بخطى حثيثة يتمّ دفع ​لبنان​ الى الإنهيار الشامل، على وقع التحليق الجنوني للدولار والغلاء الفاحش في اسعار المواد الحياتية الذي بات يتجاوز قدرة السواد الأعظم من اللبنانيين على الصّمود، وبات واضحا انّ المطلوب يقضي بإشعال فتيل الإنفجار الإجتماعي وبالتالي الأمني بعدما وصل منسوب الضائقة المعيشية بفعل الضغوط الأميركية الى الحدود القصوى، وسط تحذيرات متجددة تخرج من اروقة الأجهزة الأمنيّة تُحذّر من عمليّات اغتيال تُسرّع بترجمة الفوضى الشاملة في لبنان، قبل ان يتمّ التداول بوثيقة للأمن العام اوّل امس الإثنين على نطاق واسع، تُنبّه من "فوضى وتخريب واستخدام ​السلاح​ في الشارع" تزامنا مع التدهور الإقتصادي والمالي، والتحضُّر لتصعيد كبير يتخلّله اعمال نهب وتصفية حسابات تحت عنوان" ارتفاع سعر صرف ​الدولار​ و​الغلاء المعيشي​"، تنفيذا لأجندات سياسية. واختُتمت الوثيقة بالتحذير من انّ التوقيت اصبح بين ليلة وضحاها!

وتزامنا مع هذه المعطيات الخطيرة، على وقع استمرار "امر عمليّات" تعميم الفوضى وتقطيع اوصال المناطق اللبنانية بعدما تأكدت الأجهزة اللبنانية المعنيّة انّ اوامر اللعب بسعر العملة الخضراء يأتي من خارج الحدود، حطّ قائد ​القيادة​ المركزية في ​الجيش الأميركي​ الجنرال كينيث ماكينزي بشكل مفاجئ وباستباحة وقحة لسيادة ​الدولة اللبنانية​، في بلدة غزّة البقاعية، برفقة سفيرة بلاده في ​بيروت​، بزعم " تفقُّد بئر لريّ ​المياه​ بالبلدة "!

هي ليست بالطبع الزيارة الأولى من نوعها لمسؤولين اميركيين رفيعي المستوى الى منطقة بقاعية ذات بُعد استراتيجي محاذية للأراضي السورية. فزيارة الجنرال الأميركي تأتي بعد اخرى قامت بها السفيرة ​دوروثي شيا​ الى منطقة وادي الأسود في نهاية شهر شباط الماضي، واستُبقت بخطوة عسكرية بريطانية تضمّنت ارسال 100 عربة مصفّحة وفريق من المظليين ​البريطاني​ين الى لبنان، بهدف "حراسة الحدود اللبنانية مع سورية".. ليتبيّن بشكل واضح انّ المطلوب هو "تثبيت الفصل الجغرافي كما السياسي بين لبنان وسورية، وبشكل ادقّ، "رصد طرق امداد ​المقاومة​ وحصارها!.. وعليه، هو مطلب "​اسرائيل​ي" بامتياز خلف الحراك الأميركي-البريطاني الميداني هناك بعد ان انضمّت "اسرائيل" رسميا الى المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، وبالتالي، لم يكن الحديث عن قرار "توسيع" مهمّة ​اليونيفيل​ صوب الحدود مع سورية بالشهور المنصرمة، مجرّد كلام في الهواء!

وهنا حريٌ التذكير بأنّ الحراك البريطاني "الحدودي" ليس جديدا، إذ انّ ​بريطانيا​ باشرت بالتحرّك ميدانيا على الحدود اللبنانية-السورية منذ عام 2014 –اي في عزّ الحرب السوريّة، حيث انشأت 12 برجا للمراقبة تمتدّ من شدرا وصولا الى ​عرسال​. حينها برز الإعلان البريطاني، بعزم "بناء اكثر من 20 قاعدة عمليّات متقدّمة، و30 مركزا لمراقبة الحدود".

وللتذكير ايضا، فإنّ اجتياح ​الجماعات الإرهابية​ لبلدة عرسال وقتذاك، وتسلُّل مجموعات انتحارية الى ​بلدة القاع​، جرى بحماية هذه الأبراج، الى ان اطلق ​الجيش السوري​ ومقاتلو ​حزب الله​ عمليّاتهم العسكرية ضدّ مجاميع ​القاعدة​ و" داعش" في ​القلمون​ الشرقي والغربي، والسيطرة على طريق شبعا-بيت جنّ في ​جبل الشيخ​، وصولا الى تحرير ​جرود عرسال​.. وتلك هي العمليات التي أمّنت الحدود اللبنانية-السورية، ونسفت حلم "الإمارة الداعشيّة" المزعومة التي كانت تبحث عن ممرّ بحري على شاطئ المتوسط.

وعليه، لربما ما هو قادم على لبنان يستوجب الحذر الشديد ربطا بقرار اميركي-اسرائيلي يقضي بالذهاب بالضغوط عليه الى الحدّ الأقصى من بوابة "الحصار الإقتصادي" المحكم. فما لم تستطع اسرائيل فعله بالحرب العسكرية مع "عدوّها اللدود"، استبدلته الآن بحرب ضروس غير مًعلنة لعلّها الأخطر.. فلينفجر لبنان من الداخل تحت وطأة سيف الغلاء الفاحش والفوضى والإنهيار في جميع النواحي المعيشية والأمنية، دون تكلُّف اطلاق رصاصة واحدة!

ثمّة ما يزيد من وتيرة القلق في طيّات السيناريو الأميركي تجاه لبنان في المدى المنظور قد يتجاوز كلّ الخطوط الحمر في لعبة "عضّ الأصابع" في المنطقة، حيث حذّرت ​تقارير​ دول حليفة، من قرار اميركي يتمّ تهيئته بوضع ​الجيش اللبناني​ في مواجهة حزب الله، حيث يبدو واضحا –خصوصا مع "غزوة" قائد القيادة المركزية الأميركية وسفيرة بلاده الى بلدة "غزة" البقاعية، انّ العلاقة الأميركية باتت مشبوكة حصرا ب​قيادة الجيش​، بعيدا عن الدولة صاحبة العلاقة ومؤسساتها..

وعشيّة اطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد ​حسن نصرالله​، حيث يُرجَّح ان تتضمّن رسائل " هامة جدا" للداخل والخارج على السواء بعدما وصل لبنان الى حافّة الإنهيار الشامل، تنقل شخصية صحافية لبنانية مخضرمة عمّن اسمته "دبلوماسي روسي رفيع المستوى"، اشارته الى " ردود استراتيجية" جهّزها محور المقاومة لن تقتصر هذه المرّة على البوابة اليمنيّة، ردّا على قرار تعميم "الفوضى" الأميركي في بلدان هذا المحور جرّاء الضغوط الأميركية الخانقة، مكتفيا بالقول- ردا على سؤال" الى اين يتّجه لبنان"؟.. " يبدو انه عليكم الإستعداد لأولى المفاجآت قريبا"!