وصل ال​لبنان​يون إلى مرحلة سئموا فيها من الوعود بشأن حل سياسي-إقتصادي مرتقب. لم تعد الأسئلة تدور حول مشاريع التسويات الداخلية أو الخارجية، بقدر ما بات الإهتمام ينحصر بملفات المعيشة وكيفية تلبية متطلبات الحياة وتأمين الأولويات. رغم أنّ العناوين السياسية هي التي تحدّد مسار تلك التفاصيل: لو جرى تأليف ​حكومة​، لكانت وضعت برنامجاً إصلاحياً لنيل البلد الأموال اللازمة منعاً للإنهيار القائم حالياً.

يستند تشاؤم اللبنانيين وعدم إكتراث معظمهم بما يُحكى عن حلول مرتقبة إلى تجارب المبادرات التي سقطت أو جُمدت، وأهمها المبادرة الفرنسية التي لا يعرف اللبنانيون مصيرها: هل تترقب ظروفاً لبنانية مناسبة؟ وهل ترتبط بمسار التسويات الإقليمية المُحتملة؟ لا أحد يملك جواباً جازماً، سوى تحليلات باتت أقرب إلى تمنيات أو وجهات نظر.

لكن يوجد سيناريوهان مرتقبان: إمّا أن هناك قراراً بفرط تركيبة لبنان لبناء نظام جديد على أنقاض التركيبة الحالية، وإمّا أنّ هناك قراراً للتدخل في اللحظة الحاسمة التي تمنع فرط البلد، وهي لم تحن لغاية الساعة. صحيح أنّ اللبنانيين يعيشون أخطر أنواع الأزمات، لكن هناك قدرة لا تزال متوافرة في الصمود لبعض الوقت.

يقول أصحاب الرأي الأول أنّ كل مجريات الأزمة اللبنانية القائمة، في ظل غياب الضغوط الدولية الإيجابية المعطوفة على حسابات قوى محلية، توحي بأن قرار الفرط قائم. بينما يرى أصحاب الرأي الآخر أن العواصم المعنية بلبنان تراقب أوضاعه، وهي ستتدخل عند اللزوم.

ينقسم اللبنانيون بين الرأيين-السيناريوهين، من دون إستطاعة أي فريق إقناع الآخر، لعدم وجود أدلة عملية. لكن ثمة معلومات تتحدث عن دور يقوم به ​الفاتيكان​ لتجنيب اللبنانيين مزيداً من تداعيات الأزمة. وبالفعل، هذا ما يلمسه كلّ مطّلع على المساعي البابوية التي لا تقتصر على العظات والدعوات، بل هناك رغبة حقيقية صادقة في دوائر الفاتيكان لمؤازرة اللبنانيين في المحنة الحالية. تخشى روما من هجرة المسيحيين من بلد يشكّل ركيزة للمسيحية في الشرق. تنطلق المخاوف من واقع لبناني مأساوي: لو فتحت السفارات أبوابها لكان تسابق اللبنانيون في طلب تأشيرات الخروج من البلد نهائياً، بعدما بات الدخل متدنّياً إلى حد غير مسبوق، خصوصاً أن اللبنانيين اعتادوا على الإنفلاش المجتمعي.

هل تنجح مساعي الفاتيكان بشأن لبنان؟ للبابوية مكانة معنوية في العالم، وهي قادرة على جعل لبنان أولوية، خصوصاً أن العواصم لا تمارس ضغوطاً لفرض حلّ لبناني، بل تكتفي بالتمنيات وتكرار الرغبات بولادة حكومة لبنانية سريعة.

وعليه، سينتظر اللبنانيون خطوات عمليّة لحراك دولي مُحتمل بقوة الدفع الفاتيكاني، أو ترقّب مسار المفاوضات الإيرانية-الأميركية الآتية وإنعكاس نتائجها على لبنان. مما يعني أنّ لبنان هو في مساحة الإنتظار غير الطويل. لكن المخاطر هي شديدة بفعل واقع إقتصادي قد يؤدّي الى فوضى خلال أسابيع، استناداً إلى العوز والقلّة واستمرار الخلافات السياسية.