منذ ما قبل ​الحشد الشعبي​ الذي حصل في الصرح البطريركي في ​بكركي​، يوم السبت الماضي، كانت الأنظار تتجه إلى ما قد يحصل خلاله، نظراً إلى السجال الذي رافق الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي أظهر أن هناك من يريد أن يأخذ ما يقدمه ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ من طروحات إلى مكان آخر، حيث كان الكثيرون يتوقعون، قبل الموعد المنتظر، أن ترفع الشعارات أو الهتافات التي تم ترديدها.

وعلى وقع الشعارات التي كانت تستهدف "​حزب الله​"، عبر وصفه بالإرهابي، وتلك التي تتناول ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​، كانت الكثير من الأسئلة تطرح حول موقف بكركي مما يحصل، لا سيما أن البطريرك الماروني كان، قبل أيام، قد استقبل وفداً من "​التيار الوطني الحر​"، سبقه ​اتصال​ مع رئيس التيار النائب ​جبران باسيل​، والأجواء كانت أكثر من ايجابية.

في الصورة العامة، تشير شخصية سياسية مقربة من أجواء بكركي، عبر "النشرة"، إلى أنها لم تكن راضية عما حصل خلال الحشد الشعبي، لا سيما لناحية الشعارات التي تناولت قوى سياسية أو ​رئاسة الجمهورية​، نظراً إلى أن تداعياتها سلبية على الطروحات التي يحملها البطريرك الراعي، مع العلم أن بكركي تؤكد دائماً أن أبوابها مفتوحة لجميع الأفرقاء دون استثناء.

في الصورة العامة، تلفت هذه الشخصية إلى أن المطلوب كان أن يعبر التحرك عن التفاف شعبي وطني حول الطروحات لا أن يسعى البعض إلى الإيحاء بأنها تخص فريقاً سياسياً معيناً، الأمر الذي دفع بالكثر إلى الحديث أن غالبية الحضور كان من جمهور حزبي محدد، وتشدد على أن ما يريده البطريرك الراعي، في الأصل، هو تقديم مشروع لإنقاذ ​لبنان​ لا جرّ البلاد إلى انقسام جديد ضمن لعبة المحاور الدولية أو الإقليمية، وتذكر بأن الطرح الأول كان الحياد الذي سبق المؤتمر الدولي.

بالتزامن، تشدد الشخصية نفسها على أن البطريرك الماروني سبق له أن أكد، في أكثر من مناسبة، على أن ما يطرحه يتطلب نقاشاً وطنياً حوله لا المطلوب أن يفرض على جميع اللبنانيين، وتلفت إلى أنه هو نفسه من تحدث خلال الحشد عن أن الذهاب إلى طرح المؤتمر الدولي كان بسبب الفشل القائم على المستوى المحلي، وبالتالي لا يمكن أن يوضع في سياق لعبة الاستقواء على فريق أو أفرقاء محليين.

على المستوى السياسي، كان من الواضح أن ردود الفعل على ما حصل لم تكن بالحدّية التي توقعها البعض، حيث كان هناك الحرص من المعنيين الأساسيين، أي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، على عدم الذهاب إلى أي مواجهة مع ​البطريركية المارونية​ كان يطمح إليها البعض، الأمر الذي ترجم في كيفية التعاطي مع الشعارات التي طرحت.

في هذا الاطار، تلفت مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن طريقة تعامل "الوطني الحر" كانت أكثر من ذكية، حيث عمد إلى حصر المشكلة مع القوى التي حاولت الإيحاء بوجود مواجهة مع بكركي، الأمر الذي سارع إلى نفيه عبر إشارة غالبيّة المسؤولين فيه من خلال القول أن خطابه لا يختلف عن خطاب التيار، بالتزامن مع تجاوزه الشعارات التي رفعت على أساس أنها معروفة المصدر والأهداف.

في المقابل، كانت أوساط معنية في قوى الثامن من آذار تؤكد، عبر "النشرة"، أن هناك من يتلطى خلف بكركي لإظهار انقسام طائفي في البلد، الأمر الذي لا يريد أحد الذهاب إليه، في حين أن ما طرح هو يعبر عن وجهة نظر فئة سياسية معينة، حاولت في الماضي الاختباء خلف التحركات الشعبية ومطالب المواطنين، وتشير إلى أن الرد عليها هو بالتأكيد مجدداً على احترام مرجعية بكركي وأهمية استمرار الحوار والتواصل معها، بغض النظر عن الاختلاف الحاصل في وجهات النظر.

في المحصلة، على عكس التشنج الذي رافق التحرك، بسبب الشعارات التي رفعت فيه، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك حرص لدى المعنيين على تجاوز ما حصل، انطلاقاً من وضعه في سياقه الحقيقي.