أكّد سفير ​لبنان​ السابق في واشنطن، ​رياض طبارة​، أن "الرئيس الأميركي الجديد ​جو بايدن​ سيركّز خلال ولايته الرئاسية على الداخل الأميركي، وهذا ليس سرًا بل هو ما أعلنه شخصيًا خلال خطاب تنصيبه"، معتبرًا أن "ملف ​فيروس كورونا​ وتداعياته على الداخل الأميركي خصوصًا في الشق الاقتصادي سيكون في رأس سلّم أولوياته".

وفي حديث لـ"النشرة"، أوضح طبارة أن "إنشغال بايدن داخليًا لا يعني أن الشق الخارجي في السياسة الأميركية سيكون مهملًا"، مشيرًا إلى أن "الاهتمام الأميركي بلبنان ينبع من مصالح ​الولايات المتحدة​ في المنطقة، وبرأيي ليس من مصلحة أميركا إنهيار لبنان بشكل كامل، خصوصًا أن حليفهم الأوروبي يخشى بشكل كبير من الفوضى في لبنان لأنها قد تؤدي إلى تسرّب ​النازحين​ واللاجئين إلى ​أوروبا​".

ورأى طبارة أن "الإدارة الأميركية الجديدة لن تتراجع عن العقوبات التي تم فرضها على شخصيات لبنانية، ولكن لن تزيد في وتيرتها"، معتبرًا أن "المبادرة الفرنسية كانت منسّقة مع الجانب الأميركي ولا صحة للحديث عن خلاف بين الجانبين رغم وجود تباين بوجهات النظر حول بعض الملفات"، مذكّرًا بأن "العقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس أتت لمصلحة أميركية بتسريع إطلاق عملية التفاوض حول الحدود البحرية وليس لعرقلة مبادرة الرئيس ​ايمانويل ماكرون​".

وشدد طبارة على أن "الجانب الأميركي لم ولن ينسحب من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان و​إسرائيل​، ولكن هذا المسار مُجمّد أميركيًا وهو على نارٍ باردة بانتظار تحقيق الإدارة الجديدة التقدم في الأمور الداخلية، أما على المستوى السياسي فلا أتوقع تغييرًا في السياسة الأميركية فهناك إجماع أميركي بعدم التعامل مع أي حكومة يسيطر عليها ​حزب الله​، مع ما يعنيه ذلك من عدم تقديم أي مساعدات مالية للبنان".

وردًا على سؤال حول الربط بين تحقيق انفراجات في ​الشرق الأوسط​ ومصير المفاوضات الأميركية-الإيرانية، شدّد طبارة على أن "العلاقة الأميركية-الإيرانية هي النقطة المركزية، والجانب الأميركي مستعد للعودة إلى المفاوضات شرط التزام ​ايران​ بعدة أمور"، مبيّنًا أن "هناك 3 بنود أساسية قبل الوصول الى نتيجة، أولا، أن يكون الاتفاق مدى الحياة وعدم ربطه بمدّة زمنية كما حصل في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، ثانيًا، أن يشمل الإتفاق البرنامج الصاروخي الإيراني بهدف عقلنته بحسب الأدبيات الأميركية، ثالثًا، تنظيم علاقة إيران بدول الجوار وارتباط ذلك بالمليشيات في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله في لبنان والحوثيين في ​اليمن​".

وعن التصلّب في الموقف الإيراني، أوضح طبارة أن "التصريحات الايرانية برفض التفاوض قبل رفع العقوبات ليست تصلبًا إنما المؤشر على قربها، فالجانب الإيراني يحاول رفع سقف شروطه بعدما لمس رغبة أميركية بالعودة للمفاوضات"، مؤكدًا أن "الجانبين الايراني والاميركي لديهما اهتمام مشترك بالعودة إلى هذا المسار، فايران انتظرت بفارغ الصبر رحيل ترامب وهي بحاجة إلى هكذا مسار كونها تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وبرأيي المفاوضات لن تكون سهلة".

وفي الختام، رأى طبارة أن ما جرى في الولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة لولاية ترامب خصوصًا لجهة اقتحام مبنى الكونغرس أصبح في الواجهة ولن يكون تفصيلًا، مشيرًا إلى أن "البيض في أميركا يشعرون بأن نفوذهم بدأ يتراجع منذ تولي أوباما مقاليد الحكم كأول رئيس أسود، وترامب استغل هذا الشعور وعمل على تغذيته في السنوات الماضية"، متوقعًا أن "أميركا ستمر بمرحلة صعبة على المستويات الاجتماعية والسياسية وستشهد خضات داخلية"، معتبرًا أن "النقاش في هذا المجال يحتاج إلى أطروحات ولا يمكن تلخيص المشهد ببضعة سطور".