أوضح مصدر نيابي بارز يواكب الاتصالات الجارية ل​تشكيل الحكومة​، لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "المشكلة لا تكمن في سفر رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ إلى ​الإمارات​، وإنّما في تصلّب رئيس الجمهوريّة ​ميشال عون​، ومن خلفه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، وإصراره على شروطه الّتي تتيح له -من وجهة نظره- الإمساك بزمام المبادرة في الحكومة العتيدة".

وأكّد أنّ "من غير الجائز تحميل الحريري مسؤوليّة التأخير الّذي يعيق ولادة الحكومة، فيما تقع المسؤوليّة على عاتق الفريق السياسي المحسوب على الرئيس عون، ويتناغم مع وريثه السياسي باسيل"، لافتًا إلى أنّ "التذرّع بوجود الحريري خارج البلاد ليس في محلّه، وأنّ عودته إلى ​بيروت​ في الساعات المقبلة لن تؤخّر أو تقدّم ما لم يقلع عون عن شروطه، ويعيد النظر في حساباته، بعيدًا عن المكابرة والإنكار".

وأشار المصدر النيابي إلى أنّ "تحميل المسؤوليّة للرئيس المكلّف، ما هو إلّا محاولة للهروب إلى الأمام، لصرف الأنظار عن اتهامه بتعطيل الجهود الرامية لإخراج عمليّة التأليف من التخبّط، وصولًا إلى وضعها على سكّة التطبيق، للعبور ب​لبنان​ إلى برّ الأمان".

كما عَدَّ أنّ "الاتصالات الّتي جرت خلال عطلة ​عيد الفصح​، في غياب الحريري عن لبنان، لم تبدّل من واقع الحال السياسي المأزوم، ويُراد منها تقطيع الوقت، في محاولة لملء الفراغ، بدلًا من أن يبادر عون إلى التواصل مع الحريري لمعاودة استئناف مشاورات التأليف، وإنّما على خلفيّة تهديد ​باريس​ بفرض عقوبات بالإنابة عن دول ​الاتحاد الأوروبي​ و​الولايات المتحدة الأميركية​ وجهات عربيّة، تستهدف مَن يعيق تشكيل الحكومة".

وذكر أنّ "الحريري استعاض عن غيابه، بالتواصل مع أبرز المكوّنات السياسيّة المعنيّة ب​تأليف الحكومة​، وعلى رأسها رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، وقال إنّه لا مانع لديه في أن يقطع في أيّ لحظة زيارته للإمارات، في حال أنّ رئيس الجمهوريّة أبدى استعداده لملاقاته في منتصف الطريق، والتعاون معه لإسقاط الشروط الّتي تؤخّر ولادة الحكومة".

وسأل المصدر "ما إذا كان عون قد اتّخذ قراره بالتعاون مع الحريري، لتهيئة الظروف الّتي تدفع باتجاه تزخيم المشاورات للإفراج عن التشكيلة الوزاريّة بإنهاء فترة احتجازها القسري، أم أنّه لا يزال يراهن على أن يبادر إلى الاعتذار عن تأليفها، على الرغم من أنّه يدرك سلفًا أنّ رهانه هو من سابع المستحيلات؟".

ورأى أنّ "الرئيس عون، وإن كان يبلغ بعض الوسطاء بأنّه لم يطلب الثلث الضامن في الحكومة لنفسه، فإنّه في المقابل يصرّ عليه، وإلّا ما الجدوى من المطالبة به كما ورد في الجداول الّتي أرسلها للحريري، لإعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والقوى السياسيّة؟"، مشيرًا إلى أنّ "عون يسعى جاهدًا لتمرير رسائل إعلاميّة، وتحديدًا ل​فرنسا​، بخلاف تمسّكه بالثلث الضامن، لاعتقاده أنّه يحقّق مبتغاه في الالتفاف على الضغوط الفرنسيّة واستيعابها لتوفير الحماية السياسيّة لباسيل".

وكشف أنّ "أحدًا من المعنيّين لم يتبلغ رسميًّا من عون بأنّه ليس في وارد الإصرار على الثلث الضامن"، مركّزًا على أنّ "برّي على استعداد للتحرّك، في حال أيقن أنّ رئيس الجمهوريّة تخلّى بملء إرادته عن هذا الثلث، وإلّا لن يقحم نفسه في مغامرة محسوبة النتائج سلفًا". ووَجد أنّ "الحريري يبدي مرونةً، ولن يمانع بتوسيع الحكومة، ومن حقّه أن يشترط تخلّي عون بالملموس عن الثلث الضامن، ليكون ذلك مدخلًا للبحث في إعادة توزيع الحقائب، بالتلازم مع إيجاد تسوية لفضّ النزاع القائم حول حقيبة ​وزارة الداخلية والبلديات​".

إلى ذلك، لفت المصدر إلى أنّ "التسوية يجب أن تبقى تحت سقف الالتزام بالمبادرة الفرنسيّة نصًّا وروحًا، وألّا تفتح الباب أمام تطعيم التشكيلة الوزاريّة بوجوه سياسيّة، وإلّا فإنّ الأزمة ستبقى قائمة، وإنّ الحكومة ستولد معطَّلة، ولن تكون في حاجة لمن يعطّلها من الخارج، وستلقى رفضًا من الداخل و​المجتمع الدولي​".