أسف المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ أنه "بعد قرن كامل انكشف البلد عن استبداد ونظام طائفي وفساد سياسي مالي اقطاعي هو الأخطر على الإطلاق، والآن البلد يلفظ أنفاسه بسبب مجموعة سياسية ومالية وإقطاعية نهبت الدولة، وخربت البلد، ولا زالت على غيّها في الاستبداد والتسلّط والتخريب، فيما الشعب ال​لبنان​ي بأسره يكابد ويعاني ويدفع الثمن، وقد يكون هو المسؤول عمّا وصلت إليه أمور البلاد والعباد، وذلك وفق مقولة "كما تكونون يولّى عليكم".

وأشار إلى ان "اللبنانيين ليسوا أبرياء مما هم فيه، بل هم مشاركون في الجريمة، لأنهم لم يحسنوا الاختيار، لأنهم وكّلوا من لا أمانة لهم، وهم يعرفون ذلك، ​اللبنانيون​ شركاء في هذه الجريمة الوطنية الكبرى، لأنهم سكنوا، لأنهم خضعوا، لأنهم باعوا أصواتهم بوعود فارغة وشعارات كاذبة. وها نحن ندفع الثمن، نحن نأكل العصي ومن اخترناهم يعدّون، نحن نجوع ومن اخترناهم متخمون، أكلوا أخضر اللبنانيين ويابسهم، من اخترناهم أيها الإخوة يعرفون ما يريدون ولكن نحن الناس، نحن الشعب الذي يساق كالنعاج يعرف أيضاً ماذا يريد، ولكنه للأسف يوارب ويؤخذ بالتحريض والطائفية والمذهبية، جراء هذا النظام الفاسد، الذي ولّد كل هذه الأزمات، ووضع اللبنانيين أمام الحائط المسدود الذي لا أفق له ولا حلول بوجود هذه المجموعة التي لا تلتفت إلى شعبها، ولا يعنيها كل ما يجري. وما نعيشه من أزمات ونكبات ونشهده من تفلّت أمني ومن تشليح وسلب على ​الطرقات​ وسطو على المحلات و​حالات​ قتل، ينذر بكثير من الانهيارات الأمنية والمجتمعية، ويؤشّر إلى كوراث قد لا نخرج منها في المديات المنظورة".

واعتبر أن "البلد والناس والدولة في ضياع تام، وليس هناك من جواب عند أحد، المحللون كثر، والمنظّرون أكثر، ولكن صورة لبنان الغد، لبنان الوطن والدولة والقانون والكفاءة، لبنان ​الدولة المدنية​ العادلة لا تزال غامضة ومجهولة ومحتجزة في الغرف السوداء الإقليمية والدولية، ولا يمكن تظهيرها إلا من خلال وعي اللبنانيين وإدراكهم أن عيشهم المشترك بات يستوجب جهداً استثنائياً، وخروجاً فعلياً من دوامة ​الطوائف​ والحصص ولعبة تأمين المصالح والوصول إلى المناصب. نحن الآن أمام نكبة فعلية بسبب حسابات إقليمية ودولية ورهانات خارجية قد تلغي لبنان، لبنان التنوّع. فاللبنانيون جاعوا، اللبنانيون على أبواب السفارات، اللبنانيون فقدوا ثقتهم بكل شيء في هذا البلد، فقدوا ثقتهم بالمسؤولين، ب​السلطة​، بالسياسيين بالمرجعيات، فقدوا ثقتهم ب​المصارف​ التي أذلتهم ونهبت ودائعهم، فقدوا ثقتهم ب​القضاء​، وبكل هذه المنظومة الحاكمة التي لم تُبق شيئاً يدعو إلى التفاؤل، حتى الأمل سرقوه من اللبنانيين، وأدخلوهم في المجهول. وهم على الرغم من كل المصائب والبلاءات والانهيارات المالية والنقدية والاقتصادية، لم يغيروا شيئاً في أنفسهم، ولا في نهجهم ولا في فسادهم، بل هم مصرون ومصممون على دفع ما تبقى من الدولة نحو السقوط والفوضى العارمة، والدليل على ذلك هو هذه العراقيل المصطنعة بوجه تأليف ال​حكومة​ التي تصدر من هنا وهناك، وهذه الشروط المرفوضة واللامقبولة في ظل هذا الوضع المتأزّم والخطير الذي يشهده البلد ويعيشه اللبنانيون. ما يعني أن هناك جريمة موصوفة ترتكب بحق لبنان واللبنانيين من قبل من يفترض فيهم أن يكونوا حلقة وصل وتواصل بين جميع الأفرقاء، ومن أوائل المسهلين في عملية تشكيل حكومة باتت من أوجب الواجبات الوطنية والأخلاقية. وللأسف الشديد، لقد أصبحنا أمام واقع صح القول فيه "المسؤول يبحث عن حصته، والمواطن محروم من لقمته".