يعيش ​لبنان​ في هذه الأيام أزمة جنون ​الدولار​ فعلياً، وهو "السلاح" الأقوى الذي يستعمل في الحرب علينا، في ظلّ غياب تام للرقابة ووجود عدّة أسعار له: السعر الرسمي، سعر منصّة المصرف المركزي 3900 ليرة مقابل الدولار، وسعر السوق السوداء... وأكبر دليل ما حصل ليلة وصول الدولار الى 10 آلاف ليرة ليقفز بعد أيّام 5000 الآف ليرة إضافية خلال وقت قصير وفي ظل عدم وجود عرض وطلب عليه.

بالأمس تحدّث حاكم ​مصرف لبنان​ عن إطلاق منصة جديدة لم تُعرف بعد آلياتها، وأرسل تعميماً الى المصارف طلب منهم الإنضمام اليها، كذلك طلب من الصيارفة المرخصين هذا الامر وقبل تاريخ 16 نيسان 2021 تحت طائلة سحب الترخيص منهم، كذلك توجه سلامة الى المصارف بالقول إنه يجب أن يعتبروا وكأنهم يملكون رخصة الصيرفة، وبالتالي أن يقوموا بالمعاملات التي يقوم بها الصرّاف.

هنا يؤكد الخبير الاقتصادي ​وليد أبو سليمان​ عبر "النشرة" أن "لا شيء واضح في آلية عمل المنصة، إذا كانت للتجار فقط أم ستفتح للأفراد أيضاً"، معتبراً أن "فكرتها تستطيع أن تحدّ من تقلّبات السوق، والتي تحصل عندما لا يكون هناك سيولة، أي أن ثلاثة أو أربعة أشخاص يمكنهم اللعب بالسوق، في حين أن المنصّة تستطيع أن تظهر السعر الحقيقي للدولار"، مضيفا: "أما إذا إقتصرت على القيام بمعاملات التجّار نكون قد إخترعنا سعر صرف إضافي فقط لا غير".

يختصر وليد أبو سليمان المشهد بالقول "المنصّة هي فقط لتنظيم السوق ولإظهار السعر الحقيقي للعملة الخضراء في حال فُتحت للجميع، ولتظهير العرض والطلب يجب أن تكون بتداول الجميع"، مؤكدا أن "المصارف والصيارفة يجب أن يكونوا وسطاء ويحصلوا على عمولتهم". بدوره الخبير الاقتصادي ​نسيب غبريل​ يشدد على أن آلية عمل المنصّة التي سيعتمدها مصرف لبنان غير واضحة، معتبرا أن "الحلّ الأكبر هو بتوحيد أسعار الصرف والمشكلة الأساس أن لا سيولة بالعملات الأجنبية، ورؤوس الأموال توقّفت عن التدفق الى لبنان في أيلول 2019"، مشيراً الى أن "لا وجود لإجراء للجم التدهور الحاصل".

وفي ظلّ الكباش السياسي يتأرجح الدولار صعودا ونزولاً. وهنا يشدّد نسيب غبريل على أن "السوق الموازي هو غير شفّاف ولا يخضع للرقابة في وقت أنّ المضاربة تجتاح السوق"، مؤكّدا أن "المسألة ليست تقنيّة والموضوع أصبح نفسياً، والثقة مرتبطة بالوضع السياسي"، في حين أن وليد أبو سليمان يشير الى أن ما يحصل في موضوع ارتفاع الدولار خطير، فمثلا بالأمس تحدّثوا عن قيمته الّتي تجاوزت عتبة الـ14 ألف ليرة ولكن من يؤكد أن هذا هو سعره واذا اردنا الشراء على هذا السعر فهل نجد"؟، مؤكدا أن "الشائعة تصبح حقيقة في النهاية والسعر الوهمي يصبح فاجعة، والتاجر يرفع أسعاره مثلا على هذا الاساس"، مشددا على أنه "لنحارب كلّ ذلك نحتاج الى منصّة منظّمة والأهمّ أن مفتاح الحلّ هو بالسياسة".

إذا، نيسان هو موعد إطلاق منصّة مصرف لبنان، وإذا إستمرت الأوضاع على ما هي عليه كم سيبلغ سعر صرف الدولار مقابل الليرة؟!.