لا تزال صيغة الثلاث 8 التي يعمل عليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري تتقدّم بإيجابية، وآخر فصولها كان الدخول بهدنة إعلامية غير معلنة بين الأفرقاء الأساسيين المعنيين بتشكيل ​الحكومة​، فأين أصبح الواقع الحكومي اليوم؟.

لا شكّ ان الزخم الخارجي المترافق مع نيّة داخليّة واضحة للخروج من المأزق، هما أساس الحلحلة التي انطلقت في الملف الحكومي، ولعلّ الخطاب الأخير لأمين عام ​حزب الله​ ​السيد حسن نصر الله​ كان الدليل الأبرز على الحلحلة، إذ لم يتطرق السيد نصر الله للملفات الخلافيّة المتعلقة بشكل الحكومة المقبلة، أو وجوب تفعيل عمل حكومة ​تصريف الأعمال​.

استمرّت المشاورات بين الجميع، وكان لكل فريق دوره بتقريب وجهات النظر، وتُشير مصادر مطّلعة عبر "النشرة" إلى أن الجميع يبدو، حتى اللحظة، موافقاً على الصيغة ​الجديدة​، مشددة على أن التفاصيل هي أيضاً مهمة، ولذلك فلا مجال للتفاؤل المفرط في ​لبنان​، كي لا نقع مجددا في نفس الأخطاء السابقة.

وتضيف المصادر: "بالنسبة إلى رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ الذي زار الإمارات لساعات، فهو أبدى استعداده للتعاطي الإيجابي مع كل المبادرات التي تتيح له تشكيل حكومة قادرة على نيل ثقة المجلس النيابي، دون "ضعف" طائفي، لإعطائها الإندفاعة اللازمة، وثقة المجتمع الدولي الضرورية للحصول على المساعدات".

بالمقابل، تؤكّد المصادر أن التيار "الوطني الحر" لا يزال قلقاً بعض الشيء بانتظار توضيح أكثر من نقطة بما يخصّ الحكومة، فهو وإن كان حتى اللحظة لم يتّخذ بعد قراره بمنح الثقة للحكومة أم لا، وهذه معضلة يحتاج رئيس الحكومة المكلّف إلى حلّها قبل ولادة الحكومة، لم يحصل على تأكيدات بعد بشأن هويّة من يسمّي الوزراء المسيحيين، وهذا ما يُعتبر بالنسبة إليه النقطة الجوهرية الوحيدة بما يتعلق بالصيغ الحكوميّة المطروحة.

لم يكن التيار بحسب ما يؤكد قياديوه ساعياً خلف عدد وزراء معين في الحكومة، وتهمة الثلث المعطل نفاها اكثر من مرّة، ومشكلة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ مع الحريري كانت رفضه التشكيلات المعلّبة، وفرض أسماء وزاريّة عليه، لذلك فإنّ هذه النقطة لا تزال تحتاج إلى توضيح، فهل في الصيغة الجديدة المطروحة ستُعطي القوى المشاركة بالحكومة قرار تسمية الوزراء أم سيحاول سعد الحريري السيطرة على هذه المسألة مجدداً.

تُشير المصادر إلى أنّ ​النقاش​ لم يصل بعد إلى مسألة تسمية الوزراء، وربّما هذه النقطة ستحسم بشكل كبير مصير المبادرة، علماً أنّ الإيجابية تغلب على السلبيّة في هذه النقطة، والكل بات بحاجة إلى حكومة بأسرع وقت ممكن، خاصة بعد الخبر الذي نقلته وكالة "رويترز" عن أن "​ألمانيا​ ستعرض على السلطات اللبنانية الأسبوع المقبل خطة بمليارات الدولارات لإعادة بناء ​مرفأ بيروت​، وأن ​برلين​ ستطرح يوم السابع من نيسان اقتراحا وافق بنك الاستثمار الأوروبي على المساعدة في تمويله وسيتمّ بموجبه إخلاء المنطقة وإعادة بناء المنشآت"، بشرط واحد هو تشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات.

تسعى الدول الأوروبية لترغيب المسؤولين اللبنانيين بأهمية تشكيل الحكومة، وكأنّ ذلك يعني أوروبا أكثر من لبنان، فهل يقتنعوا وينجحوا لتدارك الكوارث القادمة في الكهرباء والغذاء والفوضى الإجتماعيّة، أم يستمر مسلسل التعنّت؟!.