مرّ 145 يوماً على تكليف ​سعد الحريري​ لتشكيل ​الحكومة​ في 22 تشرين الأول الماضي، وفشل خلال هذه الفترة، ومعه الطبقة السياسية كلها، من تحرير لبنان من أزمته. أزمات عديدة شهدناها خلال هذه الفترة، إلا أن ما عاشه اللبناني منذ أسبوع إلى اليوم، لم يعد يحتمل.

في غضون سبعة أيام فقط، خسرت ​الليرة اللبنانية​ أكثر من 50% من قيمتها، لتجتاز اليوم عتبة الـ15 ألف ليرة مقابل ​الدولار​. ورغم ذلك، لا يزال السياسيون في بلدنا منفصلين عن الواقع، يعيشون أحلام السلطة، ظناً منهم أن كل شيء بخير. هذا الوهم الذي يعيشه هؤلاء بات عبئاً على كل اللبنانيين، الذين بات حلمهم الوحيد، العيش بسلام دون أن يستيقظوا على سؤال "قدّيه الدولار اليوم".

يقف ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ في ​قصر بعبدا​، واعداً باستئصال الفساد، دون إجراءات عملية تسهّل حياة اللبنانيين. سينتهي العهد، ولم نرَ إلا وعوداً منه. ووفق معلومات "​النشرة​"، سيكون هناك موقف قريب لرئيس الجمهورية يطرح فيه مجموعة من الخيارات المتاحة للوضع القائم. لكن هل علينا انتظار انهيار كل شيء ووصول الليرة اللبنانية، التي تتهاوى قيمتها كل ساعة، إلى عتبة الـ20 ألف حتى نبدأ بطرح الحلول؟

أما رئيس ​التيار الوطني الحر​ جبران باسيل، الذي أطل علينا منذ أيام معلناً ورقة التيار السياسية لإصلاح الوضع في لبنان. هل يعلم باسيل أن أعداد المهاجرين اللبنانيين قد ارتفعت؟ وأن الوطن الذي ينوي إصلاحه، قد دمّر وأن اللبنانيين يعيشون إحباطاً كبيراً؟ فعن أي إصلاح يتكلم؟

في ​عين التينة​، يجلس رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، الذي وعد، قبل أشهر، بأن يعود سعر الدولار إلى 3200 ليرة. مرّت أسابيع على ذلك الخطاب، وبدل أن تتحسن الليرة، ها هي تنهار إلى أن فقدت 50% من قيمتها في أسبوع. ماذا ينتظر نبيه بري؟ هل لديه "أرانب" جديدة ليخرجها من قبعته كما كان يوصف دائماً؟

من جهته، يستمر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في زياراته السياحية إلى العواصم العالمية والعربية. يظن الحريري أن هذه الزيارات، قد تعطيه قوة للمساومة في الملفات الداخلية. لكن على ماذا يريد الحريري أن يساوم؟ على وطن قد ضاع؟ ربما الأجدر به أن يعود إلى لبنان لتشكيل حكومته، لأن ​الأزمة​ هنا، وليست في الخارج.

في معراب، لا يزال رئيس حزب القوات اللبنانية يعيش على أطلال متاريس حربه الأهلية. يحاول اقتناص الفرص، لتحقيق حلمه الرئاسي. هو الآخر انعزل عن الواقع، يطالب بانتخابات نيابية مبكرة، علّه يحقق بعض الأرباح السياسية توصله إلى الرئاسة. لكن أليس الأجدر أن يعمل على حماية البلد من الانهيار بدل تلك الأحلام؟

أما ​حزب الله​، المنخرط في كل أزمات المنطقة، إلا أنه قرر لعب الوسيط في لبنان. ألا يرى الصراعات والإشكالات للحصول على المواد المدعومة في سوبرماركات الضاحية؟ أليس الأجدر به العودة إلى لبنان والنظر إلى شعبه ومجتمعه، لكي يبقى هناك لبنان يدافع عنه؟

زعيم ​المختارة​ ​وليد جنبلاط​، الذي يظن أن لبنان لا يزال في عهد المتصرفية. يعمل على تأمين جبله، وكأنه جزيرة معزولة عن باقي لبنان. لكن على أحدهم أن يخبره أن ​السفينة​ إذا غرقت، وها هي تغرق، فلن يبقى جبل ليحتمي به.

تمرّ الأيام، ومعها أوجاع اللبنانيين تزيد. يعيش السياسيين في عزلتهم، دون الشعور بتلك الأوجاع، التي باتت أكبر من أن تحتمل عند الكثيرين. ينتظر جميع السياسيين الأمل من الخارج، لكن لماذا لا يرجعون إلأى وطنهم، ألا يمكن أن يكون الحل ولو لمرة هنا؟ وإن كانوا لا يملكون هذه الحلول، لماذا لا يتركون هذه السلطة للبحث عن أشخاص قد يتمكنوا من إخراجنا من الأزمة؟

​​​​​​