أشار نائب رئيس "​المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى​" العلامة الشيخ ​علي الخطيب​، إلى "أنّنا نودّع عامًا مليئًا بالمصاعب والأزمات المتعدّدة الجوانب، ونستقبل عامًا جديدًا يملؤنا الأمل بالله بتخطّي هذه الصعوبات، وأن تتبدّل هذه المأساة الّتي سادت هذه المرحلة الزمنيّة من حياة ال​لبنان​يين إلى حالة أفضل".

ولفت خلال تأديته الصلاة جماعة في مقر المجلس، إلى "أنّنا نبدأ هذا العام بالتصميم والإستعداد للقيام بما يتوجّب علينا كمجتمع أهلي، وبما يقتضيه إيماننا وديننا وأخلاقنا من التضامن والتكامل والتعاضد، لتجاوز هذه المرحلة الّتي يمتحن الله فيها إيماننا ومدى فعاليّة هذا الإيمان وأثره في سلوكنا"، مركّزًا على "أنّنا بحاجة ماسّة إلى أن نتعلّم ونصحّح مفاهيمنا عن الحياة، الّتي تيسّر لنا العيش وتجعل لها معنى. كما تستدعي منّا هذه الظروف الّتي فرضت على شعبنا وتسبّبت باحتياج الكثيرين إلى المساعدة على مختلف المستويات الغذائيّة والدوائيّة والإستشفائيّة، أن يشمّر القادرون منّا عن سواعدهم ويقدّموا ما يستطيعونه إلى المحتاجين من العائلات الكريمة والعفيفة، الّتي يمنعها شعورها بالكرامة وترفّعها عن مد أيديها إلى الناس".

وأوضح الشيخ الخطيب "أنّنا بذلك نستطيع أن نعبر هذه المرحلة ونفوت على عدوّنا ما يهدف إليه من إذلالنا واستسلامنا عن هذا الطريق، بعد أن أفشلتم كلّ محاولاته الأخرى. كما ينبغي على أهلنا الكرام في ظلّ جائحة "​كورونا​"، الحرص على حياتهم باتخاذ التدابير الإحترازيّة وعدم التساهل في ذلك، ممّا يؤدّي إلى خسارة أحد من أحبائنا والوهن في إرادتنا". ورأى أنّ "ما نعانيه اليوم في لبنان من أزمات ومشاكل، يهدف بالدرجة الأولى إلى تفكيك هذه الجماعة وهذه الوحدة. فالخطر لا يستهدف بعض مكوّنات هذا المجتمع دون غيرها، ولقد مررنا بتجارب متعدّدة كانت كافية لفهم ذلك".

وذكر أنّ "في كلّ هذه التجارب، أُريدَ إيجاد جروح عميقة بين هذه المكوّنات وأحقاد يستحيل إندمالها ونسيانها مع الزمن. لقد آن لنا جميعًا أن نفهم أنّ المقصود هو الجميع وأنّ المقصود بالنهاية هو الوطن بكلّ مكوّناته، لصالح عدو واحد هو الكيان الإسرائيلي الغاصب الّذي يحتاج إلى زرع الشقاق والفتن بين أبناء هذه المنطقة، ليتسنّى له أن يبني فيها دولته المهيمنة والمقتدرة على حساب أبنائها".

وشدّد على أنّه "آن لنا جميعًا أن نعلم أنّه لن يكون لأي مكوّن وجود وبقاء على حساب أي مكوّن آخر، وأنّ وجودنا جميعًا مرهون بهذا الشعور وهذا الإنتماء، الّذي يجب أن يدفعنا إلى تعميق هذا الإرتباط وأن نشكّل معًا وبوحدتنا جدارًا صلبًا أمام أي اختبار وامتحان، لا أن يتصرّف بعضنا بهذا الشكل الّذي يعبّر عن ضعف الإيمان بالوطن وبوحدة شعبه المتنوّع الإنتماء الديني والطائفي، والهروب من الأزمات إلى المشاريع التقسيميّة والتفتيتيّة والإستسلام لإرادة العدو والعمل على تنفيذ مخطّطاته، بدل مواجهتها والوقوف أمامها".

كما بيّن الخطيب أنّ "المقاومة انطلقت من هذا الإيمان بوحدة الوطن ووحدة شعبه، وأثبتت سواء في مواجهة العدو الإسرائيلي أو العدو التكفيري ذلك بقوّة، فدافعت عن الوطن وعن شعبه بكلّ انتماءاته دون تفريق ودون حسابات للأثمان الباهظة، آخذة بالإعتبار معيارًا واحدًا وهي الوحدة الوطنية ووحدة الوطن ولم يصدر منها أي فعل يوجب الشك بنواياها". ودعا الجميع إلى "الإرتقاء إلى مستوى هذا الإنتماء والخروج عن المراهنات على المشاريع لتجديد الوظيفة التاريخيّة لبعض الطوائف في لبنان لمشاريع خارجيّة، فإنّ الظروف الّتي أملت ذلك قد انقضت وانتهت لصالح خريطة جديدة ووظيفة جديدة وطنيّة بالدرجة الأولى، يقوم بها اللبنانيّون جميعًا وتفرضها قوّة المقاومة، الّتي أصبحت حقيقة قائمة عصيّة على القهر والإنهزام".

وأكّد أنّ "كلّ محاولات العزل والحصار والتجويع، لن تستطيع إخضاعها. لقد بدت علائم هزيمة معسكر التجويع والحصار بادية وواضحة، بثبات محور المقاومة العظيم بعد تعرّضه لامتحانات قاسية ومؤلمة، ذكّرتنا بما تعرّض له المسلمون الأوائل من قوى الكفر والشرك من استفزاز، أثبت فيه المسلمون ثباتًا لا حدود له، ممّا اضطرّ قوى الشرّ للرضوخ وتوقيع صلح الحديبية".