لفت مصدر سياسي واسع الاطلاع إلى ان "الدعوة التي أطلقها نائب رئيس ​المجلس النيابي​، ​إيلي الفرزلي​، لتسليم الجيش ​السلطة​، وتعليق العمل ب​الدستور​ لمرحلة انتقالية ريثما يصار إلى إجراء ​انتخابات​ نيابية لإعادة إنتاج سلطة جديدة، ما هي إلا صرخة موجهة إلى "​التيار الوطني الحر​" لوضع حد لتماديه في الانقلاب على ​القضاء​، وتحميله ​قيادة الجيش​ مسؤولية الخلل الذي أصاب موقف ​لبنان​ الرسمي في مسألة ​ترسيم الحدود​ البحرية في ​جنوب لبنان​، بعد أن وافق ​رئيس الجمهورية​ -بناء على رغبة وكيل ​وزارة الخارجية الأميركية​ للشؤون السياسية ديفيد هيل- على تسهيل معاودة المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية، بتعليق العمل بالتعديلات المقترحة على المرسوم (6433) لزيادة المساحة البحرية للبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة".

وأكد المصدر السياسي لـ"الشرق الأوسط" أن الفرزلي بدعوته هذه أراد التحذير من إمعان "التيار الوطني" في استهداف النظام المصرفي في لبنان، ليس من خلال الحملة المنظمة التي تطال حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ فحسب، وإنما لتمددها باتجاه ​المصارف​ بعد أن اتهمها ​الرئيس ميشال عون​ بتبييض الأموال، وتهريب ودائع المودعين إلى الخارج، ويرى أنه لا يخلط بين استردادهم لودائعهم (وهذا من حقهم) وتقويض النظام المصرفي.

وأشار إلى أن "الفرزلي يتوخى من دعوته وقف الانقلاب الذي يستهدف القضاء والنظام المصرفي، ويحاول في الوقت نفسه رمي المسؤولية على قيادة الجيش في سحب التعديلات المقترحة على المرسوم البحري (6433) من التداول، مع أن ​الرئيس عون​ هو من توافق وهيل على سحبها، من دون معرفة الأسباب الكامنة وراء عدم تمسكه بها، وهذا ما فتح الباب أمام السؤال عن القطبة المخفية وراء استجابته لطلب الموفد الأميركي".

ورأى المصدر نفسه أن الفرزلي يتوجه بدعوته إلى ​الموارنة​، وتحديداً إلى مرجعياتهم السياسية والروحية، محذراً من المضي في الانقلاب على المعادلة الذهبية، المتمثلة بالقضاء وقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان، ومن خلالها النظام المصرفي الذي يقف على رأسه رجال أعمال جلهم من ​الطوائف​ المسيحية، ويؤكد أن هذه المواقع الثلاثة التي يشغلها الموارنة تشكل العمود الفقري للنظام اللبناني الذي يميزه عن أنظمة معظم دول الجوار، وبالتالي من غير الجائز السكوت على الانقلاب المنظم الذي يؤدي إلى تقويضه، ويفقد الموارنة الدور الريادي في الحفاظ عليه.

وأوضح المصدر أن"13 تشرين الأول" من الوجهة السياسية هذه المرة لا تشبه سابقتها، ويراد منها الضغط على عون لإسقاط شروطه التي تؤخر ​تشكيل الحكومة​ العتيدة، لوقف الانهيار ومنع سقوط لبنان في الفوضى، بالاعتماد على المبادرة الفرنسية لإنقاذه، من دون إخضاعها إلى أي تعديل، خصوصاً أن الظروف التي كانت وراء إبعاد عون عن ​بعبدا​ لم تعد قائمة، لغياب كل أشكال الانقسام المذهبي والطائفي من جهة، وانعدام الحروب التي رسمت في حينها عشرات خطوط التماس بين المناطق اللبنانية.