اعتبر "لقاء خلدة" أن "ما حصل وما يحصل اليوم من انهيار ممنهج ومتسارع في البلاد، وانعدام شبه تام لمؤسسات الدولة ودورها الوطني، والتردّي الكبير للوضع المالي و​الإقتصاد​ي والنقدي والصحي والأمني والإجتماعي، والاحتقان الداخلي بين الأفرقاء السياسيين والأحزاب والقوى السياسية الفاعلة، ما هو إلاّ نتيجة متوقعة وبديهية لهذا النظام السياسي، القائم على الديكتاتوريات المقنّعة، والتمييز العنصري والطائفي والمذهبي، هذا النظام المقيت والذي نادى أرسلان منذ العام 2009 إلى ضرورة تغييره وتطويره عبر مؤتمر تأسيسي أو عقد سياسي جديد".

وعقب اجتماعاً في دارة رئيس الحزب الديمقراطي ال​لبنان​ي الأمير طلال أرسلان، أكد اللقاء أن "الحلّ الأمثل للأزمة، وبعد رفض العديد من القوى السياسية المحلية لتسمية المؤتمر التأسيسي، يكون بحوار وطني عام، حوار لبناني - لبناني، بمشاركة أكبر قدر ممكن من أهل الدين وال​سياسة​ والفكر والعلم والثقافة والفن والإقتصاد، غير المرتهنين إلى الخارج، والذين يبدّون مصلحة لبنان العليا على كلّ مصلحة أخرى، ويقاربون الملفات الداخلية من منطلق وطني لدولة واحدة وشعب واحد موحّد بدلاً من منطق الشعوب اللبنانية السائد الآن"، موضحاً أنه "حوار صريح يطرح إشكالية هذا النظام العفن، نظام ولاّدة الأزمات، وكيفية صياغة نظام جديد يتساوى فيه اللبنانيون في الحقوق والواجبات، وتصبح الدولة بمؤسساتها المرجع الأوحد للجميع، مع استعادة ثقة المواطن بدولته وسلطاتها وأجهزتها كافة".

كما شدد على أن "موقفنا من بناء الدولة واحترام القانون والقضاء هو موقف تاريخي وثابت وأبدي، خصوصاً أنّنا ك​طائفة الموحدين الدروز​ طائفة أساس في هذه الدولة وتكوينها منذ ما قبل "دولة لبنان الكبير"؛ أمّا اليوم، نأسف أننا مضطرون وفي ظلّ التخبّط الداخلي والجنون الحاصل نتيجة نظام التحاصص المذهبي، إلى المطالبة بالتمثيل الطائفي الصحيح للدروز، إذ بدأنا نشهد على التعدّي الواضح والفاضح والصريح على حقوق الدروز، في المؤسسات والسلطات والتشكيلات والتعيينات، وآخرها في عمليّة تشكيل الحكومة العتيدة".

وأكد اللقاء أن "التعدّي الحاصل، وبصورة علنية، على حقّ طائفة مؤسسة للكيان اللبناني، من خلال الإجحاف في تمثيلها داخل الحكومة، حيث يتم خفض هذه النسبة إلى النصف في حكومة من 18 وزيراً، والتي يصرّ بعض المعنيين عليها، من خلال التحجّج بحكومة إختصاصيين، هي فعلياً لا تمت إلى مبدأ الإختصاص ولا إلى الميثاقية بصلة، بل نراها حكومة كيدية بامتياز تهدف إلى تحجيم الدروز عبر إلغاء التنوع السياسي الدرزي الذي يفوق عمره عمر لبنان بمئات السنين، وهذا تعدٍّ مرفوض شكلاً ومضموناً، وموقفنا منه لن يتغيّر مهما تغيّرت الظروف أو تبدّلت، والتاريخ شاهد على ما نقول.

وثمن عالياً "موقف ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ ووقوفه إلى جانب هذا الحقّ مطالباً إيّاه بالإستمرار فيه والتشبّث بتطبيق الدستور، الذي أقسم اليمين على المحافظة عليه، وعدم السماح بتهميش طائفة الموحدين وحقّها في التمثيل العادل؛ كما يطالب دولة رئيس مجلس النواب ​نبيه برّي​ والأمين عام لـ "حزب الله" ​السيد حسن نصرالله​ وجميع الوطنيين في هذا البلد، بعدم السماح بالخلل بالتوازنات السياسية الدقيقة في الجبل، وفي قلب الطائفة الواحدة، طائفة أبناء التوحيد العروبيين المقاومين، لما يشكّل ذلك من تهديد على السّلم الأهلي والعيش الواحد، والتاريخ خير دليل على ذلك".

وفي السياق، أشار اللقاء إلى أن "طائفة حافظت بمقاومتها وصمودها على الأرض والعرض والوطن، وصانته في أخطر المراحل وأشدّها، لن تسمح بالإنتقاص من دورها وحقوقها"، مهيباً "بالأفرقاء الدرزية كافة ومن دون استثناء، عدم التساهل في حقّ الدروز بالتمثيل الصحيح، مهما اشتدّت الإنقسامات الداخلية أو الإختلافات في الآراء والمواقف ووجهات النظر، فتبقى مصلحة الدروز وأبناء التوحيد الشريف فوق كلّ اعتبار. حيث أن ما يحصل هو سابقة خطيرة على صحّة التمثيل الدرزي ممّا قد يشكّل عرفاً مكرّساً في المستقبل، حيث أنّ الأعراف في هذا النظام الموبوء لها قوّة القوانين ذاتها".

ودعا كذلك الأفرقاء الدروز إلى "وحدة الصّف والموقف، فلا بدّ من الحوار الدائم وطرح الإشكاليات الداخلية ونقاط الخلاف والإختلاف، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر مسألة مشيخة عقل الطائفة والمجلس المذهبي والأوقاف الدرزية، بهدف تفعيل عملها وإفادة أبناء الطائفة من مواردها، علّها تساعدهم على الصمود في مواجهة الأوضاع الإقتصادية الخانقة، والسّعي إلى حلّها بصدق وشفافية، على قاعدة تغليب مصلحة الدروز ومستقبلهم على كلّ المصالح الشخصية الآنية".

وشدد على أن "لقاء خلدة يدعو الأفرقاء السياسيين والمعنيين أجمعين، للإسراع في تشكيل حكومة وطنية ميثاقية إنقاذية تساهم في الحدّ من الإنهيار الحاصل، لا غالب فيها ولا مغلوب، وتقوم بهذه المرحلة الدقيقة وتتحمّل مسؤولياتها تجاه الشعب والوطن، على أن تعطي الوضع الإقتصادي والمالي والصحي الأولوية القصوى، وتواكب تحقيق التدقيق الجنائي في مؤسسات الدولة كافة، حكومة تحفظ أمن المواطنين واستقرارهم وتنقلهم من قعر المحيط إلى شاطىء الآمان، والله وليّ التوفيق".