يسعى الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ لحشد التأييد الدولي لمبادرته في ​لبنان​ قبل التفكير في زيارة ​بيروت​ مجدّداً، خصوصاً بعد النصائح التي تلقّاها من مستشاريه بأنّ "هيبة" ​فرنسا​ تسقط كلما زار لبنان وغادره بلا ​تحقيق​ نتائج، لذلك رغم ما يُقال عن زيارة قريبة للرئيس الفرنسي، إلا أن هذا الأمر ليس وارداً في المدى المنظور، أقلّه ليس قبل تشكيل ​الحكومة​ اللبنانيّة.

ولكن عدم زيارة ماكرون إلى لبنان لا تعني أنّه لا يعمل على الملفّ اللبناني بشكل شبه يوميّ، سواء قام بالعمل بنفسه أم عبر وزير خارجيته ​جان إيف لودريان​، وآخر محاولات الرئيس الفرنسي هي طرح ضمّ ​المملكة العربية السعودية​ إلى أي طاولة مفاوضات أميركية–إيرانية.

تشير مصادر سياسية مطّلعة إلى أنّ فرنسا تعمل في الملف اللبناني على جبهتين، الأولى هي الجبهة الخارجية المتمثّلة بشكل أساسي في ​الولايات المتحدة الأميركية​ والسعوديّة، والثانية هي الجبهة الداخليّة، لأنّها اكتشفت منذ فترة أنّ عوائق ​تشكيل الحكومة​ ليست خارجيّة فحسب بل داخليّة أيضاً، وهذا كان العنوان الأبرز للمواضيع التي تناولها ماكرون في اتّصاله ب​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​.

وتكشف المصادر عن وجود معطيات تؤكّد اتّصال ماكرون برئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، مشيرة إلى أنّ الرئيس الفرنسي يلمّح لوجود بعض المتغيّرات بالمبادرة الفرنسية، تجعل تطبيقها أسهل، خصوصاً بعد أن نالت فرنسا ​الضوء​ الأخضر للعمل بحريّة في لبنان، مشدّدة على أن التغييرات التي ستطال المبادرة لم تتّضح بعد ومن المفترض أن تكون الصورة مكتملة قبل منتصف شهر شباط الحالي.

وترى المصادر أنّ المتغيرات التي قد تطرأ على المبادرة الفرنسية لن تكون جوهريّة، إلا بالشق المتعلق "بأن تكون حكومة غير سيّاسية"، لأنّ الكل يعلم بضرورة وجود سياسيين في الحكومة المقبلة للعمل على ملفات ذات طابع سياسي، كملفّ ​النازحين السوريين​، ملفّ ​ترسيم الحدود​ بين لبنان و"​إسرائيل​"، وغيرها، ولكن حتى اللحظة لم يُحسم بعد هذا التوجّه.

وتلفت المصادر النظر إلى أن الحديث عن تطعيم الحكومة بسياسيين، سُمع منذ فترة بين أروقة ​البطريركية المارونية​، والتي للمناسبة يفضّل بطريركها أن تظلّ الحكومة على حالها، أيّ حكومة مستقلّين اختصاصيين، ولكن بحال حملت المبادرة الفرنسية متغيّرات بهذا الشأن، فّإن ذلك يكون بتوافق خارجي، الأمر الذي لن يعارضه الداخل، خصوصاً أن أغلبيّة القوى اللبنانية ترى أن وجود سياسيين في أي حكومة هو أمر ضروري لا بدّ منه، لأنّ ​السلطة​ التنفيذية لا يمكنها فصل نفسها عن ملفّات البلد السياسية.

إذا، ترى المصادر أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد حركة إتصالات ومشاورات جديدة على الدرب الحكومي، قد تكون بدايتها في بيان رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، الإثنين، الذي تراه المصادر يحرّك ​المياه​ الحكوميّة الراكدة، وسيكون عنوان الحلول في الفترة المقبلة، على عكس ما يظنّه البعض بأنّه فتح معركة جديدة بين ​رئاسة الجمهورية​ ورئاسة المجلس النيابي، مشيرة إلى أنّ كل السعي الخارجي سيبقى بلا "بركة" بحال لم يتوصل ​اللبنانيون​ إلى نقاط مشتركة ينطلقون منها في مقاربة هذا الملف، وبالتالي على القوى السياسية ان تبادر للإتفاق فيما بينها قبل الحديث عن عراقيل خارجية.

تتسارع وتيرة الأحداث في لبنان، من ​الأمن​ إلى ​الإقتصاد​، و​السياسة​، فهل يحمل شباط الخير للبنان؟!.