على الرغم من أن الأجواء التفاؤلية كانت حتى مساء أمس ليست بالكبيرة، لناحية إمكانية ولادة الحكومة العتيدة اليوم، إلا أن الأنظار تتجه راهنًا إلى القصر الجمهوري في بعبدا، حيث يعقد إجتماع جديد بين كل من رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، للبحث في آخر المستجدات الحكومية.

طوال الاسبوع الماضي، شهدت البلاد مجموعة من التطورات التي تدفع إلى التفاؤل بإمكانية ولادة الحكومة، أو تزيد من الضغوط على المعنيين للدفع بهذا الإتجاه، تبدأ من الإنهيار الكبير الذي شهده سعر صرف الليرة مقابل الدولار، قبل لقاء الخميس بين عون والحريري، ولا تنتهي عند المواقف الخارجية التي دعت إلى الإسراع في إنجازها، خصوصاً تلك التي صدرت عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن أنه سيدفع لتبني نهج وأسلوب جديدين في الأسابيع المقبلة فيما يتعلق بلبنان.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى مجموعة من المعطيات التي يجب أن تكون حاضرة على طاولة المباحثات في القصر الجمهوري اليوم، أبرزها الواقع الأمني الذي بدأ يتأثر بالظروف الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي تشهدها البلاد، لا سيما على مستوى إرتفاع معدلات الجريمة، الأمر الّذي من المرجح أن يتفاقم في حال كانت نتيجة اللقاء المنتظر سلبيّة، نظراً إلى أن الهامش السياسي في سعر الصرف من المفترض أن يلعب دوراً خطيراً في هذه الحال، وهو ما يتأكد من خلال الإستقرار الذي شهدته السوق السوداء في الأيام الماضية.

بالتزامن، لا تلغي هذه المصادر أهميّة الإتصالات التي تقوم بها العديد من الجهات الدولية على هذا الصعيد، أبرزها من ​روسيا​ وفرنسا، حيث هناك رغبة فعلية ظاهرة منهما في إنجاز التشكيلة الحكومية بأسرع وقت ممكن، وتلفت إلى أن موسكو دخلت على هذا الخط بشكل لافت، إلا أن الأساس يبقى على المستوى المحلي، حيث المطلوب من الأفرقاء المحليين تجاوز المحاذير التي يضعونها في طريق الحكومة، التي عليها القيام بالعديد من الخطوات الكبيرة في المرحلة المقبلة، خصوصاً على مستوى الإصلاح المالي.

في هذا الإطار، ترى المصادر نفسها أن بعض الأفرقاء المحليين أظهروا، في الاسبوع المنصرم، رغبة في الذهاب إلى التسوية، الأمر الذي بانَبداية من خطاب أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله، ولاحقاً عبر اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية مع رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، فالأول فتح الباب أمام إمكانية الوصول إلى إتفاق بغضّ النظر عن صيغة الحكومة، أما الثاني فقد جدّد التأكيد على أنه لا يمانع توسيع عدد أعضاء الحكومة بما يضمن تمثيل المعارضة الدرزية، أي رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان بشكل أساسي.

من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، هذه الوقائع من الناحية العملية تمهد الطريق نحو ولادة الحكومة، إلا أنّها لا تعني ولادتها بشكل حاسم، نظراً إلى أنّ المطلوب الإتفاق الكامل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف قبل أي أمر آخر، بالإضافة إلى قرار حاسم من الحريري بالخروج من دوامة انتظار الحصول على الضوء الأخضر السعودي، لا سيما بعد حصوله على مجموعة واسعة من الضمانات الدولية والإقليمية التي تصب بهذا الإتجاه، بينما المعلومات تفيد بأن الصعوبات لا تزال هي نفسها على مستوى المطالب، حيث كان فريق الحريري يعمّم يوم أمس أن عون يريد أكثر من الثلث المعطل.

على الرغم من ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أن قناعة العديد من الأفرقاء بعدم إمكانية الوصول إلى حلّ في وقت قريب دفعتهم إلى طرح مجموعة من الخيارات الأخرى، التي قد يكون الهدف الأساسي منها زيادة الضغوط على المعنيين، كطرح تفعيل حكومة ​تصريف الأعمال​ الحاليّة برئاسة حسّان دياب، أو دعوة رئيس الحكومة المكلّف إلى الإعتذار؛ إلا أنها تشدد على أن كل هذه الخيارات لا تبدو منطقيّة بالنظر إلى حجم التحدّيات التي تواجهها البلاد.

في المحصّلة، تشدّد المصادر نفسها على أهميّة النتائج التي سيخرج بها إجتماع اليوم، لكنها تشير إلى أن الأهم هو كيفية مواجهة الحكومة المقبلة التحديات، في ظل المناكفات القائمة بين المعنيين في تشكيلها، من دون تجاهل أن القوى الأساسية التي تشارك في تأليفها هي المسؤولة عن الواقع الذي وصلت إليه البلاد ولو بنسب متفاوتة.