة التفاهم لاستيعاب "شطحات" النائب في كتلته النيابيّة ​زياد أسود​، ومعه عدد من الناشطين في انتقاداتهم لبعض مواقف الحزب، في محاولة لاستيعابها لدرء الأخطار الّتي تهدّد تحالفهما". وذكرت أنّ "عون ووريثه السياسي ينظران إلى ​تشكيل الحكومة​ الجديدة من زاوية أنّ تأليفها يتّصل مباشرةً بمعركة رئاسة الجمهورية، هذا في حال أنّ الوضع المتأزّم لم يتدحرج وصولًا إلى تهديد الكيان اللبناني، الّذي تنتفي معه المؤسّسات الدستوريّة من الوجود".

ورأت أنّ "المشكلة الّتي تؤخّر ولادة الحكومة تتجاوز توزيع الحقائب وعدد الوزراء، إلى الإمساك بأوراق الضغط لتعويم باسيل رئاسيًّا"، لافتةً إلى أنّ "الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة ​سعد الحريري​ ليس بوارد التسليم بشروط عون بالنيابة عن وريثه السياسي، وبالتالي فإنّ العراقيل تختفي من الوجود إذا ما قرّر التسليم بها".

إلى ذلك، أعربت المصادر عن اعتقادها أنّ "التيار السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية، وبدعم منه، ليس في وارد التخلّي عن تحالفه مع "حزب الله"، نظرًا لحاجته الماسّة إليه في معركة رئاسة الجمهورية، خصوصًا بعد أن شكّل رأس حربة كان وراء تسهيل وصول عون إلى سدّة الرئاسة الأولى، بعد أن عطّل وإيّاه الجلسات المخصّصة لانتخاب الرئيس لأكثر من عامين ونصف العام؛ ولم يفرج عنها إلّا بعد أن أيقن أنّ انتخابه أصبح مضمونًا".

وأوضحت أنّ "عون يحرص على عدم إقلاق "حزب الله"، أو التسبّب بإحراجه إقليميًّا ودوليًّا، في مقابل حرص الأخير على مراعاته إلى أقصى الحدود في الداخل، وهذا ما برز جليًّا من خلال تعاطيه في أمور تتّصل مباشرةً بالحزب وبسلاحه، وأوّلها مبادرته إلى ترحيل البحث في الاستراتيجيّة الدفاعيّة للبنان، رغم أنّه كان تعهّد في خطاب القسم الّذي ألقاه أمام البرلمان فور انتخابه رئيسًا، بدعوة الأفرقاء إلى ​طاولة الحوار​ للبحث في الاستراتيجيّة كبند أوّل على جدول أعماله".

وتساءلت: "لماذا تخلّف عون عن تعهّده بحسم الموقف من الاستراتيجيّة الدفاعيّة، بالتزامن مع مبادرة مَن هُم في فريقه السياسي إلى تبرير ترحيل البحث فيها، بذريعة أنّ بحثها يجب أن يأتي فور زوال الأطماع والمخاطر الإسرائيليّة الّتي تهدّد لبنان؟". وبيّنت أنّ "مواقف عون الّتي تمسّ مباشرةً بمصالح حليفه "حزب الله" ليست خاضعة للتبديل والانقلاب عليها، خصوصًا وهو يستعدّ لتعويم باسيل رئاسيًّا، وبالتالي فإنّ علاقته به محكومة بمعادلة تقوم على إرضائه محليًّا وخارجيًّا بتوفير الغطاء السياسي لسلاحه في مقابل إطلاق يده في الشأن الداخلي، وإن كان يضطر، كما هو حاصل الآن؛ للتدخّل لإعادة ترميم علاقة عون بحليفه الآخر رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​".