لعلَّك آتٍ!... هوذا طيفُك في وادي قنُّوبين ومعالمُ وجهِك مَحفورةٌ على صخور إهدن العروس التي لا تحني الجبين...

هوذا صوتك يهبُّ من وادي القديسين ويهدرُ كعاصفةٍ تُكنِسُ القبائح لتنجليَ الحَقائق.

تعال مارون وانفض عنَّا مرارةَ الأيَّام!... تعال ووحِّدنا تحت ظلِّ عباءَتِك ولا تبطئ... أسرع تعال!... فالحالُ قد استحالَ إلى مُحال...

وانتابني تساؤل عميق وسؤال وجيه... مارون وإن عدت، ما كنت لتجدَ اليومَ على أرضنا؟...

في قنوبين لوجدتَ أنَّ جدرانه لا تزال منقوشة بدماء الشهداء والأبرار والنسَّاك وصدى صلواتهم متردِّدة في كُلِّ حَنيةٍ من حنايا الوادي الغنَّاء...

مارون وإن عدت، لوجدت أيضًا المسؤولين المدنيين، الذين يتباهون باسمِكَ، متفارقين، متباعدين وحالُهم حالُ الفارغين وصولجانُ ملكِهم زائفٌ وغيرُ رصين ووجدانُهم عن الحقِّ زائغٌ، ووطنُنا تحت ثقلِ الخطيئة رازحٌ ونحن مُبعثرون وغيرُ جادِّين، غرباء بدون مأوى أمين، وأرزُك ككهلٍ مُثقلٍ بالهُموم ولو كان خضيرًا، فأبناؤه مؤلَّمون، مُجرَّحون، مُهمَّشون، مُهَّشَمون...

مارون وإن عدت، لوجدت تلاميذك مُبعثرين ورهبانك خائفين، والقليليون منهم على إيمانهم القويم ثابتون... وشبيبتك على أبواب السفارات وأنظارهم إلى الهجرةِ مُتَّجِهة وحالهم هزيلة، وبيتُك قد شحَّ فيه زيتُ البركة وانقطعت من أرجائهِ التراتيل، إلَّا أنَّ بعضًا من أهلنا عن صلابتهم وتراثهم غير متزعزعين... طرقاتك في الجبال يبست ولكنها ستعود وتُزهرُ بالياسمين متى ارتَوَت من مياه صنين وتنشَّقت هواء جبال قنوبين العليل و​قاع الريم​ لتنتعش من جديد

مارون وإن عدت، لا تنسى أن تُثبِّت شعبك على حبِّ ربِّك الذي مات عنكَ وعنِّي على الصليب والذي أحببته حتى الموت السَّديد.

ألا اشفع مارونُ بنا وابعِد عنَّا هذا الوباء الخبيث واخلقنا في حُضنِ الإله من جديد.

وأنت يا مريم يا سيدة العالمين تشفعِّي بنا لدى ابنك واسأليه أن يبعد عنَّا كلَّ شرٍّ مُبين، فأنت نجمة الصبح وسلطانةُ الجبال والبحار ومليكة لبناننا العزيز، الذي يتهدهد بين ذراعَيك كالطِّفل الصَّغير الذي لا يخشى هولَ المَصير، فهو بين يَدَيكِ يستريح.