منذ بدء الإحتجاجات في 17 تشرين الأول من العام 2019 إختلف الحال كثيراً في ​لبنان​ لناحية سحب ودائع الناس من ​المصارف​، فقبل ذلك الوقت كانت بمختلف العملات متوفّرة وفجأة تغيّر كلّ شيء، إرتفع سعر صرف ​الدولار​ مقابل الليرة، وشيئاً فشيئاً بدأ ينخفض السحب "بالعملة الخضراء" حتى بات مستحيلاً القيام بذلك، وحتى السحوبات ب​الليرة اللبنانية​ وضعت لها سقوف.

بعدها إنتقل الحديث من عدم القدرة على سحب الأموال الى الكلام عن ودائع اللبنانيين التي لا يعرف أحد مصيرها، كلّ ما يعرفه الناس أنّ "جنى عمرهم" موجود في المصارف ولا يستطيعون الوصول إليه. ومؤخّراً جرى الحديث عن أنّ بعض المصارف تقوم عبر وسطاء وصيارفة ببيع شيكات لمبالغ من مليون دولار وما فوق مقابل 39 بالمئة من قيمتها ويتم ّشطب الحساب بالمصارف، وبهذه الطريقة تقوم بعض البنوك بتخفيف ديونها!.

"الودائع تراجعت في المصارف بحوالي 33 مليار دولار إبتداءً من 2019، منهم 19 مليار دولار في أول 11 شهر في 2020". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي ​نسيب غبريل​ عبر "​النشرة​"، لافتاً الى أنّ "هذا سببه عدّة أمور أوّلها شركات، مؤسّسات وأفراد سدّدت ​القروض​ في المصارف، السحوبات "الكاش" التي أصبحت بين أيدي الناس والشركات وهي تتراوح بين 8 و10 مليارات دولار، كذلك خروج الودائع من المصارف الى ​القطاع العقاري​ وهناك جزء من هؤلاء يأخذون "شيك" من المصرف ويذهبون الى الصيرفي أو شخص آخر ويخسرون فيه مقابل أن يحصلوا على الأموال النقديّة".

بدوره الخبير الإقتصادي ​وليد أبو سليمان​ يلفت عبر "النشرة" الى أنه "عندما تُصرف "الشيكات" هناك أناس عليها ديون تشتريها بأقل من قيمتها لتدفع ديونها"، مشيراً الى أن "من يأخذ هذا الشيك هو من عليه دين وبالتالي يكون دفع ثمن ديونه والمصرف في نفس الوقت خفّف من الودائع"، مضيفاً: "في بعض الأحيان الشيك بقيمة مليون دولار يُصرف بحوالي الـ300 ألف دولار نقداً"، معتبراً أن "المصرف بهذه الطريقة يخفّف من المطلوبات عليه ولكن حتماً هو لا يستطيع أن يفرض على الزبون أن يقوم بهذه العمليّة أو أن يحصل على أمواله "بشيك" مصرفي".

"المصارف عليها دين ودينها يكمن في أن تسدّد للناس أموالها أيّ الودائع". هذا ما يؤكده نسيب غبريل، مشيرا الى أنّ "الناس هي التي تقوم بسحب أموالها وهذا قرار المودع، وهو الذي يؤدي الى تراجعها والى تراجع متوجبات المصارف للمودعين، وفي نفس الوقت المصرف يريد أن يُحافظ على السيولة لديه بالعملة الأجنبيّة أو بالدولار". في هذا السياق، يشدّد وليد أبو سليمان على أن "عملية سحب الأموال من المصارف عبر "شيك" مصرفي وقبضها من الصيارفة ومن غير ذلك بمبلغ أقل بالعملة الأجنبيّة لا تأثير له على إرتفاع وإنخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ولكن هذا الأمر ينقُل الدولار من المصارف ليصبح بين يدي الناس وفي المنازل".

في المحصّلة يعتبر إخراج الاموال من المصارف عبر "شيك" مصرفي وصرفه في الخارج بأقل من قيمته هو واحد من الأساليب التي تخفّف بها المصارف ديونها، لتبقى العين على الايام المقبلة فهل يعود زمن السحب الطبيعي للأموال من المصارف؟!.