بين ​ساحة الشهداء​ و​البترون​، بالعشرات هي ​محطات المحروقات​ المنتشرة على المسلكين الشرقي والغربي من الأوتوستراد. بالعشرات هي نعم، لكن تلك التي لم يرفع أصحابها خراطيمها معلنين التوقف عن البيع بعد ظهر الثلثاء، هي قليلة جداً ومملوكة من شركات محددة. هكذا كان المشهد على محطات المحروقات بعد ظهر أمس، وهكذا بقي صباح اليوم و​الأزمة​ مرجحة الى المزيد من الإرتفاع. حتى المحطات التي إستمرت ببيع المحروقات، مارست التقنين واعطى أصحابها التعليمات المشددة للعاملين عليها، "ممنوع اكتر من 20 أو 30 ألف ليرة".

المشكلة هذه المرة ليست مشكلة شركات وأصحاب محطات يريدون تخزين ما لديهم من محروقات لبيعها على الأسعار ​الجديدة​ التي ستصدر صباح الأربعاء عن ​وزارة الطاقة والمياه​، الأمر الذي يسمح لهم ب​تحقيق​ أرباح طائلة، خصوصاً ان صفيحة ​البنزين​ باتت ترتفع أسبوعياً ما يزيد عن ألف ليرة لأن سعر برميل ​النفط​ يسجل عالمياً أرقاماً قياسية وقد وصل سعره الأسبوع الماضي الى 71 دولاراً وهو السعر الأعلى للبرميل الواحد منذ إنتشار وباء ​كورونا​.

المشكلة بحسب المصادر المتابعة تتعلق بأمرين أساسيين: اولهما تأخير ​مصرف لبنان​ لفتح الإعتمادات الخاصة بشراء المحروقات للشركات المستوردة والأمر الثاني يتعلق بشعور القلق الذي زرعه لدى المواطنين الإرتفاع الجنوني لسعر صرف ​الدولار​ مقابل ​الليرة​ والذي وصل بالأمس الى 14000 ليرة للدولار الواحد. هذا الشعور بالقلق جعل المواطنين من جهة يتهافتون الى المحطات لشراء مادتي البنزين و​المازوت​ وبكميات تفوق قدرة المحطات على التسليم، ومن جهة أخرى، دفع بالموزعين وبعض الشركات المستوردة الى إعتماد التقنين في التسليم، والهدف من هو الضغط على المسؤولين لحل مسألة فلتان سعر صرف الدولار، وهنا يقول مصدر متابع للملف "لا بد من التذكير بأن المحروقات مدعومة من قبل مصرف لبنان بنسبة 85% اما الـ15% المتبقية فيدفع سعرها من قبل المستورد بالدولار الأميركي، وعندما يكون سعر الصرف حوالي 8000 ليرة وبأقل من أسبوع يصل الى 14000 ليرة والحبل عالجرار، فهذا يتطلب صدمة، وهذه الصدمة هي التي يحاول بعض المستوردين والموزعين إحداثها لدى المسؤولين، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن رئيس ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​حسان دياب​ دخل مساء امس على خط محاولة التوصل الى حل بين الشركات المستوردة ومصرف لبنان علّ ان يؤدي هذا الحل الى إحداث خرق في جدار الأزمة المستفحلة.

إذاً، بعد التقنين في ساعات تغذية ​التيار الكهربائي​ والتقنين في بيع المواد الغذائية للزبائن، ها هو التقنين يصل الى مادتي البنزين والمازوت الأساسيتين في بلد يفتقد فيه الى النقل المشترك والى التيار الكهربائي 24 على 24. وهنا يطرح السؤال، هل سيصل هذا الإنهيار الى فرض تقنين على الهواء الذي يتنفسه ​اللبنانيون​؟.