شدد قطب سياسي ​لبنان​ي على أنه "من غير الجائز" اعتبار أن ما أورده البطريرك الماروني مار بشارة ​الراعي​ في خطابه أمام الحشود التي زحفت إلى الصرح البطريركي في ​بكركي​ تضامناً مع دعوته إلى حياد لبنان ومطالبته بعقد ​مؤتمر​ دولي برعاية ​الأمم المتحدة​، سيبقى في حدود تسجيل المواقف ولن تكون له من تداعيات سياسية على مجمل الوضع في البلد.

وأكد لـ"الشرق الأوسط" أن ما طرحه الراعي "سيبقى على الطاولة وإن كان يتعذّر حالياً تدويل ​الأزمة​ اللبنانية لاعتبارات تتعلق بتفاوت المواقف في ​مجلس الأمن الدولي​، وتحديداً بين الدول ذات العضوية الدائمة".

ولفت القطب السياسي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن العنوان الكبير لخطاب الراعي "يكمن في ضرورة استرداد مشروع ​الدولة​ الذي يشكّل نقطة ارتكاز للبحث عن الحلول للمشكلات والشوائب التي تعيق استرداده"، لافتاً إلى أن ما أورده "يلقى تأييداً عربياً ودولياً ويمكن توظيفه كورقة ضغط تُستخدم لرفع الشروط التي لا تزال تؤخر ​تشكيل الحكومة​ من جهة ووقف الاستقواء بالخارج من جهة ثانية، خصوصاً أن الرهان على المبادرة الفرنسية كممر إجباري لإنقاذ لبنان وانتشاله من قعر الانهيار الشامل ما هو إلا وجه من وجوه التدويل".

ورأى أن المبادرة الفرنسية تحظى بتأييد أوروبي ولا تتعارض مع ​الولايات المتحدة​ بعد أن أعادت النظر في موقفها منها فور انتخاب ​جو بايدن​، لافتا إلى انها "تتناغم مع موقف ​الفاتيكان​ بخلاف ما يشيعه من حين لآخر الفريق السياسي المحسوب على ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ ورئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​، وإلا لم يكن الراعي مضطراً لتوجيه الشكر مراراً إلى ​البابا فرنسيس​ على موقفه الداعم للجهود الرامية لإنقاذ لبنان.

واعتبر القطب السياسي أن الراعي في مطالعته التي ركّز فيها على الأسباب التي تعيق استرداد مشروع الدولة على حساب الدويلات ووقف الانقلاب عليه "لم يخرج عن صمته لأنه سبق أن قال الكثير في هذا السياق في عظاته وهو أراد تجميعها في لائحة اتهامية واحدة وضعها بتصرف اللبنانيين، ولم يتردد في تسمية من يصادرون الدولة بأسمائهم ولو بطريقة غير مباشرة".

وحذّر من "الالتفاف على الثوابت" التي طرحها الراعي "الذي نطق باسم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين والتعامل معها وكأنها لم تكن"، معتبراً أن البطريرك "حشر عون في الزاوية"، مع أنه تجنّب تسميته أسوة بعدم تسميته لـ"حزب الله". ورأى أن "هناك أكثر من معنى لغياب المسلمين وعدم مشاركتهم في مناسبة خُصّصت للتضامن مع بكركي". وأكد أن "الغياب الإسلامي لا يعني أبداً أن هناك من يعترض على المضامين السياسية التي أوردها الراعي في خطابه بمقدار ما أنه ينم عن رغبة بإخلاء الساحة للمسيحيين ومعهم ​الحراك المدني​ ليكون في مقدورهم وبملء إرادتهم تحميل مسؤولية العبث بمشروع الدولة لعون وباسيل وإن كان تجنّب تسميتهما بالاسم".