لفت رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​محمد رعد​، إلى أنّ "زيارة وفد "​حزب الله​" إلى ​روسيا​ تتمّ على مفترق طريق في تحوّلات تجري على المستوى الدولي والإقليمي، يشتدّ فيها شدّ الحبال بين جهات الممناعة، وقوى دوليّة تريد الاستحواذ والتفرّد في إدارة شؤون المنطقة، وفقًا لمصالها ومصالح حلفائها ومنها الكيان الصهيوني".

وأشار في حديث إلى قناة "روسيا اليوم"، إلى أنّ "ما يجري في ​لبنان​ الآن هو ضغط من أجل ليّ ذراع المقاومة، عبر استخدام أسلوب العقوبات والحصار المالي والمصرفي والاقتصادي، بعدما فشل الأسلوب الآخر، وبعدما حقّقت المقاومة بالتعاون مع الأصدقاء، وفي طليعتهم روسيا، انتصارًا هائلًا على ​الإرهاب​ في ​سوريا​، ومنعته أن يتسلّل إلى لبنان ويهدّد استقراره". وركّز على أنّ "الآن، في ظلّ هذه التحوّلات، لا بدّ أن تتكامل جهود الأصدقاء، وأن نواجه معًا التحدّيات والمخاطر، وأن نحفظ استقرار بلدنا ونحقّق مصالحنا المشتركة، لنبعد شبح الاستحواذ والاستئثار، الّذي يسعى إليه الكيان الصهيوني، استنادًا إلى تحالفاته الدوليّة".

وبيّن رعد أنّ "روسيا تبدي اهتمامًا جديًّا بالإسراع في ​تشكيل الحكومة​ وتسهيل هذه المهمّة أمام رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ نفسه، دون الرجعون أي خطوة إلى الوراء،وحثّ الأفرقاء اللبنانيّين على ضرورة إكمال هذه المهمّة، لأنّ مفتاح استقرار البلد في هذه الرمحلة هو وجود الحكومة".وذكر "أنّنا أعربنا عن وجهة نظرنا بأنّ الحكومة الّتي تتّسع لأوسع مشاركة ممكنة والتوقّف عند عدد الـ18 لا معنى له، والتوسع في تمثيل القوى السياسيّة والشرائح يفيد هذه الحكومة ويضمن لها العمر الطويل، لأنّ الإجراءات الّتي ستتّخذها ربّما لا تكون إجراءات شعبيّة، وإن كانت إصلاحيّة؛ وهذا يستدعي من كلّ القوى أن تكون داعمة لها".

وشرح أنّ "المطلوب من كلّ القوى السياسيّة أن تتصّرف بواقعيّة. هذه لحظة تردّي لأوضاع لبنان، لا يوقفه إلّا تفاهم اللبناني. التفاهم سيكون عبر تشكيل حكومة، تضع برنامجًا لوقف التردّي في المرحلة الأولى"، مفيدًا بأنّ "التعقّل والواقعيّة والنظر بأفق، هي أمور تسمح بالنهوض بالمسؤوليّة في هذا اللحظة"، مشدّدًا على "أنّنا لم ولن نقصّر في أداء واجباتنا، لتسهيل توفير الأجواء الملائمة لتشكيل هذه الحكومة".

وأوضح أنّ "على هذا الأساس، نحن نسهّلتشكيل الحكومة، ونظرتنا تلتقي مع نظرة الأصدقاء الروس"، لافتًا على أنّ "الأزمة الّتي يعاني منها لبنان، تطلّبت منّا منحى عقلانيًّا في مقاربة الأمور. نحن نؤمن بالعيش المشترك، لكن العيش المشترك بمعناه الحقيقي، يقتضي منّا التوسّع شرقًا وغربًا. أمّا أن نحصر توسّعنا نحو الغرب دون أن نلتفت إلى الشرق، فهذا لا يعبّر عن وحدة ​الشعب اللبناني​، ولا عن وحدة العيش بينهم".

وركّز رعد على "أنّنا نتجاوز العديد من الأمور، من أجل أن نحفظ استقرار بلدنا وسيادته، ونأمل ونعوّل على دور الأصدقاء الروس في خدمة اقتصاد بلدنا، الّذي يمكن أن يترجم من خلال الفرص الّتي سيشاركون فيها في كثير من المجالات، على مستوى استخراج الثروة الطبيعيّة، والمشاركة في إعادة إعمار لبنان، وعلى مستوى النقل وسكك الحديد وإلى ما هنالك". وكشف عن "أنّنا لمسنا جديّةً في مقاربة هذه الملفّات بتفاصيل طُرحت وتحتاج إلى مباحثات مع الحكومة، الّتي ننتظر بفارغ الصبر تشكيلها".

وفي الموضوع الاقتصادي، أكّد أنّ "النظام المصرفي في لبنان كلّه بيد الأميركيّين، وهم مسؤولون عن كلّ هذه الأزمة. هم الّذين ينظّمون ويوجّهون ويفرضون عقوبات. الآن يريدون أن تقع المسؤوليّة على الشعب اللبناني، وهذا من المؤشّرات على فشل ال​سياسة​ الأميركيّة في لبنان، وأنّ الإمساك ب​الوضع الاقتصادي​ قد يؤثّر سلبًا ويضغط على الشعب اللبناني يؤذيه في معيشته، لكنّه لن يستطيع أن يصادر له لا كرامته ولا حرصه على سيادته الوطنيّة".

ورأى أنّ "الطرح حول الحياد لا يزال طرحًا عامًّا، ولم نفهم بعد المقصود منه"، متسائلًا: "هل المقصود تحييد لبنان عن الأميركيّين مثلًا أو عن العلاقة مع الغرب، هل المقصود تحييد لبنان إزاء الإرهاب، وألّا نتدخّل في التصدّي له، أو المقصود تحييده عن مواجهة الاعتداءات ال​إسرائيل​يّة؟". وأفاد بأنّ "في الحقيقة ذا الطرح حتّى الآن ملتبس، لكن له جمهوره الّذي ينساق وراء الشعارات العامّة، ونحن نريد أن نكون واضحين، ولا نستطيع أن نلتزم بأيّ شعار أو عنوان إلّا إذا كنّا نعرف مقاصده وتفاصيل الحيثيّات الّتي تتطلّب التزامات منّا".

كما شدّد رعد على "أنّنا في صراع جدّي ووجودي مع الكيان الصهيوني الغاصب ل​فلسطين​، والّذي يشكّل تهديدًا دائمًا للبنان واستقراره، ولأمن المنطقة واستقرارها. لا نستطيع أن نكون محاييدين، ومن يريد أن يكون محايدًا، هو يدفن رأسه في الرمال"، سائلًا: "إذا كان الإرهاب مثلًا يحضّر نفسه وينبي قواعد هجوميّة له في أماكن بعيدة عن لبنان، ويريد أن يستهدف بلدنا من خلال هذه القواعد، هل نستطيع أن ننتظر حتّى يأتينا الهجوم من الإرهابيّين ونقول إنّنا محايدين؟".

وذكر أنّ "المفاوضات غير المباشرة حول مسألة ​ترسيم الحدود​ البحريّة توقّفت بسبب استياء الأميركيّين والإسرائيليّين، من طرح لبنان السيادي، الّذي أراد أن يحفظ حقوقه فطرح إحداثيّات يراها فوق القوانين الدوليّة، حقّا لها، فذهب إلى مدى أبعد ممّا كان يأمل به الأميركيّين والإسرائيليّين، فانزعجوا وجمّدوا العمليّة. الآن كلّ شي متوقّف إلى حين تشكيل الحكومة". وجزم أنّ "موضوع التطبيع أو ​السلام​ مع الإسرائيليّين بعيد جدًّا".

وبيّن أنّ "​مزارع شبعا​ منذ احتلالها، والعالم يأمل باستعادتها، ولن تُستعاد إلّا بقوّة المقاومة. حتّى لو تحرّكت مساعي لتسوية ما، تفرض الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا، فإنّما ستتمّ بسبب وجود مقاومة ضاغطة وفاعلة. نحن نعوّل على استمرار العمل المقاوم وقوّته ضغطه وتأثيره، على أن يقف العدو على "رجل ونص"، من أجل ألّا يمسّ بسيادتنا أو بأمننا".

إلى ذلك، ركّز رعد على "أنّنا أصدقاء ل​إيران​ وإخوة للشعب الإيراني، وتجمعنا الكثير من الهموم والمصالح والمشتركة، ونحن أيضًا أصدقاء للروس وللكثير من الشعوب في المنطقة". ورأى أنّ "العرب يدعون أنفسهم للعودة إلى سوريا، لأنّها انتصرت على الإرهاب الّذي كان مدعومًا من بعض هؤلاء. عندما تعود سوريا إلى "​جامعة الدول العربية​"، في الحقيقة هي تعود كما كانت، كما هي. الّذي تغيّر هم الّذين يطلبون الآن بعودتها".

وأكّد أنّ "الإرهاب أداة كانت تُستخدم وتُدعم من قبل أنظمة إقليميّة ودوليّة، تسعى إلى تخريب المنطقة لمصلحة إسرائيل ومسار التطبيع منعها. فشِل هذا المشروع، والآن لا يستطيعون البقاء في مكانهم، ويريدون تسوية الأمور، دون أن يدفعوا أكلاف الخطايا الّتي ارتكبوها مباشرةً؛ إلّا أنّهم دفعوها بطريقة غير مباشرة".

ولفت إلى أنّ "رغم تغيّر الإداة الأميركية، لكنّنا لم نرَ تغيّرًا جديًّا في مقاربتها للملف النووي، إلّا من خلال اللغة الّتي تبدو أكثر تحايُلًا، ولا نرَ توجّهًا جديًّا لرفع العقوبات وإزالة كلّ المعوّقات أمام تنفيذ ​الاتفاق النووي​، وأمام التزام ​الولايات المتحدة الأميركية​ به"، مبيّنًا "أنّنا لا نراهن كثيرًا لا عودة الأمور بشكل سريع إلى طبيعتها، أو إلى ما يُفترض أن تعود إليه. الإيرانيّون ماضون في بناء قوّتهم وقدراتهم". وحول ما يُحكى عن التمدّد الإيراني في المنطقة، تساءل: "هذا التمدّد على حساب من؟ إذا كان على حساب النفود الأميركي، فهذا لمصلحة شعوب المنطقة. أمّا أن يُطرح شعار التمدّد بالمطلق وبشكل عام، دون أن نحدّد لمصلحة الشعوب أو ضدّها، فهذا خاطئ". وسأل "هل إيران شكّلت تهديدًا منذ انتصار ثورها لأحدٍ من الأنظمة العربية؟ إيران لم تعتدِ على أحد، بل واجهت اعتداءً دوليًّا وإقليميًّا، تمخّض عن حرب استمرّت 8 سنوات".

وأعلن رعد أنّ "بالتأكيد هناك استعدادًا روسيًّا لدعم لبنان اقتصاديًّا، لكن المطلوب أن تكون هناك رغبة وطلب لبناني أيضًا. روسيا عرضت في السابق مساعدات لم تعرضها دولة في العالم على لبنان، لكنّها رُفضت لأنّ لبنان مرتبط أو يستجيب لضغوط من هناك وهناك على المستوى الإقليمي والدولي، لم تكن لسمح له أن ينحو بهذا المنحى". وكشف أنّ "الآن الظروف تغيّرت. الأميركيون ليسوا قدرًا في منطقتنا، هم يُهزَمون كان يُهزم الإسرائيلي".

إلى ذلك، أعرب عن اعتقاده أنّ "ما فعلته ​الإدارة الأميركية​ وما ظهر خلال الموسم الانتخابي الأخير، أسقط النموذج الّذي كانت تفتخر به أميركا. لا يوجد ديمقراطيّة، ولا توجد سلطة تستطيع أن تدير الأمور، بل هناك تنازعات أحيانًا كما يشهدها العالم الثالث". وشدّد على أنّ "طالما أنّ هناك احتلالًا إسرئيليًّا وتهديدًا إسرائيليًّا للبنان، نحن متسّكمون بمقاومتنا، ولن نقبل أن يطالبنا أحد بتغيير مسارنا. هذا العدو لا يفهم إلّا بلغة المقاومة". وأشار إلى "أنّنا لا نستطيع أن نفصل بين الإسرائيلي والأميركي في الاعتداء على شعبنا وعلى سيادتنا. هم يمارسون الاعتداء علينا من خلال الإسرائيليّين".