أشار السيد علي فضل الله إلى أن "​لبنان​ يشهد تداعيات يعاني منها اللبنانيون على الصعيدين المعيشي والحياتي، والذي تفاقم بعد قرار الإقفال الذي لم تتخذ فيه الدولة أية إجراءات سريعة لمساعدة من قد يتأثرون به، ما ادى الى الاحتجاجات التي جرت في أكثر من منطقة لبنانية ووصلت إلى حد المصادمات الدامية التي جرت مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وهي وإن بقيت حتى الآن في إطار محدود لكنها إن لم تعالج أسبابها، فقد تكون هذه هي الشرارة الأولى التي تؤدي إلى الفوضى الأمنية والتي لطالما حذرنا منها ومن تداعياتها وممن قد يستغلها ويدخل على خطها، وهناك من ينتظر ذلك للعبث بأمن هذا البلد وتنفيذ أجنداته فيه".

ودعا فضل الله الدولة "مجدداً إلى تحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها والقيام بكل الخطوات المطلوبة منها لإخراجهم من أزماتهم ومعاناتهم، أو على الأقل التخفيف عن العائلات الأكثر فقراً. وأن لا تدير ظهرها لذلك حتى لا يخرجهم فقرهم وجوعهم عن طورهم، فيتجاوزا القانون"، مؤكداً ان "الدولة لا ينبغي أن تكتفي بأن تعاقب مواطنيها عند تجاوزهم للقانون أو لعبثهم بالأمن، بل لا بد لها من أن تعالج الأسباب التي دعتهم الى ذلك حتى تقيهم شر النتائج".

كما أفلت إلى أنه "يبقى لنا في هذا المجال أن نقول لكل من يعانون في جوعهم وفقرهم وعدم قدرتهم على تلبية حاجاتهم وحاجات أولادهم، إن من حقكم أن تثوروا وتعبروا عن وجعكم ومعاناتكم، ولكن ينبغي الا توجهوه إلى من يعانون مثلكم من الجيش والقوى الأمنية، ومن ضحوا بحياتهم للحفاظ على أمنكم وسلامتكم، بل إلى من هم السبب في إيصالكم إلى ما وصلتم إليه، فهؤلاء هم الذين ينبغي أن توجهوا غضبكم اتجاههم".

وأضاف "ندعوكم إلى الوعي وأن لا تسمحوا لأحد بأن يستغل آلامكم ومعاناتكم ويتسلق من خلالها لتحقيق أهدافه الذاتية ومصالحه الخاصة، وحتى لا تكونوا جزء من الصراع الجاري بين من هم في مواقع الحكم أو يستفيد منها الخارج للعبث بهذا البلد. إننا نريد أن تبقى أهدافكم ووسائلكم نظيفة، حتى لا تذهب تحركاتكم سدى ولا تحققوا الأهداف التي عملتم لأجلها، كما حصل في التحركات السابقة".

وشدد فضل الله على أن "مشكلة المحتجين ليست مع الأملاك العامة والخاصة، بل مع السياسيين الذين افقروا هذا البلد، والتعرض للاملاك العامة لن يحقق لكم أهدافكم ومطالبكم بل تزيد الأمور تعقيدا". وتابع "نبقى على الصعيد الصحي حيث تستمر الآثار الكارثية لتداعيات جائحة كورونا بفعل استمرار ارتفاع معدل الإصابات وأعداد الوفيات وعدم وجود أسرّة كافية للمصابين في المستشفيات، ما ينذر بكارثة على هذا الصعيد.. ومن هنا فإننا نجدد دعوتنا بضرورة توفير كل السبل لدعم هذا القطاع وإسناده بكل الوسائل الضرورية لأداء دوره.. وندعو مجدداً إلى التقيد التام بإجراءات الوقاية حتى في إطار الاحتجاجات التي تجري حتى لا نصل الى كارثة على الصعيد الصحي إن استمر الوضع على هذه الحال".

وفي هذا الإطار، جدد فضل الله دعوته "بضرورة توفير كل الجهود لمنع انهيار القطاع الصحي وإسناده بكل الوسائل لضمان استمراره بأداء دوره"، مؤكداً على "التقيد التام بإجراءات الوقاية وعلى الإسراع بتوفير اللقاح ليشمل كل اللبنانيين ، وأن يوزع وفقا للأصول. وهنا نقدر الجهود الذي بذلت، لكننا نعيد التأكيد على عدالة التوزيع، وعدم إدخاله في البازار السياسي أو الحزبي أو الطائفي، وأن لا يكون هنالك ابن ست وابن جارية في عملية التوزيع".

أما على صعيد الحكومة، أفاد بأنه "لا يزال تأليف الحكومة وبعد ثلاثة أشهر، أسير لعبة عض الأصابع وليّ الأذرع بين القوى السياسية من دون أن يأخذ من هم معنيون بالتكليف معاناة اللبنانيين التي تزداد يوماً بعد يوم في الاعتبار، وما آل وقد يؤول إليه البلد، وإذا كان هناك من ينتظر الخارج، فإننا نرى أنه ينتظر سراباً لن يأتي بعدما أصبح واضحاً أن هذا الخارج لا يزال مشغولاً بأزماته، ولن يساعد اللبنانيين ما دام اللبنانيون غير معنيين بمساعدة أنفسهم. لذا نقولها لكل من هم في مواقع المسؤولية على هذا الصعيد، إنكم تتحملون أمام اللبنانيين وأمام الشارع المسؤولية عن كل ما يجري للبنانيين من آلام ومعاناة وتبعات، وعليكم أن تتقوا غضبهم ولعنة التاريخ".

وقال "عليكم أن تعوا أن مواقعكم التي أنتم فيها، ليست ملككم، بل أمانة أودعتموها وعليكم أن تؤدوا الأمانات بأفضل ما أعطيت لكم.. فالوقت ليس وقت مناكفات وصراعات ولا هو قلب معادلات بل هو وقت إخراج إنسان هذا البلد من معاناته ومن يأسه وإحباطه. وينبغي أن نتوقف عند الحوادث الأمنية المتكررة ومنها حوادث السرقة، وكان آخرها الحادثة الأليمة التي جرت في البقاع والتي أودت بحياة شاب وإصابة ولده، والتي نخشى أن تزداد بفعل الظروف الاقتصادية والتفلت الأمني".

ودعا فضل الله إلى "ضرورة تضافر الجهود لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة والتي ينبغي أن تكون محل تنسيق وتعاون بين الجهات الأمنية والبلديات، والقوى التي لها تأثير على الأرض للوقاية منها وملاحقة الفاعلين ومعاقبتهم".

زحزل تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي وتلويحه باستخدام القوة واستهداف المدنيين، لفت فضل الله إلى "إننا في الوقت الذي نضع هذه التهديدات في إطار استعراض القوة والتهويل والخوف من أي تطورات قد تكون على حساب هذا العدو... فان هذا ينبغي ألا يدعونا الى ان لا نكون على حذر من أي مغامرات قد يقدم عليها هذا العدو عندما يرى الفرصة مناسبة، وهذا لا يتم إلا بالوحدة واستنفار كل عناصر القوة والتي لا بد من عدم التفريط بها والتي تبقى الرادع الأساس له".