بعد تأخير دام لأكثر من 5 أشهر عاد مشروع ترشيد الدعم إلى الواجهة مترافقاً مع الحديث عن ​البطاقة التمويلية​، علماً أن هذا التأخير تسبّب بضياع "الدولارات" من ​المصرف المركزي​، وطرق باب الإحتياطي الإلزامي مع أن هناك من يتحدّث عن بدء صرف الأموال منه، فهل يمكن لهذا المشروع أن ينجح؟.

تحدّث رئيس حكومة تصريف الاعمال ​حسان دياب​ عن 750 ألف عائلة ستنال البطاقة التمويلية التي ستكون عبارة عن مبلغ مالي شهري لكل عائلة يتراوح بين مليون ليرة و3 مليون ليرة بحسب عدد أفراد الأسرة، على أن الكلفة السنوية لهذه البطاقة ستصل إلى حدود مليار و380 مليون دولار. وهنا تُشير مصادر مطّلعة إلى أن هذه المبالغ غير متوفرة، و​لبنان​ لا يزال يبحث عن طريقة للتمويل، من الداخل والخارج؟.

وتضيف المصادر: "بالشكل يبدو مشروع البطاقة التمويلية ممتازاً، ولكن في المضمون، إلى جانب صعوبة تأمين هذه الاموال لتمويلها، فإن البطاقة ستكون بيد سلطة سياسية توزعها بحسب أهوائها، لذلك ستتحول البطاقة إلى "مال انتخابي" غير مباشر، خاصة أن الأحزاب تعاني من شحّ بالأموال على أبواب الإنتخابات"، مشيرة إلى أن البطاقة لن تصل للعائلات التي تحتاجها وفق غياب آلية واضحة وشفافة لتوزيعها على مستحقيها، وغياب أي عملية إحصاء حقيقية في هذا الإطار.

وهذا ليس كل شيء، فالبطاقة بحال وصلت إلى العائلات التي تستحقها، فهي لن تكفيها لتأمين احتياجاتها الأساسية، إذ تكشف المصادر أن الأفكار حول فكرة ​رفع الدعم​ مخيفة للغاية، إذ أن المطروح هو تخفيض دعم مادة ​البنزين​ إلى حدود الـ15 بالمئة، وبالتالي فإن صفيحة البنزين التي يبلغ سعرها اليوم 38000 ألف ليرة، سيصبح بعد تخفيض الدعم حوالي 113 ألف ليرة لبنانية، هذا بشرط عدم ارتفاع أسعار النفط عالمياً وهو المرجّح حصوله على وقع التسويات، وعدم ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء لان التجار سيعمدون على زيادة الطلب على دولارات السوق السوداء، فهل يمكن للموظف الوصول إلى عمله يومياً، بحال كان بحاجة إلى صفيحتي بنزين أسبوعياً، أي ما تكلفته حوالي 900 ألف ليرة شهرياً؟.

كذلك يتم التداول بفكرة تخفيض دعم ​الأدوية​ إلى النصف، ورفع الدعم نهائياً عن السلع الغذائيّة، ما يعني أن فاتورة الدواء لكل مواطن ستتضاعف، وفاتورة الغذاء سترتفع لأضعاف، وتُشير المصادر إلى أن البطاقة التمويلية قد تكون قادرة على شراء الغذاء للعائلة، ولكن من يتحمل كلفة العيش، وكيف تشتري العائلة الثياب، والدواء، وكيف تُسجّل أبنائها في ​المدارس​؟ علماً أن رفع الدعم سيرفع أسعار كل السلع والخدمات، حتى تلك التي لم تكن مدعومة، وطبعاً كل ذلك بغياب الحسيب والرقيب.

تعتبر المصادر عبر "النشرة" أنّ ترشيد الدعم وفكرة البطاقة سيرفعان سعر صرف الدولار في السوق، فإن كان صحيحاً ما يُقال عن أن البطاقة ستضخ في السوق ما يزيد عن مليار دولار سنوياً، إلا أنه في بلد كلبنان ستتحول هذه الدولارات إلى جيوب المضاربين والصيارفة و​المصارف​ والتجار الكبار، وسيدفع المواطن الثمن مجدّداً.

3 مليون و200 ألف ليرة لبنانية هو المبلغ الذي تحتاجه العائلة حالياً للعيش بالحدّ الأدنى في لبنان، و20 مليون هو المبلغ الذي ستحتاجه بعد رفع الدعم، فهل تكفي البطاقة التمويلية؟.