لفتت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائبة ستريدا جعجع، بعد لقائها على رأس وفد من التكتّل، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في بكركي، إلى "أنّنا نعود اليوم إلى بكركي، ونحن لم نغادرها ولو للحظة واحدة قلبًا وروحًا وعقلًا".
وأشارت إلى "أنّنا قد جئنا لزيارة غبطة البطريرك الراعي هنا في هذا الصرح الوطني التاريخي، لأنّنا ما اعتدنا سوى الوقوف دائمًا وأبدًا خلف قناعاتنا"، مبيّنةً أنّ "هذا الصرح لعب على مرّ الزمان أدوارًا وطنيّةً أساسيّةً حُفرت في عمق التاريخ اللبناني، لا بل أكثر من ذلك لقد حدّدت مسار تاريخ هذا الوطن، وكان من شأنها ليس الحفاظ عليه فحسب، وإنّما بلورة لبنان الكيان وطن الرسالة بحسب البابا بولس الثاني".
وتساءلت جعجع: "هل ننسى تمسُّك هذا الصرح الوطني في تسعينيّات القرن الماضي بـ"اتفاق الطائف"، بعد انتهاء الحرب الأهلية؟"، موضحةً "أنّنا عبّرنا للراعي عن تأييدنا الكامل لكلّ ما يقوم به من مساعٍ، وبشكل مستمر، من أجل محاولة إنقاذ لبنان ممّا يتخبّط فيه، خصوصًا لناحية الصرخة الّتي أطلقها لرفع اليد عن الدولة وتحريرها، كما دعوته إلى الحياد".
وأكّدت أنّ "هذا الحياد الّذي لا إنقاذ للبنان إلّا عبره، فوطننا بلد صغير يقع وسط منطقة ملتهبة، وكان من غير الحكمة أبدًا زجّه في أتون نار هذه المنطقة وصراعاتها، الأمر الّذي أدّى إلى عزله تمامًا عن محيطه العربي وأصدقائه الدوليّين"، مركّزةً على أنّ "زجّ لبنان في الأتون الإقليمي، إلى جانب الفساد المستشري وسوء إدارة الدولة، ساهم أيضًا في الوصول إلى الأزمة الاقتصاديّة المعيشيّة المستفحلة في البلاد منذ عامين، الّتي ينوء تحت ثقلها جميع اللبنانيّين أيًّا تكن انتماءاتهم بلا استثناء".
كما ذكّرت بأنّ "ثمانية أشهرٍ مرّت على جريمة انفجار مرفأ بيروت، فهل يعقل ألّا تتوصّل بعد التحقيقات المحليّة إلى أي نتيجة؟"، مجدّدةً التأكيد "أنّنا كـ"حزب قوات لبنانية" لن نقبل بأن تُطوى صفحة الانفجار بالتمييع ومع مرور الزمن، ولا ثقة لدينا بالتحقيقات المحليّة الحاصلة، وهذا ما عبّرنا عنه منذ اللحظة الأولى لوقوع الجريمة النكراء؛ لأنّنا ندرك أنّها لن تصل إلى نتيجة في ظلّ تركيبة السلطة القائمة".
وبيّنت جعجع "أنّنا حاولنا جاهدين، وقمنا بكلّ ما هو ممكن، للدفع باتجاه لجنة تقصّي حقائق دوليّة في هذه الجريمة، ولن تكون آخر محاولاتنا هي العريضة النيابيّة الّتي وقّعنا عليها في "الجمهوريّة القويّة"، والّتي سلّمناها لمكتب الأمين العام للأمم المتحدة، لأنّنا مستمرّون في النضال حتّى الوصول إلى الحقيقة".
أمّا بالنسبة لموضوع ترسيم الحدود البحرية، فأفادت بأنّ "موقفنا هو خلف موقف اللجنة الفنيّة التقنيّة الرسميّة في المؤسسة العسكرية المولجة بهذا الملف، ومن الواجب تحصين مؤسّسة الجيش اللبناني وتحييدها عن كلّ الصراعات السياسيّة والداخليّة، ودعمها ماديًّا ومعنويًّا".
إلى ذلك، شدّدت على "أنّنا ندرك أنّ ما من أمل مرجو من أيّ حكومة تُشكَّل في ظلّ الأكثريّة الحاكمة، ولهذا السبب نحن كـ"قوّات" غير مهتمّين بموضوع التأليف، لأنّه حتّى لو تشكّلت الحكومة، ستكون نسخةً طبق الأصل عن الّتي سبقتها، ما يعني أنّ أوضاع البلاد لن تتحسّن؛ لأنّ الإصلاح الحقيقي ليس متاحًا مع هذه الأكثريّة". وأشارت إلى أنّ "الحل هو بإعادة إنتاج السلطة، من أجل رفع يد هذه الأكثرية النيابية عن البلاد، بعد النتائج الكارثيةّ الّتي أوصلتنا إليها، الأمر الّذي سيفسح المجال أمام الأكثريّة الجديدة لتحقيق الإصلاح المطلوب وبالتالي الإنقاذ".
وجزمت جعجع أنّ "لا مجال لتحقيق كلّ ذلك، سوى عبر الخطوة العمليّة الوحيدة المتاحة وهي الانتخابات النيابية المبكرة"، موجّهةً نداءً إلى تكتل "لبنان القوي"، لأن "يبادر إلى التنسيق معنا في تكتّل "الجمهوريّة القويّة" للاستقالة جميعًا من مجلس النواب، الأمر الّذي من شأنه أن يفقد هذا المجلس ميثاقيّته؛ وبالتالي الذهاب نحو انتخاباتٍ مبكرة". ولفتت إلى أنّ "هذه المبادرة قمنا بها منذ 8 أشهر بعد انفجار المرفأ، مع "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، ولكن لسوء لم نلقَ نتيجةً. وبعد 8 أشهر، أصبح اللبناني تحت الحضيض، ونتمنّى أن يأخذ "لبنان القوي" المبادرة".
كما أكّدت أنّ "بالرغم من كلّ هذه المصاعب الّتي نعيشها اليوم ونحاول مواجهتها في الوقت الراهن، أريد أن أوجه نداءً لجميع اللبنانيّين، لأطلب منهم ألّا يدعوا شيئًا يزعزع إيمانهم بوطنهم"، مركّزةً على أنّ "في أوقات الصعاب والمحن والأزمات، علينا جميعًا أن نتجذّر أكثر في أرضنا ونتمسّك بها، وألّا نفقد الأمل، وتاريخنا شاهد على أنّ لا شدّة تدوم وأنّ بعد كلّ ظلام نورًا".