يعتبر البعض أن عودة السجال السياسي حول ​الحكومة​، أمر يحمل بحدّ ذاته بعض الإيجابية، بعد أن أُقفلت أبواب النقاش في الأسابيع الماضية التي تلت خطاب رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ في ​14 شباط​ الفائت، ورد رئيس ​التيار الوطني الحر​ ​جبران باسيل​ عليه، ولعلّ أبرز ما استجدّ كان التبدّل في خطاب رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​وليد جنبلاط​.

على وقع تسارع حدّة الإنهيار القائم في البلاد، فتح جنبلاط باب التنازلات للإسراع في ​تشكيل الحكومة​ العتيدة، من خلال تأكيده أنّه مع التسوية وليس متمسكاً بحكومة من 18 وزيراً، خصوصاً بعد الكلام الذي قيل فيه أن تمسك رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بهذه التركيبة يعود إلى رغبته بعدم إغضاب جنبلاط، وبالتالي فُتح الباب أمام زيادة عدد وزراء الحكومة بشكل عام و​الدروز​ بشكل خاص.

وفي هذا السياق، تُشير مصادر الإشتراكي عبر "النشرة" إلى أن موقف جنبلاط المتقدّم يعود بشكل أساسي إلى إدراكه حساسيّة الموقف الذي تمرّ به البلاد، حيث لدى رئيسه هاجس الإنفجار الإجتماعي في أيّ لحظة، الأمر الذي دفعه إلى التقدّم خطوة كبيرة نحو الأمام، وتؤكّد أن هذا الأمر سيكون له تداعيات إيجابيّة كبيرة على الواقع السياسي والإجتماعي في الساحة الدرزيّة، لكنّها تلفت إلى أنّ الولادة الحكوميّة تنتظر ما هو أكبر من ذلك.

بالمقابل ترى مصادر سياسية قريبة من التيار الوطني الحر أنّ البعض قد يظنّ أن انتهاء الأزمة الدرزيّة يعني حلّ عقدة أساسية كانت تحول دون ​تأليف الحكومة​، ولكن واقع الساعات الماضية أكد أنّ هذه العقدة لم تكن أكثر من شمّاعة لمجموعة أخرى من العقد، عبر عنها الحريري بنفسه، بشكل غير مباشر، في بيانه الذي ردّ فيه على المعلومات عن أنّه ينتظر الضوء الأخضر من المملكة العربية السعوديّة للمضي بتشكيل الحكومة اللبنانية.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "يوماً بعد يوم نتأكد أن الحريري لا يملك قرار تأليف الحكومة، لذلك هو يعمد إلى تضييع الوقت ريثما تتضّح المواقف الإقليميّة، وتحديداً الخليجيّة"، مشيرة إلى أن الموقف الجنبلاطي جيّد ويجب البناء عليه، لأننا منذ اليوم الأول قلنا أن عدد 18 لا يلبّي الأهداف، لا السياسية عبر تمثيل أكبر نسبة من القوى، ولا المتعلّقة بشكل الحكومة لناحية عدم استلام أيّ وزير لأكثر من حقيبة.

بالنسبة إلى تيار "المستقبل"، تُشير مصادره إلى أن الحريري لم يتلقّ حتى الساعة أي طرح حكومي جديد من قبل ​رئيس الجمهورية​، ولم يتلقّ ردّاً رسمياً حول طروحاته الأخيرة، إلا بحال كان جبران باسيل هو الناطق الرسمي بإسم ​قصر بعبدا​، وبالتالي فإنّ الحريري غير معنيّ بتسريبات صحفية مهما كان شكلها أو لونها.

وتضيف مصادر "المستقبل": "​حزب الله​ "صام" دهراً عن الكلام، وعندما قرّر الكلام نطق "كذباً"، فحاول تحميل رئيس الحكومة المكلّف مسؤوليّة عدم تشكيل الحكومة، لتخفيف الضغط عن حليفه رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ودعمهما في سياق ما يجري من معارك سياسية في الشارع المسيحي، ولكنّ هذا الأمر لن ينطلي على اللبنانيين المتابعين لأدقّ تفاصيل عملية التشكيل"، داعية حزب الله لاستكمال لعب الدور الذي كان قد لعبه في السابق في هذا الإطار، والذي يقوم على إقناع حليفه بعدم إمكانية أيّ طرف الحصول على الثلث المعطل في الحكومة المقبلة.

سيشكّل موقف جنبلاط الجديد نقطة بداية لاستكمال المساعي الآيلة لتشكيل الحكومة، فهل تكرّ سبحة التنازلات المتبادلة؟.