مع الانهيار الحاصل على مستوى مواجهة أزمة ​فيروس كورونا​ في ​لبنان​، بات من الضروري السؤال عن الجهة التي تتولى إدارة هذه ​الأزمة​ فعلياً، في ظلّ تعدد اللجان الحاصل، من اللجنة الفنية إلى اللجنة العلمية إلى اللجنة الوزارية، لا سيما مع حالة التخبط القائمة على مستوى إتخاذ القرار، إلا أن الأهم هو أن هناك وزيران في حكومة ​تصريف الأعمال​، معنيين بهذه الأزمة بشكل مباشر، لا يقومان بواجباتهما بالشكل المطلوب، هما وزيري الصحة العامة ​حمد حسن​ والداخلية والبلديات ​محمد فهمي​.

في هذا السياق، لم يعد من الممكن تجاهل حالة الفوضى التي يتم من خلالها مواجهة الأزمة، وقد يكون المثال الأكثر وضوحاً على ذلك هو قرار المفرد والمزدوج، فبعد أن كان ​وزير الصحة​ العامة قد تحدث عن أنه أحد الأسباب التي ساهمت في رفع عدد ​الإصابات​، في ​الإقفال​ ما قبل الحالي، عاد هذا القرار إلى التطبيق في الإقفال الراهن، الأمر الذي أثيرت حوله الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان المطلوب زيادة عدد الإصابات بدل خفضها.

في سياق متصل، من الضروري السؤال عن الأسباب التي حالت دون وضع إستراتيجية واضحة لمواجهة هذه الكارثة منذ شهر شباط الماضي، أي تاريخ تسجيل أول إصابة في لبنان، بدل الإعلان المتكرر عن الإنتصار على الفيروس، الذي كانت مختلف دول ​العالم​ تسعى إلى زيادة قدراتها على الصمود بوجهه قبل وصول الموجة الثانية التي كان الجميع يتوقعها، ليكون القرار بالإقفال من جديد، في شهر تشرين الأول، تحت حجة زيادة عدد الأسرة في المستشفيات، الأمر الذي لم يتحقق بالشكل المطلوب، نظراً إلى الخلافات القائمة بين ​وزارة الصحة​ و​المستشفيات الخاصة​، والتي تعود بشكل أساسي لعدم حصول تلك المستشفيات على مستحقاتها المالية، مع العلم أنه في ظلّ حالة التعبئة العامة المعلنة هناك مروحة واسعة من القرارات التي كان من الممكن اتخاذها قبل الوصول إلى الواقع الراهن، ومنها مصادرة المستشفيات التي لا تريد التجاوب.

بالتزامن، هل من الممكن تصور أن السلطات المعنية، لا سيما وزير الصحة العامة، لم يتنبهوا إلى أن استيراد اللقاح لا يمكن أن يتم من دون إقرار قانون جديد في المجلس النيابي، في حين أن معظم دول العالم التي تحترم مواطنيها بدأت حملات التلقيح، من دون تجاهل عدم الحديث مع جميع الشركات التي تصنع اللقاح، الأمر الذي يفتح المجال أمام زيادة هذه العملية بشكل سريع، يحول دون استمرار تسجيل المزيد من الإصابات أو الإبقاء على حالات الإقفال التي تقتل الاقتصاد الوطني، حتى ولو كان ذلك عن طريق تشجيع القطاع الخاص على القيام بالمهمة، مع العلم أن الوزارة كانت قد تجاهلت وجود شركة صنعت أجهزة تنفس، هي بأمس الحاجة لها، وقررت الذهاب إلى الاستيراد من الخارج.

في إطار الفوضى نفسها، جاء القرار بفتح البلد على مصراعيه خلال فترة الأعياد من دون أي إجراءات رقابية، خصوصاً أن الجميع كان يعلم بفشل خطة زيادة عدد الأسرة في المستشفيات، وبالتالي الكارثة كانت متوقعة قبل حصولها، فأين كان وزير الداخلية والبلديات الذي كان من المفترض أن يحرص على عدم حصول ذلك، بدل أن يعلن، في الأيام الماضية، أن نسبة الالتزام بالإقفال التام جيدة جداً، في حين أن جميع المواطنين كانوا يشهدون عدم صحة ذلك، بدليل ما كان يحصل في العديد من المناطق، بهدف حماية اللبنانيين من خطر الموت على أبواب المستشفيات، أو جوعاً بسبب الإضطرار إلى الإعلان عن إقفال جديد، في حين تعجز الدولة عن تقديم أي مساعدة للمواطنين أو المؤسسات من أجل تشجعيهم على الصمود في الظروف الصعبة.

في المحصلة، الكارثة، التي قد تتجاوز جريمة انفجار ​مرفأ بيروت​، وقعت، ولا ينبغي تجهيل المسؤولين عنها، طالما أن الوزيرين المعنيين بشكل أساسي لم يقوما بواجباتهما بالشكل المطلوب، لا بل ان مشهد الازدحام الذي حصل على أبواب السوبرماركت، يوم أمس، كان دليلاً إضافياً على ذلك، نظراً إلى أنه سيقود إلى تسجيل المزيد من الإصابات في الأيام المقبلة، بسبب الاختلاط الذي حصل والذي من المتوقع أن يتكرر اليوم وغداً، ما يؤكد مرة جديدة العشوائية القائمة على مستوى القرار والتطبيق في الوقت نفسه.