في آخر تصريح لوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال ​محمد فهمي​ حول ​الإنتخابات النيابية​ الفرعية، أكد أن الوزارة جاهزة لإجراء الإستحقاق في فترة ما بعد عيد الفطر، أيّ في النصف الثاني من شهر أيّار المقبل، متحدثاً بالمقابل عن ثلاثة عوائق أساسية هي العائق الصحي، اللوجستي والمالي.

بالنسبة إلى العائق الأول، فإن دولاً عديدة لم تسمح للكورونا بأن يجمّد الإستحقاقات الإنتخابية، ولا يجوز بطبيعة الحال التذرّع بهذا الامر لتأجيل الإنتخابات في لبنان، لأنّ ذلك يعني تقديم خدمة كبرى للسلطة الحاليّة لتؤجل الإستحقاقات الإنتخابية العام المقبل، لذلك ينبغي بحسب مصادر سياسية التوجه نحو الإنتخابات بخطىً ثابتة، لأن الأمور المأزومة لن تحلّها سوى الإنتخابات.

أما بالنسبة إلى المشاكل اللوجستيّة، فهي بيد وزارة الداخلية التي عليها واجب العمل لإنجاح الإستحقاق، وتشير المصادر إلى أنه لا يمكن للوزير التذرّع بمشاكل تمنع إجراء الإنتخابات، لأن هذه المهمة تقع في صلب عمله. يبقى المشكلة المالية التي كانت، منذ أسابيع، هي الأساس التي تعترض إجراء الإنتخابات النيابية الفرعية.

اليوم لم يعد للمشكلة الماليّة أيّ وجود، إذ أرسل وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال ​​غازي وزني​​ إلى ​رئاسة مجلس الوزراء​، مشروع مرسوم يتعلّق بنقل اعتماد من احتياطي ​الموازنة​ لعام 2021، إلى ​وزارة الداخلية والبلديات​-الدوائر الإداريّة، لإجراء​ الفرعية عن المقاعد النيابيّة العشرة الّتي شغرت بسبب الاستقالة والوفاة، وبالتالي لم يعد بالإمكان التذرع بهذه العقبة، وقد علمت "النشرة" أن الاعتماد يبلغ حوالي 10 مليارات ليرة لبنانية.

في السياسة كان رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ أول المبادرين لتحريك هذا الملف منذ فترة، وقيل الكثير عن أسباب دعوته لإجرائها، خاصة أنها متعلقة بمقاعد مسيحيّة قد تقدّم صورة عن التوجّهات الإنتخابية في الشارع المسيحي، واليوم يؤكّد تصرّف وزير المالية توجّه الجهة السياسية التي ينتمي إليها لإجراء الإستحقاق النيابي الفرعي.

ترى المصادر أن تحويل الأموال سيُفهم من قبل ​التيار الوطني الحر​ على أنه استكمالاً لخلافات بري مع ​رئيس الجمهورية​، والتي تمّ خلالها تبادل مجموعة من الرسائل بالملفّ الحكومي مؤخراً، مذكّرة بأن مبادرة بري بالدعوة لإجراء الإنتخابات طرحت مجموعة من الفرضيات حول الأسباب، أبرزها رغبة رئيس المجلس النيابي "بالزكزكة" على التيار الوطني الحر، على قاعدة أن المطلوب الذهاب إلى إستفتاء شعبي على شعبيّة التيار في الساحة المسيحية، في ظل التقارير التي تتحدث بشكل دائم عن تراجع في شعبيته.

هذا الأمر، يتأكد، بحسب مصادر معارضة لإجراء الإنتخابات في هذه الظروف، من خلال العودة إلى سيناريو الإنتخابات الفرعية في صور، بعد إستقالة النائب السابق نواف الموسوي، حيث كان المبرر لتمرير تسوية إنسحاب المرشحة بشرى الخليل بشكل غير قانوني بعد إنتهاء المهلة المحددة لتأمين فوز النائب حسن عز الدين عدم توفر الأموال اللازمة، في حين أن وزني وجد هذه الأموال اليوم في عز الإنهيار المالي والإقتصادي لإجراء إنتخابات على 10 مقاعد بدل الواحد.

بالنسبة إلى وزير الماليّة، تُشير مصادر قريبة منه إلى أنه قام بواجبه لا أكثر ولا أقل، وهو ليس معنياً بالخلافات السّياسية التي قد تؤدّي إلى عدم إجراء الإنتخابات، مذكّرة عبر "النشرة" بأن انتخابات صور الفرعيّة كانت ستُجرى لو توافرت ظروفها لناحية وجود مرشّحين، رغم الشحّ المالي.

إذاً، ها هي أموال الإنتخابات الفرعيّة توفّرت، فهل تجري الإنتخابات، أم تستمرّ مخالفة القوانين و​الدستور​ في هذا البلد؟!.