فتح الإنفجار الحكومي الذي حصل، يوم الاثنين الماضي، على مستوى العلاقة بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، الباب أمام مجموعة واسعة من السيناريوهات حول مستقبل الأزمة الحكوميّة، بعد أن فشلت جميع الوساطات في تقريب وجهات النظر بين الجانبين.

في المشهد العام، بات من الواضح أن من الصعوبة في مكان تصور الوصول إلى تسوية جديدة بين المعنيين الأساسيين بولادة الحكومة في وقت قريب، لا سيما بعد أن أخذت الأزمة بعداً شخصياً كبيراً من الصعب تجاوزه، خصوصاً أنّ المواقف التي صدرت بعد اللقاء المنتظر بينهما زادت من حدّة التوتر القائم منذ أشهر طويلة.

في الظروف العادية، قد يكون من السهل طرح إعتذار رئيس الحكومة المكلف عن المهمة، بسبب عدم القدرة على الإتفاق مع رئيس الجمهورية، لكن في الوقت الراهن يبدو أن هذا الأمر غير وارد لدى الحريري، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية مطلعة لـ"النشرة"، نظراً إلى أنه يتسلح بهذه الورقة الدستورية التي لا يمكن سحبها منه إلا بإرادته، في حين هو لديه مصالحه الخاصة التي تمنعه من الإقدام على هذه الخطوة، لا سيما أنه يستفيد منها على المستوى الشعبي.

بعد الكلمة التي توجّه بها رئيس الجمهورية يوم الخميس الماضي، وضع الحريري معادلة، كان قد سبقه إليها النائب نهاد المشنوق، تقوم على وضع إعتذاره مقابل إستقالة عون، الأمر الذي تؤكّد المصادر أنه لا يمكن تصور حصوله بأيّ شكل من الأشكال، بغضّ النظر عن تقييم أيّ شخص لأداء العهد، رداً على الدعوات المتكررة له بالمبادرة إلى ​تأليف الحكومة​ أو الإعتذار، في وقت عاد فيه الحديث عن خيار الإستقالة الجماعيّة من ​المجلس النيابي​ من قبل نواب كل من كتلة "المستقبل" و"​اللقاء الديمقراطي​" و"​الجمهورية القوية​".

بالنسبة إلى المصادر نفسها، السيناريو الأخير غير مطروح بشكل جدّي، لا سيما أن لدى كل من "الإشتراكي" و"المستقبل" وجهة نظرهما الخاصة فيه، بالإضافة إلى عدم رغبتهما بالصدام مع رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، خصوصاً أن بري سبق له بالمبادرة إلى تحريك ورقة الإنتخابات النيابيّة الفرعية لملء المقاعد الشاغرة، وبالتالي هما لن يبادرا بالذهاب إلى مثل هذه الخطوة، على الأقل حتى الآن.

أمام هذا الواقع، عاد الحديث، في الساعات الماضية، عن إعادة رمي رئيس الجمهورية الكرة في ملعب المجلس النيابي، من خلال توجيه رسالة إليه تتعلق بالأزمة الحكوميّة، إلا أنّ المصادر السياسية المطلعة ترى أن هذه الخطوة قد تكون من دون أي فائدة، في ظل تمسك العديد من الكتل النيابية برئيس الحكومة المكلّف، مقابل تأييد أخرى موقف عون من التشكيل، وبالتالي هي قد تقود إلى المزيد من التعقيد بدل أن تفتح باباً للمعالجة.

من وجهة نظر هذه المصادر، الحل الوحيد المنتظر في الوقت الراهن هو بنجاح الضغوط الخارجية في الوصول إلى نتيجة تدفع الأفرقاء المحليين إلى تقديم تنازلات، خصوصاً مع دخول العديد من اللاعبين الجدد إلى المعادلة اللبنانية، أبرزهم روسيا، بالتزامن مع توجّه الجانب الفرنسي إلى رفع مستوى خطابه في الفترة الماضية، مع تلميح بالذهاب إلى فرض عقوبات أوروبيّة على مجموعة من الشخصيّات السّياسية اللبنانيّة.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها بأنّ الحلّ الأقرب إلى الواقع قد يكون الذهاب إلى التسوية، التي كان رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​ أول المبادرين إلى طرحها، لكنها تشير إلى أن العديد من العقبات لا تزال تقف في طريقها في ظلّ الظروف الداخلية والخارجية القائمة، وبالتالي هي قد تكون أسهل الحلول وأبعدها في الوقت نفسه.