ما إن أعلنت ​المحكمة العسكرية​ الدائمة ب​رئاسة​ العميد منير شحادة عن قرار إتخذته يقضي بالتشدد في الأحكام التي ستصدر تباعا في حق المدّعى عليهم في حوادث ​إطلاق النار​، ومنها الإبتهاج خلال الأعياد أو خلال مناسبات الأفراح كما الأتراح، حتى هلل البعض لهذا القرار وكأنه أمر جديد على ​القضاء العسكري​. قد يكون سبب هذا التهليل الغضب الذي خلفته لدى الرأي العام، الجريمة الجماعية التي إرتكبت ليلة رأس ​السنة​ وفي أكثر من منطقة، عندما أضاء الرصاص سماء ​بيروت​ و​طرابلس​ و​البقاع​ وعدد من المناطق، كل ذلك لأن عدداً من الطائشين قرروا أن يحولوا فرحتهم بحلول السنة الجديدة الى مأساة للآخرين وقد وقعت هذه المأساة فعلاً عندما قتلت إمرأة وهي أم لخمسة أولاد في مخيم للنازحين السوريين في ​الطيبة​ ​بعلبك​، وعندما أصيب أكثر من شخص بهذا الرصاص.

نعم "ليس في القرار الذي أعلنته المحكمة العسكرية أي جديد"، تقول أوساط قانونية متابعة لعمل المحكمة العسكرية، وتضيف "لطالما كان التشدد في عقوبة مطلق النار في الهواء قائماً وحاضراً في الأحكام منذ صدور القانون 71 /2016 عن ​مجلس النواب​". قبل القانون 71/2016 كانت عقوبة مطلق النار في الهواء تستبدل بغرامة 300 ألف ليرة، أما بعد صدوره فصارت أحكام مطلقي النار في الهواء تصدر بحبس الفاعل لشهر وتغريمه مليوني ليرة إضافة الى تسليمه ​البندقية​ أو إجباره على دفع ثمن بندقية مليون ونصف المليون ليرة. وهنا تعلق المصادر القانونية، "بإستثناء النائب ​نواف الموسوي​ الذي أطلق النار في أحد المخافر بسبب قضية شخصية لإبنته مع طليقها، لم تستثنِ المحكمة العسكرية لا في عهد العميد ​حسين عبدالله​ ولا في عهد العميد شحاده أحداً من مطلقي النار إلا وأصدرت بحقه حكماً بالحبس لشهر وبالغرامات المذكورة اعلاه، علماً ان القانون 71/2016، نص في الفقرة "أ" منه على معاقبة "كل من أقدم لأي سبب كان على اطلاق عيارات نارية في الهواء من سلاح حربي مرخص أو غير مرخص به بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من ثمانية أضعاف إلى عشرة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور. كما يصادر ​السلاح​ في جميع الأحوال ويمنع الجاني من الاستحصال على رخصة ​أسلحة​ مدى ​الحياة​". ما كان يحصل سابقاً هو ان المحكمة كانت تمنح مطلق النار أسباباً تخفيفية وبالتالي تخفض العقوبة من ستة أشهر حبس الى شهر واحد مع غرامة مليوني ليرة وثمن البندقية، لذلك السؤال الذي يطرح اليوم، هل ما تريد المحكمة العسكرية فعله بعد إعلانها بالأمس، هو تطبيق القانون 71/2016 حرفياً أي إصدار أحكام بحق مطلقي النار في الهواء تبدأ بستة أشهر حبس وتصل الى ثلاث سنوات وبغرامة من ثمانية الى عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور؟!.

لا جواب بعد لأن بيان المحكمة لم يكن واضحاً، ولكن إذا كان ذلك المقصود من بيانها الأخير، فذلك قد يشفي غليل الكثيرين ممن خسروا أبناءهم بسبب رصاص الطائشين، وعندها نرفع لها القبعة على تطبيق نص القانون الذي قدمه النائب السابق ​غسان مخيبر​، علّ أن تضع خطوة تشديد العقوبة هذه حداً لهذه الآفة المرضية الطائشة.