أكّد سفير ​لبنان​ السابق في واشنطن ​رياض طبارة​، أنّ "الدور الأميركي في لبنان على حاله ولم يتغيّر، وهو مساند للمبادرة الفرنسيّة، ولكن المستجدّ في الأسابيع الأخيرة هو التّحرك الرّوسي"، مشيرًا إلى أنّ "هناك مصلحة "أميركية-روسية-فرنسية" مشتركة بعدم إنهيار البلد، فمن جهة ​روسيا​ لديها مصالح في لبنان مرتبطة بالوضع في ​سوريا​، و​الولايات المتحدة​ تهتمّ بموضوع الحدود وضمان أمن ​إسرائيل​، أمّا الفرنسييّن فحالهم كحال جميع الأوروبيين المتخوّفين من تفلّت الوضع، ما قد ينعكس سلبًا على مسألة ​النازحين السوريين​ وإمكانية تسرّبهم إلى ​أوروبا​".

وفي حديث لـ"النشرة"، نفى طبّارة ما يُحكي عن إستغلال روسي للإنكفاءة الأميركية عن لبنان، مشيرًا إلى أنّه "لو كان ذلك صحيحًا كنّا على الأقلّ سمعنا اعتراضًا أميركيًا على التحرّك الرّوسي باتّجاه بيروت، خصوصًا بعد زيارة وفد من ​حزب الله​ إلى روسيا، وبالتّالي أرى أنّ التقاء المصالح بين الدّول الثّلاث يدفعهم إلى العمل على منع الإنهيار وليس الدّفع باتّجاه الازدهار، لِذا علينا أن ننتظر اليوم لنرى ماذا سيحصل خلال اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف لنرى بأيّ اتّجاه ستذهب الأمور".

وردًّا على سؤال حول دلالات زيارة قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي وجولته في بلدة غزة البقاعيّة، أوضح طبارة أنّه "لا يمكن معرفة الأسباب بعيدة المدى للزّيارة وما إذا كان للولايات المتحدة مخطّطات ما، أمّا في الظّاهر هناك تأكيد واضح من الجانب الأميركي بالإهتمام بمساندة ​الجيش اللبناني​ بغضّ النّظر عن الوضع الدّاخلي، وبالتّالي نفي ضمني للإشاعات الّتي سمعناها في الآونة الأخيرة بأنّ أميركا تخلّت عن دعم الجيش، فالجنرال ماكينزي هو أعلى رتبة عسكريّة أميركيّة في المنطقة وتأكيده بمثابة إعلان صريح عن الإستمرار بالدّعم".

وتابع طبّارة:"أما بخصوص زيارة البقاع، لا بدّ من التّذكير بأنّ أميركا مهتمّة بالحدود اللبنانية-السورية منذ زمن، وقد جرّبوا مرارًا المساهمة بإغلاق الحدود غير الرّسمية، ويبدو أنّ هناك اهتمامًا متجدّدًا في هذا الملفّ".

وحول المفاوضات اللبنانية-الإسرائيلية بملفّ الحدود البحرية، رأى طبّارة أنّ "الجانب الأميركي الوسيط في هذا الملفّ ينتظر نتائج الإنتخابات في إسرائيل، وهم لا يريدون تقديم هديّة انتخابيّة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ولكن يبقى هذا الموضوع ضمن أولويّات الإدارة الاميركية الجديدة"، معتبرًا أنّ "العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل عادت إلى ما كانت عليه في عهد الرّئيس الأسبق باراك أوباما، وتبدّدت سياسة الإنفتاح الكامل والرّضوخ الّتي انتهجها ​دونالد ترامب​ الرئيس السابق".

وتطرّق طبارة إلى مسألة المفاوضات حول الملف النووي ال​إيران​ي بين إيران وأميركا، مشيرًا إلى أنّ "الشّروط المتبادلة الّتي نسمعها من الجانبين هي بمثابة رفع للسّقوف التّفاوضيّة بغية الوصول في نهاية المطاف إلى طاولة المفاوضات"، مؤكّدًا أنّ "المفاوضات ستستغرق وقتا طويلًا قد يمتدّ إلى شهور وحتّى سنوات، فالإتّفاق النّوويّ الّذي خرج منه الرّئيس السّابق دونالد ترامب إستغرق 7 سنوات من المفاوضات حتّى تمّ التّوصّل إليه".

وفي الختام، لفت طبارة إلى أنّ "أيّ مفاوضات من هذا النّوع هي أكبر الملفّات الداخليّة على المستوى اللّبناني، ولا أعتقد أنّ أحدًا يربط ملفّ ​تشكيل الحكومة​ بمصير التّفاوض الأميركيّ الإيرانيّ، والوصول إلى إتّفاق بين الجانبين قد يريح الأجواء في لبنان بعض الشّيء ولكن من الخطأ التّعويل عليه أو إنتظاره، لأنّنا نكون بذلك كمن يشتري السمك بالماء، خصوصًا أنّ وضعنا الدّاخلي يجب مقاربته بالأيّام والأسابيع وليس بالشّهور والسّنوات، فنحن لا نملك الوقت لنهدره".