أخيراً، وبعد أشهر عدة على تسلم ​لبنان​ هبة قطرية مؤلفة من مستشفيين ميدانيين، وبعدما أنجز ​الجيش اللبناني​ ​البنى التحتية​ المخصصة للمستشفى الميداني القطري المنوي تركيبه في ​طرابلس​، أفرجت المناكفات السياسية عن المستشفى الميداني القطري الثاني، والذي كان من المفترض أن يتم تركيبه في منطقة صور، ليتقرر في نهاية المطاف نقل موقع هذا المستشفى الى ​بيروت​. فما قيل علناً عن قرار نقل المستشفى الى بيروت هو العدد الكبير من ​الإصابات​ اليومية بال​فيروس​ الذي تسجله بيروت ومناطق ​جبل لبنان​ والذي يفوق أضعاف ما تسجله المحافظات الأخرى من إصابات، اما ما حصل سياسياً فهو طلب وجهه رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ الى ​وزير الصحة​ في ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​حمد حسن​ يقضي بنقل المستشفى الى العاصمة، على أن يتم تركيبه إما في ​مستشفى بيروت الحكومي​ وإما في ​المدينة الرياضية​، وعلى أن تقوم ​جامعة البلمند​ بتشغيله بالتعاون مع النقابات المعنية وكليات الطب و​المستشفيات​ الجامعية و​الصليب الاحمر​، كل ذلك بمواكبة وإشراف من ​وزارة الصحة​.

هذا المستشفى الميداني الذي كان من المقرر أن يتم تركيبه في صور الى جانب المستشفى الإيطالي، يبدو أن التوجه هو لنقله الى داخل حرم مستشفى بيروت الحكومي وقد بدأ التفاوض مع رئيس المستشفى الدكتور فراس أبيض حول هذا الموضوع، وهنا تقول مصادر في وزارة الصحة، "لا يمكن تركيب هذا المستشفى الميداني إلا بالقرب من مستشفى قائم وفعال، نظراً لما يحتاجه من بنى تحتية (أرض، حمامات، إمدادت صحية...) هذا بالإضافة الى الحراسة لمنع الدخول والخروج وخدمات ما بعد التركيب من طواقم طبية وتمريضية ومطبخ للمرضى، غسيل وتعقيم"...

المصادر المتابعة لملف الهبة القطرية تكشف أن المستشفى الميداني المذكور يتألف من خيمتين، ويضم 500 سرير عادي، ومن ضمن هذه الأسرة هناك خمسة منها فقط مخصّصة للعناية الفائقة بضغط منخفض. أضف الى ذلك يضم 25 جهاز تنفس إصطناعي نقال. أجهزة تستعمل ل​مساعدة​ المرضى على الإنتقال من الغرفة العادية الى غرفة العناية الفائقة.

في المقابل يبدأ هذا الأسبوع تركيب المستشفى الميداني القطري الثاني في طرابلس، علماً ان ​الدولة اللبنانية​ تسلمت المستشفيين الميدانيين خلال يوم واحد ومن دون ان يكون هناك فارق زمني بين الأول والثاني، ولكن كما سبق وذكرنا بسبب المناكفات والخلافات السياسية سيبدأ تركيب واحد في طرابلس وسيتأخر تركيب الثاني، وعندما سينفذ التركيب ويبدأ التشغيل، سيحصل ذلك في بيروت لا في صور كما هو مقرر بحسب الهبة القطرية.

وفي الوقت الذي تحاول فيه أوساط ​حزب الله​ و​حركة أمل​ ربط قرار نقل المستشفى الى بيروت بتراجع أصحاب الأرض في اللحظات الأخيرة وسحب موافقتهم على تركيب المستشفى، أثار قرار النقل موجة إعتراضات في منطقة صور من قبل ​الحزب الشيوعي​ ومجموعات "17 تشرين" وعدد من الاطباء الذين إعتبروا ان "خلافات ​الثنائي الشيعي​ حرمت منطقة صور من المستشفى الميداني".

أينما تم تركيب هذا المستشفى، المهم ان يبدأ تشغيله وبسرعة لأننا بتنا في بلد يموت فيه العشرات يومياً على أبواب طوارئ المستشفيات، بحثاً عن سرير أو عن جهاز تنفس إصطناعي أو عن غرفة عناية فائقة، كل ذلك بسبب فيروس قاتل، سريع الإنتشار، وبسبب سلطة نامت على حرير منذ 21 شباط الفائت تاريخ تسجيل أول إصابة ​كورونا​ في لبنان ولم تجهّز المستشفيات كما يجب لهذه الحرب.