نقلت صحيفة "الأخبار" عن ​الرئيس ميشال عون​ تأكيده أنه ليس في وارد القبول بتمديد ولايته، أياً تكن الجهة التي تنادي به، ولا التفكير في ذلك حتى. وشدد على انه "ما دمت أحرص على صلاحياتي ​الدستور​ية وأتمسك بها، وأضع حداً لأولئك الذين اعتادوا الاعتداء على صلاحيات ​رئيس الجمهورية​، أو على بنود سواها في الدستور، حريّ أن أكون أول المتمسكين بنصوصه واحترام تطبيقها، وعدم السماح بالنيل منها. ردود الفعل على غلطة طرح ​التمديد​ الذي لا أوافق عليه، لا تتوخى عند البعض سوى استغلال هذا الموقف للتصويب في منحى مغاير. سوى ذلك، لا نزال في الثلث الثالث من الولاية. بكير بعد على الذين يعتمدون على كوابيسهم".

وأوضح ان "تمسُّكي بالدستور وبصلاحياتي خصوصاً هو الذي يمنع محاولة فرض حكومة غير متوازنة، أو التعرّض لصلاحيات رئيس الجمهورية. هناك مَن لم يعتد على احترام صلاحيات الرئيس. لكن ثمة مَن لم يُلمّ بها ويريد الآن فرض إرادته أو يتصوّر أنه قادر على ذلك. أيام الحقبة السورية تعوّدوا على ​غازي كنعان​ يؤلف لهم الحكومات، ويقبلون بالحصص، وبمَن يسمّيه لهم ويدّعون أنهم طبقوا الدستور وألّفوا الحكومات. اليوم، يريدون أن يفعلوا الأمر ذاته من دونه". وقال: "في أحد اجتماعاتي مع رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​، قال لي إنه الرئيس المكلف، وهو مَن يؤلف الحكومة كلها. طبعاً هذا لم أسمح به قبلاً، ولا الآن. بحسب المادة 53، رئيس الجمهورية شريك أساسي في ​تأليف الحكومة​، وفي الموافقة على كل اسم مرشح للتوزير، لأن مسؤوليتي كرئيس الجمهورية أن أحافظ على التوازن داخل الحكومة. المسؤولية مشتركة لا أحد يستأثر بها. من دون احترام التوازن وما أسمّيه المعايير الموحدة لن أوقّع مرسوم حكومة".

وعن انقطاع التواصل بينه وبين الحريري لفت إلى انه "لا حاجة الى أن أدعوه كي يأتي الى هنا. قلت له قبلاً أهلاً وسهلاً به في ​بعبدا​، عندما يريد أن يأتي ومعه مشروع حكومة غير الذي أتى إليّ به في آخر اجتماع بيننا في 23 كانون الأول. أتى بمسوّدة من 18 وزيراً، غير متوازنة، رفضتها. عندما يفكر في صيغة جديدة، أبواب بعبدا مفتوحة للرئيس المكلف. أما إذا أصر على مسودته تلك، فالأمر شأنه هو".

وأضاف "في البداية، اعتقدنا أن تباطؤه في التأليف مردّه الى قلقه من إقدام الرئيس السابق ​دونالد ترامب​ قبل انتهاء ولايته على عمل يستهدفه هو ويعرّضه ل​عقوبات​، في حال سمّى وزراء يرضى بهم ​حزب الله​. في ما بعد، اكتشفنا أن المشكلة ليست هنا. أصبحت في تسمية الوزراء المسيحيين. في المرة الأولى، قال لي سمِّ الوزراء المسيحيين التسعة. سألته عن توزير ​سليمان فرنجية​، فأجاب أنه يتدبّر الأمر معه. سمّيت، فذهب وعاد بموقف معاكس. من الطبيعي أن يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين بسبب إحجام الأفرقاء المسيحيين عن المشاركة، إضافة الى رفض الرئيس المكلف أي دور للكتلة ​المسيحية​ الكبرى وأكبر كتلة في ​مجلس النواب​ التي يترأسها النائب ​جبران باسيل​. مع ذلك قلت له دعه جانباً، وسأتفاوض أنا معك. اخترع الثلث +1 على أنني أطالب به. هذا غير صحيح، ولم أطالب يوماً بالثلث +1 لأن إرادة التعطيل عندما تتكوّن لا تقتصر على فريق واحد، بل أكثر من فريق وربما ائتلاف أفرقاء. فريق واحد لا يسعه التعطيل، ولدينا من الماضي القريب أمثلة وفيرة. طالبت بستة وزراء، أي خمسة +1. هذه حصة التمثيل وليست حصة التعطيل. أتاني رداً على تمسكي بتمثيل المسيحيين للسبب الذي ذكرتُ، أنه هو الذي يريد أن يسمّي لي الوزير المسيحي السادس المحسوب على حصتي. عندما تسأله عن الوزراء ​الشيعة​، يقول إنه متفاهم مع رئيس مجلس النواب ​نبيه برّي​ على ​وزارة المال​، ومع حزب الله على وزرائه. في النتيجة يسمّي رئيس ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ وزيره، والشيعة وزراءهم، و​حزب الطاشناق​ وزيره، وسليمان فرنجية كذلك، والحريري يسمّي الوزراء السنّة، ويريد أن يكون شريكاً في تسمية الوزراء المسيحيين. هذا ما لا يمكن القبول به، لأنه يخلّ بالتوازن داخل الحكومة". وشدد على انه "لن نتحدث من الآن فصاعداً إلا في حكومة من 20 بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي".

وأكد أنه "طبعا، أريد حكومة جديدة تكمل السنتين الأخيرتين من الولاية، لكن ليس كيفما كان، أو حكومة تخلّ بالتوازن، أو تعطي المسيحيين حقائب ثانوية، أو تتجاهل موقع رئيس الجمهورية ودوره وصلاحياته. لن أفرّط بما أنجزناه خلال السنوات الأخيرة، بجعل الفريق المسيحي شريكاً فعلياً وليس صنيعة الآخرين الذين يفرضون مشيئتهم عليه. هنا مصدر صلاحياتي الدستورية ومسؤولياتي السياسية".

ونفى ​الرئيس عون​ أن يكون قد فكّر في التخلي عن الحريري كرئيس مكلف، أو دفعه الى الاعتذار، قائلا: "لكن ذلك لا يعني أن أوافق على كل ما يطرحه. يقتضي توافقنا على تأليف الحكومة لأن مرسومها يصدر عن الرئيسين. بحسب الدستور، يوقّع رئيس الجمهورية منفرداً مرسوم تسمية رئيس ​مجلس الوزراء​، والاثنان معاً يوقّعان مرسوم تأليف الحكومة. ذلك يعني مسؤولية دستورية مضاعفة لرئيس الجمهورية حيال أي حكومة يوقّع مرسومها".

ورأى ان "الحريري بات يتصرّف كما لو أنه يملك أن يفعل في التأليف ما يشاء، وليس لرئيس الجمهورية سوى أن يوقّع. أنا شريك فعلي في التأليف. ليس هو مَن يعطي كما لو أنه صاحب الحق، بل نحن الذين نأخذ. يكسر المداورة في مكان ويتمسك بها في مكان آخر، ويقول لنا لا تقربوا من المال ولا من الداخلية ولا من ​العدل​. يوزّع الحقائب كيفما يشاء. أريد التعاون معه، لكن هو الذي لا يريد".