كشفت مصادر موثوقة في ملف ​تشكيل الحكومة​ لصحيفة "الجمهورية"، عن "تحرّك بعيد عن الأضواء في اتجاه الخارج، سعت من خلاله جهات سياسيّة رفيعة المستوى إلى جذب الفرنسيّين وغيرهم إلى تحرّك ضاغط في اتجاه ​لبنان​، لكسر حالة الإنسداد في الأفق الحكومي. إلّا أنّ هذه الحركة، لم تحقّق الغاية المرجوّة منها، ليس لأنّ الخارج المعني بمبادرات الحلول في لبنان يرفض الاستجابة لجهود الحل، بل لأنّ ثمّة قرارًا لدى بعض القادة في لبنان بقطع كلّ الطرق المؤدّية إلى الحلول، وإحباط المبادرة الفرنسيّة".

وأشارت إلى أنّ "عيّنة ممّا تبلّغته الجهات السياسيّة الرفيعة المستوى من دبلوماسيّين في العاصمة الفرنسيّة، وفي لبنان، هي:

-أوّلًا، ليس صحيحًا على الإطلاق ما يُقال عن أنّ تعطيل ​تأليف الحكومة​ في لبنان، هو جرّاء عامل خارجي. وكلّ القيادات في لبنان على علم يقيني بذلك، وخصوصًا أنّهم تلقّوا على مدى الأشهر الماضية تأكيدات من الأميركيّين والفرنسيّين وكلّ دول ​الاتحاد الأوروبي​، بأنّ ​المجتمع الدولي​ يؤكّد على استقرار لبنان، ويشجّع اللبنانيّين على تشكيل حكومة تحفظ هذا الاستقرار وتباشر في عمليّة الإصلاح والإنقاذ. وبالتالي، ذريعة العامل الخارجي المعطّل مختلقة لبنانيًّا ولا وجود لها".

-ثانيًا، إنّ مقاربة القادة السياسيّين المعنيّين بملف تأليف الحكومة في لبنان، تبعث على الريبة، وخصوصًا أنّها تتحدّى إرادة المجتمع الدولي الّذي يرغب في أن يرى حكومة تُشكّل سريعًا في لبنان، لحاجته الماسّة إليها، وخصوصًا مع اقتراب أزمته الاقتصاديّة والماليّة من أن تصبح ميؤوسًا منها.

-ثالثًا، لقد سبق ل​باريس​، أن أعدّت من موقع علاقاتها التاريخيّة مع لبنان، مبادرة تجاهه منذ شهر آب الماضي، لكن القادة اللبنانيّين أحبطوها. والرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ راهن على إيجابيّات لبنانيّة ترافق مبادرته الأخيرة تجاه لبنان (الشهر الماضي)، لكنّه أصيب بخيبة أمل من وعود فاقدة للصدقيّة تلقّاها من بعض القادة في لبنان. وتبعًا لذلك، فإنّه ليس في الأجندة الفرنسيّة حاليًّا ما يمكن أن يقدّم في اتجاه لبنان خارج سياق ما تقدّم في السابق. فالمبادرة الفرنسيّة ما زالت قائمة، وعلى القادة في لبنان أن يلتزموا بها إن كانوا صادقين تجاه بلدهم".

ولفتت المصادر الموثوقة في هذا السياق، إلى "ما تبلّغته من مستويات دبلوماسيّة في العاصمة الفرنسيّة، وفيه أنّ حال شبه الانكفاء لباريس عن لبنان في هذه المرحلة، مردّه إلى استياء بالغ من الواقع الاشتباكي القائم بين رئيس الجمهوريّة ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، والّذي أحبط المسعى الأخير الّذي قرّره ماكرون أواخر الشهر الماضي للتعجيل في تشكيل حكومة في لبنان. وبالتالي، فإنّ الدور الفرنسي في هذه المرحلة لا يعدو أكثر من إسداء النصح للجهات اللبنانيّة بالتجاوب مع جهود الحلّ، وهو ما تتولّاه السفيرة الفرنسيّة في ​بيروت​ ​آن غريو​، وآخرها مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​ قبل يومين".