شرحت مصادر واسعة الإطلاع لـ"الجمهورية" خلفيات ​الأزمة​ بين شريكي تأليف ال​حكومة​، لافتة إلى انه "بعيداً من المصطلحات التي احاطت تعطيل ​تأليف الحكومة​، والنعوت التي أُطلقت على مقاربة الرئيسين لملف التأليف من صبيانية وشخصانية واهتراء سياسي وانعدام مسؤولية، فهناك في البلد معركة سياسية حامية الوطيس بين نقيضين، اي ​رئيس الجمهورية​ العماد ميشال عون ومعه التيار الوطني الحر وما يمثل، ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ ومعه تيار المستقبل وما يمثل. في قلبها صراع حقيقي وكبير على كيفية ادارة البلد، وصراع على الصلاحيات، وكل طرف منهما قد رمى اوراقه كلها على الطاولة، بما يعني انّهما يلعبان "صولد" مقابل بعضهما البعض.

ولفتت المصادر المذكورة، والمطلّعة عن كثب على خلفيات الخلاف، إلى انّ ​الحكومة الجديدة​، قد تكون حكومة الاستحقاقات والمهمات الكبرى، ليس لامتلاكها قدرات خارقة، لأنّها تأتي في فترة تصبح فيها تلقائياً ممسكة، الى جانب مهمتها الأساسية التي قد تُشكّل على اساسها وتُسمّى "حكومة مهمّة"، بمفاصل اساسية، من لحظة تشكيلها وحتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، حيث انّها ستكون مشرفة على جملة استحقاقات، اولها ​الانتخابات النيابية​ ربيع العام المقبل، وكذلك الاستحقاق الرئاسي في الخريف، واستحقاق ​الانتخابات البلدية​، وكذلك الاستحقاق الذي قد يفوقها اهمية وهو استحقاق الخيارات الاقتصادية ل​لبنان​، وهي خيارات محل تناقض حاد بين عون وفريقه والحريري وفريقه.

ورأت المصادر أن "كلا الطرفين ينطلقان نحو هدف واحد، وهو من يمسك بالسلطة التنفيذية من الآن وحتى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. وتحت عنوان "انا الحاكم وحدي بأمر الحكومة"، فكلاهما يسعيان الى اثبات نفسيهما على باب الحكومة، وان يكون كل منهما صاحب اليد الطولى في الحكومة، باعتبارها فرصة لترميم النفس والعودة الفاعلة الى قلب المشهد السياسي. فرئيس الجمهورية، اولويته ان يجعل من الفترة المتبقية من ولايته، فترة تعويضية عن الفشل في تحقيق إنجاز ما في السنوات الاربع الماضية من الولاية، اضافة الى السعي جدّياً الى محاولة ترميم التصدّعات التي أصابت "التيار الوطني الحر" الذي لا يزال الرئيس الأساس لهذا التيار، وهذا قد يتأمن في حكومة تكون له كلمته العليا فيها، متسلحاً بشخصه وموقعه الرئاسي، وبنوع الوزارات التي ستُسند الى فريقه، وكذلك بالثلث المعطل فيها، ومثل هذه الحكومة بالتأكيد لا تكون برئاسة الحريري".

وأضافت "الامر نفسه بالنسبة الى الحريري، الذي يريد الإستفادة من تجربة العلاقة السابقة مع عون ورئيس التيار الحر جبران باسيل، وكذلك من تجربة الإخفاق في الانتخابات النيابية الماضية، وذلك عبر تشكيل حكومة وفق فهمه للدستور والطائف، ويكون فيها صاحب الكلمة والقرار، ينتهج فيها سلوكاً وخيارات سياسية واقتصادية تمكّنه من اعادة استنهاض جمهوره وشدّ عصبه، وبالتالي ترميم كل الصدوع التي اصابت تيار «المستقبل» في السنوات الاخيرة".