قطع الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ الشك باليقين، وحدّد مواعيد اجراء ​الانتخابات​ الفلسطينية الثلاثة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني على مراحل متوالية، في رد ايجابي على الرسالة التي بعث بها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ​اسماعيل هنية​ منذ ثلاثة أسابيع، وأكد الرغبة بإنهاء الخلافات وانجاز المصالحة والوحدة الوطنية، على اعتبارها المدماك الاساس لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي ومواجهة مشاريع تصفية ​القضية الفلسطينية​ التي تتعرض لهجوم غير مسبوق.

ويكتسب اعلان تحديد اجراء الانتخابات أهميّة خاصّة في دلالاتها السياسية وتوقيتها، اذ يأتي قبل تنصيب الرئيس الاميركي المنتخب ​جو بايدن​، وتسلّم ادارة جديدة الملفّ بعد فترة من القطيعة بسبب مواقف الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ ضد القضية الفلسطينية، بدءًا من الاعتراف ب​القدس​ عاصمة ل​اسرائيل​ ونقل ​السفارة الاميركية​ اليها، مرورا بوقف المساعدات المالية للسلطة ووكالة "الاونروا"، وصولا الى اقفال مكتب "​منظمة التحرير الفلسطينية​" في ​واشنطن​ وطرد السفير الفلسطيني، والأهم انه رسالة الى الداخل الفلسطيني بان اعادة العلاقات مع "اسرائيل" والتنسيق الامني لن يحول دون اتمام المصالحة كما اعتقد البعض خطأ، على قاعدة ان "خيار المصالحة أولوية".

ويؤكد عضو المكتب السياسي لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" ​صلاح اليوسف​ لـ"النشرة"، على أهمية التزام كل الاطراف بما تم الاتفاق عليهفي إجتماع الأمناء العامين لكل ​الفصائل الفلسطينية​ عبر "الفيديو كونفرنس" بين ​رام الله​ و​بيروت​، واللقاءات الثنائية بين "فتح" و"حماس" في ​تركيا​، على ان تتوج بلقاء للامناء العامين للتوافق على خارطة طريق واضحة تضع قطار الانتخابات على سكة التنفيذ دون اي عراقيل"، مشيرا الى "ان تحديد الرئيس ابومازن لمواعيد الانتخابات عكس رغبة صادقة في انجاز المصالحة،لان ذلك فرصة ذهبية قد لا تتكرر في ظل المتغيرات الدولية والاقليمية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية، وفي ظل الحاجة الماسة اليها للمواجهة الموحدة لمشاريع تصفية القضية ووقف قطار التطبيع العربي.

بينما يوضح الباحث في الشأن السياسي الفلسطيني والقيادي في "حماس"محمد أبو ليلى،أن الحركة تعاملت مع ملف المصالحة بمرونة عالية، لدرجة أنها وافقت على إجراء الانتخابات الثلاثة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني على التوالي، بعدما كانت تشدد على ضرورة أن تتم كلها بالتزامن وفي وقت واحد، مؤكّدا ان الحركة استجابت لتدخلات اربع دول (مصر، قطر، تركيا و​روسيا​) وتلقت ضمانات منها بإجراء الانتخابات الثلاث بالتتابع في غضون ستة أشهر والإشراف عليها لضمان نزاهتها.

وفي الاشهر الماضية، مرت مساعي المصالحة بمحطات عديدة، أبرزها في الثالث من أيلول 2020، حيث عقد إجتماع للأمناء العامين لكل الفصائل الفلسطينية عبر "الفيديو كونفرنس" بين رام الله وبيروت، واتفقوا على انجازها، ثم توالت ​الاتصالات​ واللقاءات وأبرزها في 22 أيلول بين وفدي من حركة "فتح" ب​رئاسة​ امين سر اللجنة المركزية ​اللواء​ جيريل الرجوب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ​صالح العاروري​ في مقر القنصلية العامة الفلسطينية بمدينة ​إسطنبول​ التركيةوبعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في ​الانتخابات الأميركية​، وتحديدًا في 19 تشرين الثاني 2020، أعلن رئيس هيئة الشؤون المدنيةالوزير حسين الشيخ عن عودة التنسيق الأمني والمدني بين ​السلطة الفلسطينية​ والاحتلال "الإسرائيلي"، ما اعتبرته الفصائل الفلسطينية انقلاباعلى كل جهود ​المصالحة الفلسطينية​، قبل ان يعود هنية ويبعث برسائل الىالرئيس عباس والامناء العام للفصائل الفلسطينية في اليوم الأخير من العام 2020 (الخميس 31-12-2020)، تضمنت موافقة "حماس" على إجراء الانتخابات بشكل متتابع وليس بالتزامن، كما كانت تشترط في السابق، وسرعان ما تلقى هنية ردا من الرئيس عباس (الاحد في 3-1-2021) أكد خلالها على "التزامه ب​تحقيق​ الوحدة الوطنيةوالتزام حركة "فتح" ببناء الشراكة وتحقيق الوحدة باعتبارها هدفا استراتيجيا والعمل على توفير ​البيئة​ والمناخ الإيجابي لاستمرار تجسيد كل التفاهمات والاتفاقات السابقة.

كورونا​ المخيف

الى جانب التفاؤل بمسار المصالحة، فانّ تفشي جائحة "كورونا" في اوساط ​اللاجئين الفلسطينيين​ في المخيمات رسم صورة قاتمة في ظل شح الامكانيات المالية للمواجهة وتوفير كل ما هو مطلوب لجهة الحجر والعلاج، في وقت أجمعت فيه ​القوى الفلسطينية​ على انّ "الاونروا" ادارت ظهرها للتصدي الجدي للمعركة، خلافا لما كان متوقعا برفع الاستنفار والاستعداد.

ولفت الانتباه انه وبعد استثناء السلطات ال​لبنان​يّة القطاع الصحّي من قرار الإغلاق العامفي لبنان، قرار المدير العام لوكالة ​الأونروا​ ​كلاوديو كوردوني​ بإغلاق جميع مكاتب رؤساء المناطق ومديري خدمات "الأونروا" في ​المخيمات الفلسطينية​ خلال هذه المدّة، قبل ان يعود ويتراجع عن اقفال العيادات الصحية في المخيمات التي تعاني من أوضاع صحية واقتصادية غاية في الصعوبة بعد موجة استياء واسعة من القوى السياسية والشعبية.

والتزمت المخيمات الفلسطينية ب​حظر التجول​ و​الاقفال​ التاملبنانيا ولم يسجل حركة دخول او خروجمن المخيّمات، توازيا مع ابلاغ ​الجيش اللبناني​ لمختلف القوى السياسية والشعبية والامنية، ان ما يسري على اللبناني يسري على الفلسطيني لجهة حظر التجول او الاستثناءات.

اما داخل المخيمات، فتحت المحال ابوابها وخاصة في اسواق الخضار وسط اجراءات وقائية فردية وفق ما أكّد رئيس لجنة تجار سوق خضار ​عين الحلوة​ سامي عبد الوهاب الذي اضاف "لكن الحركة خفيفة جدا والناس فضلت البقاء في منازلها وعدم الخروج منها الا للضرورة خاصة مع تساقط ​الامطار​ والبرد".

وفي رسالتها الى اللاجئين، دعت "الأونروا" جميع اللاجئينإلى الالتزام التام باجراءات الإغلاق والتدابير الوقائية المطلوبة، حيث ينتشر ال​فيروس​ بسرعة كبيرة، ووفقا لآخر الأرقام، فقد بلغ عدد المصابين بفيروس کورونا في صفوف اللاجئين منذ شباط الماضي 3991 مصابا، مع 450 حالة نشطة و145 حالة وفاة"، موضحة انهللأسف لقد وصلت ​مستشفيات​ لبنان بالفعل إلى طاقتها الإستيعابية القصوى، وأصبح استيعاب المرضى في وحدات العناية المركزة أكثر صعوبة. هذا هو السبب في مطالبة كل شخص تحمّل المسؤولية الفردية لتجنب المزيد من العدوة وفقدان المزيد من الأرواح".