من المتوقع، أنّ يزور المفوض العام لوكالة "​الأونروا​" ​فيليب لازاريني​، ​مخيم عين الحلوة​ صباح اليوم (الاثنين)، ويطلع على اوضاع ابنائه، قبل ان يزور عيادة "الاونروا" الصحية، ويعقد اجتماعا مع القوى السياسية الموحدة (هيئة العمل الفلسطيني المشترك في منطقة صيدا)، ويبحث معها معاناة أبناء المخيمات على ضوء الازمات المتوالية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون جراء تفشي جائحة "كورونا"، وتداعيات الضائقة المعيشية والاقتصادية اللبنانية وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء والغلاء.

وتكتسب زيارة المفوض العام لازاريني الى لبنان أهمية خاصة، كونها الثانية والاكثر عملية بعد زيارته الرسمية الاولى–البروتوكولية،في 14 أيلول 2020 عقب تولّيه منصبه في 18 آذار من العام ذاته، وسيلتقي خلالها أيضا مسوؤلين لبنانيين للبحث معهم في سبل تأمين لقاحات "كورونا" في اشارة جديدة الى تنصّل ادارة "الاونروا" من إستيرادها، وتفويض الامر الى ​وزارة الصحة​ اللبنانية بالتنسيق مع المنظمات الصحية العالمية، بعد التعثر الذي أصاب عمليّة التلقيح الوطني اللبناني لجهّة النقص الحادّ في الكميات.

وأبلغ مسؤول فلسطيني لـ"النشرة"،أنّ القوى السياسية في لبنان لم تدرس خيار مقاطعة زيارة لازاريني أو رفض عقد أي لقاء معه، على خلاف ما فعلته "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في منطقة صيدا، التي اتخذت قرارا بعدم عقد أي لقاء مع المدير العام للوكالة في لبنان ​كلاوديو كوردوني​، اذا لم يقدّم أي حلول جدية وملموسة تخفّف معاناة الشعب الفلسطيني، ولا سيّما منها اعلان حال الطوارئ الصحّية، فضلاً عن تقديم مساعدات إغاثية ومالية دورية تساعد اللاجئين في التصدّي لجائحة "كورونا" والضائقة المعيشية التي جعلت أكثرية أبناء المخيمات تحت خط الفقر المدقع.

وأوضح المسوؤل، ان المفاضلة كانت بين "المقاطعة" وتسجيل موقف سياسي وبين عقد لقاء وتحميله مسؤوليتي:"التقصير" في مواجهة الازمات الصحية والمعيشية... و"البحث" عن مصادر تمويل للوكالة لتأمين الخدمات الضرورية دون اي حجج وذرائع واهية على اعتبارها من مسؤولية ​المجتمع الدولي​، وانتهت باتفاق على اعداد مذكرة خدماتية مفصلة بالمطالب المحقة وتسليمها له خلال زيارته الى عين الحلوة، وفق ما قررته "الهيئة" التي عقدت اجتماعاً استثنائياً في مركز "النور" في المخيم لمناقشة تفاصيل الزيارة والاستعداد لها وكيفية التعامل معها.

ويرى مراقبون فلسطينيون،ان مهمّة لازاريني هذه المرّة صعبة ومعقدة في ظل استمرار العجز المالي في الموازنة، وما يمكن ان يحمله من وعودلزيادة التقديمات، وهو أمر مستبعد حالياً وفي ظل استياء فلسطيني سياسي واحتجاج شعبي بدأ منذ شهر تقريبا وهو يتصاعد أسبوعيا، لجهة تنظيم اعتصامات ووقفات احتجاج ومسيرات رمزية، واقفال مكاتب "الاونروا" في المخيمات وبعض المدن اللبنانية والتلويح بمبدأ المقاطعة وصولا الى المطالبة برحيل المدير العام في لبنان كورودني، بعدما بلغت الضائقة المعيشية بالفقر والجوع المدقع والبطالة، ما ينذر بإنفجار إجتماعي قريب.

واللافت ما كشفه الباحث المختص بالشؤون الفلسطينية رئيس اتحاد موظفي "الاونروا" في لبنان سابقا موسى نمر من ان لازاريني سيحمل في جعبته الازمة الماليّة ويضعها بوجه المجتمع الفلسطيني والفصائل والقوى التمثيلية وخاصة اللجان الشعبية"، متحدثا عن "قرار بحسم 10 بالمئة من موازنات الدوائر وهي "الصحة والتعليم والاغاثة والادارة والمشتريات والهندسة، ما يبشر بتقليصات قادمة وصعبة في هذا الوضع بالذات أكان صحيا او اقتصاديا"، داعيا ​القوى الفلسطينية​ الى ان تكون مطالبها واضحة بالاغاثة للجميع، والطلب من الدول المانحة سلّة غذائية للبنان وان تكون من الاولويات تأمين اللقاحات للاجئين، علىقاعدة ان الاونروا هي المؤتمنة على اعطائه لكافة شرائح مجتمع اللاجئين، وليس كما فعل المدير العام كورودني الذي تهرب من واجباته وحمل المسؤولية للدولة المضيفة، ما يفتح الباب علىمصراعيه امام تنفيذ تسليم الخدمات تدريجيا والتخلي عنها لصالح الدولة المضيفة ما يلغي التزامات الاونروا ويهدّد ​حق العودة​بمشروع الدمج او ​التوطين​ مقابل الغاء حق العودة".

بينما رأى رئيس الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الكاتب علي هويدي ان "الزيارة تأتي في وقت دقيق وبالغ الأهمية، حيث تصاعدت احتجاجات اللاجئين السلمية على تراجع تقديم خدمات الوكالة، وفي ظلّ احتياجاتهم التي تشتد نتيجة الظروف الراهنة التي يمر فيها لبنان اقتصادية واجتماعية وسياسية"، داعيا "لازاريني إلى التدخل السريع لحل العديد من القضايا الملحة، فجائحة كورونا آخذة بالتفشي في المخيمات،ما يستدعي التدخل الفوري ومضاعفة الجهود للحؤول دون وقوع المزيد من الاصابات، من خلال اتخاذ "الأونروا" كل التدابير الوقائية والصحية والتوعوية اللازمة، فثلث اللاجئين في لبنان مهددين بالموت نتيجة نقص المناعة (المسح الاقتصادي والاجتماعي الذي أجرته وكالة "الأونروا" بيروت عام 2015 أشار إلى أن ثلث اللاجئين يعانون من أمراض مزمنة (أمراض القلب، أمراض السرطان المختلفة، أمراض تصيب الجهاز التنفسي، كالربو والأزمات التنفسية، والانسداد الرئوي، السكري)، وبعد مرور 6 سنوات على المسح لا يوجد أي مؤشر على أن هذه النسبة قد تراجعت، إن لم تكن قد زادت.

وشدد على أهمية إعادة تقييم المساعدات المالية المقدمة للاجئين في لبنان سواء فلسطينيي ​سوريا​ أو المستفيدين من شبكة الأمان الإجتماعي أو اللاجئين بشكل عام والتعاطي معهم بشكل استثنائي نتيجة الأوضاع الخاصة التي يمر بها جميع اللاجئين (تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل سعر صرف الدولار في السوق الموازي وارتفاع الأسعار الجنوني للسلع الغذائية والمواد الاستهلاكية... وارتفاع نسبة البطالة والفقر...)، والعمل على إطلاق نداء طوارئ خاص باللاجئين في لبنان يلبي الحاجات الماسة والضرورية لهم، وإعادة النظر في قرار الوكالة لمسح بصمة العين، وأخذ أسباب الإجماع على رفضه بعين الاعتبار (هيئة العمل الفلسطيني المشترك، واللجان الشعبية والأهلية، وعدد كبير من منظمات المجتمع المدني) والبحث مع المرجعيات اللبنانية والفلسطينية توفير ​لقاح كورونا​ المجاني بأن يشمل جميع ​اللاجئين الفلسطينيين​ في لبنان (المسجلين وغير المسجلين وفاقدي الأوراق الثبوتية).