بعد الإتهامات التي وُجهت له بالسعي إلى الإنقلاب على المبادرة الفرنسية، بعد الخطاب الماضي، أطل أمين عام "حزب الله" ​السيد حسن نصرالله​، في خطاب تأبيني للشيخ أحمد الزين، أوحى بإمكانية الوصول إلى تسوية على مستوى الملف الحكومي في وقت قريب، نتيجة الجهود الجماعية التي أشار إليها من دون أن يدخل في التفاصيل.

ما تقدم، يعيد إلى الأذهان المواقف التي كان قد ذهب إليه أكثر من فريق محلي في الأيام الماضية، لا سيما رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، حيث كان "البيك" أول من بادر إلى طرح الذهاب إلى تسوية حكومية سريعة، في حين قدم رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ مبادرة يتعاطى معها معظم الأفرقاء بإيجابية.

في هذا الإطار، كان من الواضح أن السيد نصرالله، الذي كان قد طرح قبل هذا الخطاب الذهاب إلى حكومة تكنوسياسية أو تفعيل حكومة تصريف الأعمال، في حال عدم الإتفاق على ​تشكيل الحكومة​ وفق صيغة الاختصاصيين المستقلين بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، حرص أن تكون مواقفه في الشأن اللبناني عامة، لا بل أبعد من ذلك تجنب التصعيد في وجه المملكة العربية ​السعودية​ لدى تطرقه إلى الملف اليمني، مؤكداً أن الهدف ألاّ يتهم بعرقلة تشكيل الحكومة.

وبالتالي، يمكن القول أن المشاورات والإتصالات هي على نار حامية، بالرغم من أنّ الأجواء تؤكد بأنها لم تصل إلى أي نتيجة تذكر، نظراً إلى أن المطلوب قبل أي أمر آخر إعادة وصل ما انقطع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، وهذا الأمر تعمل عليه العديد من قنوات الإتصال منذ ما يقارب الاسبوع من اليوم، خصوصاً بعد طرح الـ24 وزيراً، إلا أن الأبرز هو أن هذه الأجواء لا تنفصل عن المسار القائم على مستوى المنطقة.

بالنسبة إلى هذا الأمر، ألمح أمين عام "حزب الله" بأن المنطقة قد تكون على موعد مع تسويات كبرى في المرحلة المقبلة، تنطلق من أمرين جوهريين: الأول هو إنشغال الولايات المتحدة الأميركية بملفات أكثر أهمية، منها الصيني والروسي، والمبادرة السعودية لوقف الحرب في اليمن، التي نقل السيد نصرالله ملاحظة حركة "أنصار الله" عليها بشكل مفصل.

وعلى الرغم من أن مواقف السيد نصرالله أكدت أن معالجة الملف اليمني لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت، إلا أنه وجه بشكل مباشر دعوة إلى من وصفهم بـ"أصدقاء ​أميركا​ في المنطقة" إلى الحوار والتسوية وعدم إنتظار واشنطن، مؤكداً ان الجميع في محور المقاومة جاهز لهذا المسار، الأمر الذي لا ينفصل عن الأجواء الإيجابية التي يتم نقلها في ما يتعلق بمسار المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي.

بالعودة إلى الملف اللبناني الذي لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل، فإن هذا المسار يفتح الباب أمام سيناريوهين محتملين: الأول يقوم على أن يتلمس اللبنانيون الفرصة وإنجاز التشكيلة الحكومية من دون أن إنتظار التسوية الإقليمية المنتظرة، الأمر الذي يساهم في الحد من سرعة الإنهيار الحاصل ويجنب البلاد المزيد من المخاطر، أما الثاني فهو الإستمرار بالواقع الحالي إلى حين الإنتهاء من تلك التسوية، مع ما تحمله لحظات الفراغ القاتل من تداعيات سلبية بدأ يشعر بها جميع اللبنانيين دون إستثناء.

في المحصلة، على عكس الخطاب الماضي الذي فُسر على أساسه أنه يعرقل مسار تأليف الحكومة، يوضع هذا الخطاب في إطار المساعي القائمة من أجل إنضاج التسوية، فهل تكون الولادة في وقت قريب أم تفشل المشاورات والإتصالات مرة جديدة؟.