أشار ​العلامة السيد علي فضل الله​، إلى أن "​لبنان​ يمر بمرحلة هي من أصعب المراحل في تاريخه على كل الصعد، فعلى الصعيد المعيشي أدى الارتفاع غير المسبوق في سعر صرف الدولار الأميركي إلى عدم قدرة اللبنانيين تأمين أبسط مقومات حياتهم من الدواء والغذاء والاستشفاء والسلع الضرورية وحتى بلغ الشح حليب أطفالهم في بلد يعتمد على 90% من احتياجاته من الخارج".

وخلال خطبتي الجمعة، لفت فضل الله إلى أن "اللبنانيين يتساءلون عن السبب في هذا الارتفاع السريع، هل هو اقتصادي أو الشجع لدى من يديرون ​الوضع المالي​ أو هو يستخدم في إطار الصراع السياسي"، موضحاً أن "الانخفاض الذي حصل في سعر صرف الدولار، أثبت أن للبعد السياسي دوراً أساسياً في ارتفاع سعر صرف الدولار".

كما شدد على أن "ما زاد الطين بلة على هذا المستوى، هو ارتفاع ​أسعار المحروقات​ بكل تداعياته، وهو المرشح أن يتضاعف أضعافاً في ظل الحديث عن رفع الدعم عنه في الأيام القادمة". وأعرب عن خشيته "مع الكثيرين، من انفلات الشارع بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ومن تداعيات ​قطع الطرقات​ وما قد يتسبب به من توترات بين المواطنين، والتي قد تأخذ طابعاً طائفياً ومذهبياً كما حصل في الأيام الماضية".

وعلى الصعيد السياسي، أفاد فضل الله بأن "الطبقة السياسية لا تزال على حالها من اللامبالاة لكل ما يجري، وكأن الناس ليسوا ناسها وهم ومن أودعوهم مواقعهم، فلا تتحرك بمعالجة جادة للأزمات التي تجري، بل تكتفي في ذلك بتقاذف المسؤوليات وتبادل الاتهامات، فكلٌّ يضع المسؤولية على الآخر من وصول البلد إلى ما وصل إليه ولا أحد مسؤول، ويتم الاكتفاء بمسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع".

وأكد أنه "فيما القيادات المعنية ب​تشكيل الحكومة​ لا تزال حتى الآن عند مواقفها وشروطها ورهاناتها، وليست على استعداد للتراجع عن سقوفها السياسية وحساباتها الخاصة ومصالحها الفئوية التي تضمن تأليفها". وتوجه للمعنيين متسائلاً "ألا يحرك كل ما يجري ضمائركم؟ ما النفع إن ربحتم وزارة أو أمسكتم بقرارها وسقط البلد!".

وتابع، "عودوا إلى وطنيتكم وإلى الأديان التي تمثلونها وإلى إنسانتيكم، وفكروا بمن لا يجدون دواء وطعاماً وشراباً، أو من يعيشون على العتمة لا يجدون ما يستضيئون به، أو من الذين لا يقدرون على الدخول إلى المستشفى أو أن يدفعوا أقساط المدرسة أو الجامعة لأبنائهم، أو لا يستطيعون أن يرسلوا إلى أبنائهم ما يؤمن حاجاتهم في استمرار تحصيلهم العلمي في الخارج".

وقال "إذا كان هناك منكم من لا يزال يفكر بالخارج لاجتراح الحلول، فالخارج ليس جمعية خيرية وهو لن يساعدكم إن لم تساعدوا أنفسكم، وأنتم قادرون على معالجة أزمات هذا البلد أو التخفيف منها، ولستم عاجزين، لكن ذلك لن يحصل إن بقيتم تقدمون مصالحكم وطموحاتكم على حساب مصالح البلد وإنسانه".

بالتوازي، أكد قبلان أنه "عليكم ألا تراهنوا أن الناس استكانت، فهي إن لم تخرج كما ينبغي إلى الشارع أو الساحات أو إلى مواقعكم، فهم يختزنون آلامهم ومعاناتهم والتي ستنفجر يوماً ما، والويل لكم من صولة الجائع وصرخة الملهوف"، مشيراً إلى أنه يراهنون "على بصيص أمل بدأ يبدو، ونأمل أن لا يخبو سريعاً، بأن يكون من يمسكون بقرار تشكيل الحكومة اقتنعوا ووعوا أن الاستمرار بالتعنت وبقاء كل على موقعه سيسقط الهيكل على رؤوس الجميع".

وجدد التأكيد على أن "البلد لا يُحكم بالنبرات العالية ولا بالأسقف المرتفعة ولا بالغلبة والاستقواء، بل بالحوار". ولفت إلى أن "الموضوع الصحي ينبغي أن يبقى هاجس المواطنين لتداعياته الخطيرة على حياتهم وصحتهم، فنحن نخشى أن يؤدي فتح البلد على مصراعيه دونما أية ضوابط ومن دون الأخذ بأسباب الوقاية ومراقبة جادة من الدولة، إلى تفاقم الأزمة والصحية ما يتطلب العودة إلى الإقفال مجدداً مما لا يتحمله اللبنانيون".