بعد أن كان إستحقاق الإنتخابات النيابية الفرعية منسياً، بالنظر إلى أن جائحة كورونا تمنح المعنيين الحجة اللازمة لعدم إجرائها، أعاد الإتصال الشهير بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال ​محمد فهمي​، بغض النظر عن أسبابه الفعلية التي تم التطرق إليها في الأيام الماضية، الإستحقاق إلى الحياة من جديد، حيث بدأت بعض الأوساط السياسية بالحديث عن إمكانية حصوله بعد عيد الفطر، أي في النصف الثاني من شهر أيار المقبل، في مقابل أخرى ترى أن حصوله يعني أن القوى السياسية تتجه نحو تمديد ولاية المجلس الحالي.

على الرغم من ذلك، لا تبدو أغلب القوى السياسية المعنية بالإنتخابات الفرعية اقتنعت بإمكانية حصولها، حيث تغيب التحضيرات الجدية لها في معظم الدوائر، بالرغم من أنها قد تكون مفصلية نظراً إلى إمكانية أن تكون بمثابة إستفتاء شعبي على الأحجام في الساحة المسيحية، حيث غالبية المقاعد الشاغرة في الوقت الراهن، باستثناء مقعد درزي في دائرة الشوف.

في هذا السياق، المقاعد التي من المفترض أن تحصل الإنتخابات على أساس النظام الأكثري من أجل ملئها هي: ماروني في طرابلس (النائب الراحل ​جان عبيد​)، ماروني في كسروان (النائب المستقيل نعمة إفرام)، درزي في الشوف (النائب المستقيل مروان حماده)، ماروني في ​عاليه​ (النائب المستقيل هنري الحلو)، ماروني في بيروت الأولى (النائب المستقيل نديم الجميل)، أرمن أرثوذكس في بيروت الأولى (النائب المستقيل ​بولا يعقوبيان​)، ماروني في زغرتا (النائب المستقيل ​ميشال معوض​)، في حين أن دائرة المتن ستكون على موعد مع إنتخابات على أساس النظام النسبي على 3 مقاعد: للموارنة (النائبان المستقيلان سامي الجميل و​الياس حنكش​) ومقعد روم أرثوذكس (النائب الراحل ميشال المر).

بحسب الأجواء التي تبديها القوى المسيحية الأساسية المعنية في هذه المعركة، لا يبدو أن أياً منها قد حسم توجهه، سواء بالنسبة إلى المشاركة أو المقاطعة أو ترك الحرية للناخبين، نظراً إلى أن كلاً منها يتجنب الكشف عن أوراقه قبل حسم مسألة إجراء الإنتخابات الفرعية من عدمها، فحزب "الكتائب"، المعني الأول نظراً إلى أن المعركة تشمل 3 مقاعد كانت له، يرفض أن يعطي ​السلطة​ ما يسميه بـ"الهدية الثمينة"، من خلال الكشف عن توّجهه منذ اليوم، حيث تكشف مصادره، عبر "النشرة"، عن أن الحزب ينتظر الدعوة الفعلية للإعلان عن موقفه.

وتوضح هذه المصادر أن القرار حينها يخضع للنقاش داخلياً ومع الأفرقاء الآخرين الذين يتحالف معهم الحزب في الوقت الراهن، لا سيما قوى التغيير والنواب المستقيلين، حيث من المفترض أن يكون أي قرار مشترك مع أغلب النواب المستقيلين من المجلس النيابي.

أما بالنسبة إلى حزب "القوات اللبنانية"، الذي يحمل لواء الدعوة إلى الإنتخابات النيابية المبكرة، توضح مصادره، عبر "النشرة"، أن الحزب منذ اللحظة الأولى لإقفال صناديق الإقتراع في العام 2018 بدأ التحضير لإنتخابات 2022، فالإنتخابات بالنسبة إليه ليست إجراء يتم التحضير له قبل فترة قصيرة بل موضع متابعة مستمرة، وتضيف: "الفريق الذي يطالب بالإنتخابات المبكرة لا يمكن إلا أن يكون جاهزاً".

على الرغم من ذلك، ترفض المصادر الكشف عن التوجه منذ اليوم، حيث تشير إلى أنه عند حسم القرار بإجراء الإنتخابات تجتمع الهيئة التنفيذية لأخذ القرار المناسب، الذي سيكون واحدا من بين 4 إحتمالات: عدم المشاركة، ترك الحرية للناخبين، دعم مرشحين أو لوائح، المشاركة المباشرة عبر تقديم مرشحين.

بينما تشير أوساط مطّلعة، عبر النشرة"، إلى أن "​التيار الوطني الحر​" ينتظر بدوره حسم موضوع إجراء هذا الإستحقاق، ليتخذ القرار المناسب، خصوصاً أنه معني بالعديد من الدوائر، كما أن البعض يريد أن ينطلق من الإنتخابات الفرعية للحديث عن معركة أحجام في الساحة المسيحية. والأمر نفسه ينطبق على تيار "المردة"، حيث تشير بعض الأجواء إلى أن المرجح هو أن يخوض المعركة على المقعد الماروني الشاغر في زغرتا، إلا أنّ القرار الرسمي ينتظر وضوح الصورة أكثر في الأيام المقبلة.

بالنسبة إلى بعض المقاعد المحددة، تفيد مصادر "النشرة" أن المعركة على المقعد الدرزي الشاغر في الشوف ستكون شبه محسومة، حيث سيكون لدى الحزب "التقدمي الإشتراكي" مرشحاً لهذا المقعد (يتم التداول باسمين الأول من عائلة أبو حمزة والثاني من عائلة حماده)، بينما تتجه القوى الدرزية الأخرى إلى المقاطعة، وبالتالي المواجهة قد تكون بين "الإشتراكي" ومرشح أو أكثر يمثلون المجتمع المدني أو المستقلين.

في ما يتعلق بالمقعد الثاني المعني به الحزب أيضاً، أي الماروني في عاليه، نظراً إلى أن الصوت الدرزي هو المرجح في هذه الدائرة، فإن وجود المعركة يتوقف على قرار "التيار الوطني الحر"، سواء لناحية خوض مواجهة في هذه الدائرة من أجل إثبات الحضور أو العزوف عنها.

بالإنتقال إلى المقعد الماروني في طرابلس، فإن التوجه هو نحو ترك الأمر لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، نظراً إلى أن المقعد كان يشغره نائب ينتمي إلى كتلته، كما حصل عند الإنتخابات الفرعية الماضية التي فازت فيها النائب ديما جمالي، ويتم التداول بإمكانية أن يكون المرشح هو نجل عبيد، سليمان عبيد. بينما في كسروان، التي تميل الكفة فيها إلى المرشح الذي يسميه "التيار الوطني الحر"، يتم التداول بمرشحين محتملين: الوزيران السابقان منصور بطيش وندى البستاني.

أما بالنسبة إلى دائرة بيروت الأولى، التي ستشهد معركة على مقعدين، فإن أجواء حزب "الطاشناق" تعتبر أن من الطبيعي أن يكون له مرشحاً عن مقعد الأرمن الأرثوذكس، في حين أن السؤال الأساسي يبقى عن قرار باقي القوى الأخرى الفاعلة في هذه الدائرة التي يحضر فيها المجتمع المدني بقوة، فـ"التيار الوطني الحر" يعاني من غياب حليفه القوي المرشح السابق عن هذا المقعد مسعود الأشقر، بينما "الكتائب" لديه مرشحه الطبيعي في حال كان قراره خوض المعركة، أي النائب نديم الجميل، الأمر الذي قد يدفع "القوات" إلى تبنيه بسبب الرمزية التي يمثلها بوصفه نجل الرئيس الراحل بشير الجميل.

في ما يتعلق بدائرة المتن، التي تنتظر حسم القوى المسيحية الحزبية توجهها، فإن المواجهة تنتظر أيضاً قرار عائلة النائب الراحل ميشال المر، حيث تفيد معلومات "النشرة" بأن الحديث عن إجتماع عقد قبل أيام غير دقيق، نظراً إلى أن الوزير السابق الياس المر متواجد خارج لبنان، إلا أن الأكيد أن العائلة سيكون لها مرشحها في حال حصول المعركة، والمرجح أن يكون ميشال الياس المر.

في هذه الدائرة، حيث المعركة ستكون على أساس القانون النسبي، فإن السؤال الأساسي بعد حسم التوجهات سيكون عن التحالفات، بالنظر إلى وجود قوى من الممكن أن تلعب دوراً فاعلاً في ترجيح كفة لائحة على حساب الأخرى، هي حزب "الطاشناق"، الذي يتمتع بعلاقة قوية مع عائلة المر ومع "التيار الوطني الحر"، و"الحزب السوري القومي الإجتماعي".