بعد شعورهم ب​العجز​ عن ​تحقيق​ أي هدف استراتيجي أو ​عسكري​ في الميدان ​اليمن​ي طرح السعوديون ما أسموه مبادرة في اليمن لأنهاء الحرب، تضمنت وقف ​إطلاق النار​ مع فتح جزئي محدود ومقيد لمطار ​صنعاء​ وميناء الحديدة، وكان منطقيا أن ترد ​الحكومة​ الوطنية اليمنية في صنعاء على هذا العرض بالرفض القاطع خاصة وانه رات فيه مقايضة للمسائل الإنسانية بعناصر من الموضوع الأساس المتصل بالعدوان الوحشي التدميري الذي تمارسه ​السعودية​ منذ 6 سنوات على اليمن. والان وبعد العرض والرد السلبي عليه يطرح السؤال حول مسار المسالة اليمنية بعد جملة التطورات والتحولات الميدانية والإقليمية والدولية؟

من المفيد بدءا أن نؤكد بانه من الوجهة العسكرية والاستراتيجية خسرت السعودية الحرب على اليمن خسارة من الطبيعة التي لا يمكن تعويضها أو حجبها، فالسعودية شنت الحرب تحت عنوان كاذب مزعوم هو دعم الشرعية و"إجهاض ما أسمته الانقلاب الحوثي"، وتمكين ​عبد ربه منصور هادي​ من حكم اليمن بقيادة سعودية أميركية وأبعاد ​الحوثيين​ عن أي موقع لا بل عزلهم واجتثاثهم من اليمن باعتبارهم جماعة الهبية بالتوصيف السعودي.

ومن اجل تحقيق هذا الغرض شكلت السعودية تحالفا عربيا إقليميا مدعوما من الغرب الأطلسي بقيادة أميركية دعما واسع النطاق إلى حد ظهر كما لو أن الحرب هي حرب الأطلسي و​إسرائيل​ ضد من يهدد امنهم المباشر، وأنفقت السعودية مليارات الدولارات على هذه الحرب تسليحا وبدلات مرتزقة وخدمات ميدانية، ودمرت السعودية بحربها العدوانية على اليمن معظم ​البنى التحتية​ ومرافق الإنتاج وال​اقتصاد​ اليمني كما أنها قتلت وشردت الألوف من أبناء اليمن ووضعت أكثر من مليون طفل يمني في دائرة خطر الموت لنقص في الغذاء و​الدواء​.

لكن رغم كل تلك الماسي التي سببها العدوان الصار على اليمن ، تمكنت ​القوى الوطنية​ اليمنية بقيادة ​انصار الله​ الحوقين من الصمود أولا (رغم أن جهوزية ما لديها من وحدات عسكرية لا تتعدى ال 25% ، أي أنها عملانيا خارج الميدان )، ثم تلمس طرق التصنيع العسكري (رغم الحصار ) ثم القيام ب​التحرش​ الإزعاجي لمواقع العدوان في اليمن أو على الحدود السعودية اليمنية ثم كانت المفاجأة الكبرى التي تمثلت بعمليات الردع الاستراتيجي بقصف أهداف في العمق السعودي و للتأثير من خلالها على حركة النقل الجوي و ​الطيران المدني​ و العسكري و دورة ​النفط​ و ​الأمن​ و الاستقرار في الداخل السعودي ، عمليات ترافقت في داخل اليمن مع عمليات عسكرية نوعية قادتها ​القوات​ المسلحة اليمنية المتشكلة من ​الجيش الوطني​ اليمني و ​اللجان الشعبية​ ، تمكنت هذه القوى من خلالها توسيع سيطرتها على الأرض اليمنية في الغرب و ​الشمال​ و العمل باتجاه الشرق و ​الجنوب​ بشكل يحرم العدوان من بناء قاعدة مستقرة تمكنه من القول بانه حقق نصرا ميدانيا يعتد به أو يبنى عليه .

في ظل هذا المشهد و ما فيه بات من المؤكد و محل أجماع لدى جميع المتابعين و المراقبين ، بان السعودية فشلت في عدوانها على اليمن و بان مزيدا من الوقت سيحمل مزيدا من التهشيم و التحطيم المعنوي و الضرر العسكري والمدني للسعودية ، وفاقم هذا الوضع المزرى للسعودية تحلل الحلف العدواني الذي إنشاته للعدوان على اليمن و تراجع الغرب الاستعماري من اروبي و أميركي عن دعمها فيه أو تحمل المسؤولية عن الجرائم الوحشية التي ارتكبتها السعودية في اليمن شاملة جرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية و كلها جرائم لا تسقط بالتقادم ويبقى لليمن الحق بالمداعاة بها عندما تتهيأ الفرص و الظروف لذلك .

بعد كل هذا تأتي السعودية وتعرض ما أسمته مبادرة لوقف الحرب مبادرة تتضمن وقف إطلاق النار مشروط بقبول "الحوثيين " للعرض، متناسية في ذلك حقائق العدوان وقافزة فوق جرائمها، وتحاول بعرضها أن تخفي حقيقة ساطعة تتمثل بالقول بان الحرب كانت نتيجة عدوان بقرار سعودي مدعوم من ​أميركا​ وان وقفها وفقا للمنطق السليم يكون أيضا بقرار من الجهة ذاتها بوقف العوان ووقف كل تبعاته ومعالجة أثاره. ولذلك نرى الرفض اليمني للمناورة السعودية هو رفض منطقي ويقع في موقعه الصحيح من المجابهة خاصة وأن في العرض السعودي كسب مجاني للسعودية من وجوه خمسة:

أولها وقف عملية تحرير مارب وهو تحرير سيقلب الشهد الميداني في اليمن راسا على عقب ويغير جذريا من قوة المواقع التفاوضية عند البحث السياسي ويحسم أمورا كثيرة ذات طبيعة استراتيجية ويأسيه واقتصادية وشعبية،

ثانيها إظهار السعودية بوجه أنساني من خلال التخفيف الجزئي والمحدود للحصار الوحشي الذي تمارسه.

ثالثها كسب الوقت لوقف الانهيارات في البني السعودية العسكرية في داخل اليمن والأمنية و​الاقتصاد​ية في العمق السعودي.

رابعها تجاوز الأثار السلبية لتحلل التحالف العدواني إذا بوقف النار لا تبقى حاجة قائمة للقوى في الميدان

خامسها تجنب الأحراج في العلاقات السعودية الغربية (​أوروبا​ وأميركا) الناتج عن قرار غربي ظافري بوقف تزويد السعودية ب​السلاح​ الهجومي.

أما على الجانب اليمني، فان العرض السعودي يحرم حكومة صنعاء من مكاسب ميدانية باتت في متناول اليد، كما يفوت عليها فرصة رفع الحصار الظالم وغير القانوني والوحشي ويبقي اقتصاد اليمن خلال مهلة تطول أو تقصر ولا يعلم أحد مداها رهينة القرار السعودي.

لهذا كان الرفض اليمني لما اسمي مبادرة سعودية في اليمن رفض في محله الصحيح، حيث وجدت القوى اليمنية فيه خديعة لمصلحة العدوان ونحن نؤيدها فيما ذهبت اليه ونرى أن أي مبادرة جادة وعادلة لوقف الحرب في اليمن ينبغي أن تتضمن ما يلي:

1) إعلان من قبل المعتدي بوقف العدوان بشكل شامل عبر وقف إطلاق النار الشامل يبدأه المعتدي ثم يتبعه المدافع.

2) فك الحصار عن اليمن وبشكل تام وشامل وتمكين حكومة صنعاء من فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة دون أي قيد اشرط.

3) سحب القوات الأجنبية من اليمن، مع تعهد بوقف كافة العمليات العسكرية على الأرض اليمنية.

4) وقف شامل لأطلاق النار على اليمن ومنها. وفيها.

5) الذهاب إ