أكّد رئيس مجلس ​القضاء​ الأعلى السابق القاضي ​غالب غانم​، في حديث لـ"النشرة" أنّه يحترم القرارات القضائيّة وآخرها قرار ​محكمة التمييز​ بخصوص كفّ يد المحقق العدلي ​القاضي فادي صوان​ عن قضيّة ​انفجار مرفأ بيروت​، معتبرًا أنّه "لا يحقّ لي الإنتقاد إذا كان هناك مجالاً لذلك، كوني تولّيت منصب ​رئاسة​ ​المجلس الأعلى للقضاء​ في وقت سابق، وهذه قاعدة أخلاقيّة ألتزم بها، كما لا أدخل في تقييم أداء ​القضاة​".

ولفت غانم إلى أنّ "قرار محكمة التّمييز عرّج على مسألة الحصانات، فجواب القاضي صوان على طلب الإدعاء بكفّ يده كان واضحاً بأنّه لا يلتزم بالخطوط الحمراء، ما جعل المحكمة تفسّر ذلك على أنّه إقرار من القاضي بأنّه سيخالف هذه الأحكام ولا يمكننا الرّد على تفسير المحكمة".

وفيما يتعلّق بشركات التأمين التي تنتظر نتائج التّحقيقات لدفع التّعويضات، أوضح غانم أنّه "ليس لدي إطّلاع على العقود مع هذه الشّركات، ولكن من المفترض أنّها تستثني بعض الأحداث من التزامها في تغطية تعويضاتها، وهي تنتظر اليوم لتبيان حقيقة الإنفجار ما إذا كان حادثا إرهابيا او نتيجة إهمال او جناية، فنوع الجرم يؤثر على طبيعة التزام الشّركات تجاه المتضرّرين".

وحول مطالبة البعض بكشف نتيجة التّحقيق، لفت غانم إلى أنّ "التّحقيقات سرّيّة والنّتيجة لا يمكن أن تصدر إلّا في القرار الظّني"، مشيرًا إلى أنّ "المحقّق العدلي الّذي سيجري تعيينه خلفًا للقاضي صوّان سيكمل من النّقطة الّتي وصل إليها الأخير تمهيدًا لإصدار قراره الظّنّي الّذي سيتحدّث عن طبيعة الجرم"، مبيّنًا بأنّ "لا مدّة زمنيّة تلزم القاضي باصدار قراره، ومن حقّه أن يأخذ وقته إذا كانت التّحقيقات تتطلّب ذلك ولو لم يعجب ذلك الفئة المتضرّرة".

وردًّا على سؤال حول توقيف بعض الضّباط في القضيّة وتأكيد نقيب المحامين بأنّ من حقّ المحققّ العدلي الإبقاء عليهم كموقوفين حماية لهم، أجاب غانم: "نعم هناك مبدأ يطبّق في ​العالم​ بالنّسبة لبعض الأشخاص، وهذا لا ينصّ عليه القانون ولكنّ قاضي التّحقيق لديه صلاحيّات واسعة في هذا المجال"، موضحًا أن "المبدأ الأساسي هو أنّه يجب توقيف كلّ من يرى المحقّق العدلي أن لهم علاقة ولو غير مباشرة بالقضيّة، وفي حال تبيّن عدم مسؤوليّتهم من المفترض إخلاء سبيلهم، فالتّوقيف له حدود في قانون أصول المحاكمات الجزائيّة، أمّا في الجنايات بإمكان القاضي إبقاء الموقوف إلى حين صدور الحكم النّهائي".

وبالنّسبة إلى الدّعوات لتحويل الملفّ إلى القضاء الدّولي، تمنّى غانم أن تعطى الثّقة للقضاء اللّبناني وأن يكون قادرًا على تحمل مسؤوليّاته مهما كان نوع الجرم، قائلاً: شخصيّا أميل دائمًا إلى القضاء المحلّي، وحتّى الآن لم يثبت القضاء الدولي أنّه أفضل من قضائنا، وهناك قضايا كبيرة تمّت معالجتها في القضاء اللّبناني"، آملاً أن يتمكّن القاضي الجديد و​المجلس العدلي​ من القيام بواجباتهما على أكمل وجه.

وأوضح غانم أنّ "هناك وسيلتين لتدويل القضيّة، وهي إما أن تطلب ​الحكومة​ اللّبنانية إنشاء محكمة دولية وتعيين محققين دوليين في الملفّ، أو أن يبادر ​مجلس الأمن الدولي​ و​الأمم المتحدة​ لفعل ذلك، وحتّى الآن لا يبدو أنّ الأمور متّجهة بهذا الإطار"، معتبرًا أنّ "عدم تعاون بعض الدّول مع ​لبنان​ في هذه القضيّة هو لغز لم يكشف بعد".

في الختام، علّق غانم على إمكانيّة تأثير الشارع على القاضي الّذي ينظر في القضيّة، معتبرًا أنّه "من أبرز صفات القاضي الموضوعيّة، والقانون يلزم قاضي التّحقيق و​محكمة الجنايات​ والمجلس العدلي بوضع يدهم على الملفّ بصورة موضوعيّة، أمّا أن يتأثّر القاضي بمظاهرة من هنا وتحرك من هناك فهذا أمر مرفوض، ومن المفترض عليه أن يتجرّد من عواطفه الدّاخلية حتّى لا يتّخذ قراره تحت تأثير ذلك".