يبدو أن فترة اللعب على حافة الحاوية قاربت على النهاية، بعد أن بات من المعروف أن قدرة ​المصرف المركزي​ على الإستمرار في الدعم لم تعد تتجاوز الشهر، بإعتراف العديد من القوى السياسية، الأمر الذي بات يتطلب الإسراع في ​تشكيل الحكومة​ العتيدة أو الذهاب إلى قيام حكومة تصريف الأعمال بخطوات كبيرة.

حتى الساعة، لا يبدو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال ​حسان دياب​ في وارد الذهاب إلى تفعيل عملها، فهو عبّر في أكثر من مناسبة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عبّر عن عدم رغبته في الذهاب إلى هذا الخيار، لا سيما إذا لم يحصل على غطاء من المجلس النيابي لذلك.

إنطلاقاً من هنا، بدأت بعض القوى السياسية المحلية في زيادة مستوى الإتهامات التي توجه إلى "​التيار الوطني الحر​"، بالوقوف وراء عرقلة ولادة الحكومة، مستفيدة من الأجواء الدولية، التي طغت في الاسابيع الماضية، التي تصب في خانة دعم موقف رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، عبر الإيحاء بأن الأجواء الإقليمية والدولية باتت مشجعة، لكن المطلوب معالجة ما يطالب به رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، على عكس ما كان عليه الواقع طوال الفترة الماضية، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"النشرة".

ما يجري، يدفع هذه المصادر إلى التأكيد بأن المرحلة المقبلة لن تكون سهلة على الإطلاق، نظراً إلى أن تلك القوى لن تتردد في رفع مستوى التوتر السياسي إلى الحدود القصوى، لدفع رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر" لتقديم تنازلات، مستفيدة من الواقع المالي والإقتصادي الضاغط، خصوصاً إذا ما أعلن ​مصرف لبنان​ عدم قدرته على الإستمرار في سياسة الدعم، بعد تمهيد الأرضية لذلك من خلال التعميم بأن أسباب العرقلة داخلية شخصية فقط لا غير.

في هذا الإطار، كان مصرف لبنان قد وجّه، الاسبوع الماضي، كتاباً إلى وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني حول سياسة الدعم، أكد فيه أن أصبح من الملحّ قيام الحكومة وبشكل سريع، بوضع تصور واضح لسياسة الدعم التي تريد اعتمادها لتضع حداً للهدر الحاصل، الأمر الذي ترى فيه المصادر نفسها حلقة مترابطة بين مجموعة من اللاعبيين المحليين.

في هذا السياق، تشير أوساط سياسية، عبر "النشرة"، إلى أن حصيلة المشاورات والإتصالات الدولية، في الأيام الماضية، أفضت إلى شبه إجماع على تبدّل في مواقف بعض القوى الفاعلة على الساحة المحلّية، لا سيّما ​الولايات المتحدة​، وتلفت إلى أنّ هذا التبدل يصبّ في إتجاه تسهيل ولادة الحكومة العتيدة، بالرغم من من قناعتها بأن الظروف لم تنضج بشكل كامل حتى الآن.

من وجهة نظر هذه الأوساط، التبدل في الموقف الأميركي، الذي يتزامن مع الضغوط الأوروبيّة والمبادرة الروسيّة، قد يساعد في إنضاج التسوية، التي لا تزال تنتظر حسم مسألتين أساسيتين: الأولى هي الموقف السعودي الذي يزال ينتظره رئيس الحكومة المكلّف، بالرغم من أن هناك من يؤكد أنّ شكل الحكومة هو الورقة التي سيقدّمها الحريري إلى الرياض، أما الثانية فهي الخلافات الداخليّة التي لا تزال عالقة عند كيفية معالجة العقد التي تزال قائمة.

في المحصّلة، تجزم الأوساط نفسها بأنّ الأيام المقبلة ستكون حاسمة على هذا الصعيد، خصوصاً إذا ما قرر البعض الذهاب بعيداً في ورقة ​رفع الدعم​ لزيادة الضغوط، وتعرب عن مخاوفها من أن يقود ذلك إلى زيادة مستوى الفوضى القائمة، في حال لم يتمكن الأفرقاء المعنيّون من التوصّل إلى تسوية أو إتّفاق قبل ذلك.